فى موكب مهيب على رأسه الشيخ عبدالرحمن أبوالحسن، شيخ علماء المسلمين ببورسعيد، وقاضى وأعيان المدينة الباسلة، تتقدمه الموسيقى ويحيط به أبناء المدينة كان الافتتاح الكبير لمسجد التراويح الأقدم فى بورسعيد «المسجد التوفيقى». منذ عام 1882 ترتفع مآذن المسجد التوفيقى فى بورسعيد لتنادى فى كل صلاة بأذان يحفظه أهل المدينة عن ظهر قلب، ومع موعد التراويح تبدأ الصفوف فى الانتظام لتحتل ساحة المسجد وتتعداها إلى المنطقة المحيطة به. روحانيات خاصة تحيطك بمجرد دخول المسجد.. من جدرانه تنساب رائحة تاريخ من الكفاح والنضال الذى طالما احتضنه منذ وضع أساسه للمرة الأولى عام 1860، وتحديدا حينما قامت شركة قناة السويس باستقدام العمال المصريين لحفر القناة، وأقامت لهم مسجدا فى قرية العرب، وكان مجرد شونة للأغلال وعليها مئذنة، ليكون المسجد مركزا لنضال شعب المدينة الباسلة ضد العدوان الثلاثى، ومركز المسيرات التى تطالب بالحرية منذ الاحتلال الإنجليزى وحتى 25 يناير. بعد ثمانية أعوام بدأت محافظة بورسعيد الاهتمام بالمسجد بشكل خاص، وبعد مطالب واسعة من أهل المدينة صدرت تعليمات فى يونيو عام 1869 بإنشاء المسجد على نفقة الحكومة المصرية، ولكنه القرار الذى ظل مؤجلا، حتى زيارة الخديو توفيق لبورسعيد عام 1881، ورؤيته لمسجد القرية والصعوبة والمشقة التى يتحملها المصلون للوصول إليه، ولذلك أصدر قراره ببناء المسجد بشكل كامل وإنشاء مدرسة ملحقة به لتربية الأطفال، ليتم تأسيس المسجد التوفيقى بتفاصيله التى نعرفها الآن. تراويح المسجد التوفيقى هى التراويح الأقدم فى المدينة الباسلة، فحتى قبل بناء المسجد بشكل كامل ومنذ كان شونة للغلال فوقها مئذنة، كان له مكانته الخاصة فى قلوب أهل بورسعيد، وحتى بعد وفاة خطيب المسجد عام 1878 لم ينتظر أهل بورسعيد تعيين إمام جديد من الأوقاف حتى لا تتعطل الصلوات، واجتمع قاضى قضاة بورسعيد، وعمد ووجهاء قرية العرب واختاروا الشيخ عبدالرحمن أبى الحسن لهذه الوظيفة لما تميز به من سعة العلم وحسن الخلق وقدرته على الخطابة وإرشاد المسلمين لأمور دينهم وأحكامه.