السيسى بين الحلم والواقع.. تخيلوا معى لو أن هذا الرجل يحكم منذ سنوات؟ ماذا سيفعل صاحب الحلم فى كابوس الواقع؟ مفيش رئيس ممكن ينجح لوحده.. لازم يكون أصلا فى شعب عاوز ينجح

أول مرة قابلت الرئيس السيسى كان قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية وسألته كيف ستغير هذا الواقع، نقص إمكانيات ونقص وعى وتحديات أمنية؟ قال لى بالإرادة والعزيمة وبالمصريين.. فى اللحظة دى خرجت مش مقتنع أوى بالكلام لأنى ما شوفتش منهج له معالم واضحة، لكن كنت مقتنعا بالصدق لأن الرجل للأمانة يتكلم بصدق يصل إلى أى متلقى، وأصبح بداخلى صراع أن أؤمن أن الصدق والعزيمة قبل المنهج سيصبحان عنصرا للتقدم.
وبدأ الرئيس فى تولى منصبه وكانت لمصداقيته دافع فى اتخاذ قرارات يصعب على رئيس جديد اتخاذها مثل رفع جزء كبير من الدعم، وأيضا دعوة المواطنين لدفع تكاليف حفر وإنشاء قناة السويس الجديدة فى صورة شهادات استثمار وكذلك التبرع لصندوق تحيا مصر
بالورقة والقلم والوقت، لا يملك رئيس جديد الدخول فى مثل هذه الموضوعات، لكن اعتمد السيسى على شعبيته فى النجاح فى ذلك
لكن يوما بعد يوم وعندما أرى الرئيس بعد مرور وقت من توليه المنصب أشعر بأن الواقع الأليم بدأ يظهر فى ملامح وجهه مع عدم غياب العزيمة والصدق اللذين لم يقلا أبدا عن اليوم الأول.
لكن هناك أسئلة لابد أن نجيب عنها جميعا أى رئيس ده وأى حكومة دى اللى تقدر فى سنة أو اتنين تحل مشاكل ورثناها فى ستين سنة؟
وبعدين بلد دخلها عشرة دولارات - مثلا - ومطلوب منها بس عشان تعيش عشرين دولارا - وعندها خدمة دين خمسة دولارات ودعم خمسة كمان - يبقى كل يوم عندها عجز مستمر لا ينقطع، أضف بقى وعى ناقص عند كتير من الناس متمثل فى جهل وفساد وقلة ضمير إلى جانب التحدى الأكبر وهو إرهاب بيهد أى بناء بتحاول تبنيه.
ده المشهد باختصار وهو كفيل بإحباط أى حد، لكن الحقيقة يبدو أن السيسى وخلفه هذه الشعبية الضخمة التاريخية وخلفه المؤسسة العسكرية - وبس - الظاهر كده أنه يملك إرادة وعزيمة قد تعوض غياب المنهج المحدد بدقة وأنه معتمد على أن عودة الانضباط سيحقق وفرا كبيرا فى هدر كان موجودا على مدار سنوات، وأن الغرض مش إنك تبين للناس إنك بتشتغل الغرض إنك تحل المشكلة فعلا.
نظرية رشوة الناس وتسكين آلامهم من أجل البقاء فى المنصب ليست فى حسابات السيسى لأن البقاء فى المنصب نفسه ليس فى حساباته لقد قرر الرجل وبشجاعة يحسد عليها الخوض فى قاع المجتمع بكل مشاكله وعلى رأيه: فين ما تحط إيدك هتلاقى مشاكل، لكن لو فكرت أن لو الرجل ده ما كانش عنده مشاكل إرهاب وقرف الإخوان طوال الثلاث سنوات الماضية تقول إنه كان هينجح أكتر لأن فى ظواهر نجاح بانت بناء على عمل حقيقى، بس الحقيقة ما فيش رئيس ممكن ينجح لوحده لازم يكون أصلا فى شعب عاوز ينجح، لكن تقدر تقول العجلة دارت وروح جديدة فى الدولة موجودة والحديث عن أدق التفاصيل من رئيس الدولة وفهم حقيقى للمشاكل المصرية وإرادة يصاحبها عمل هى الآن نهج الحكم فى مصر مع طهارة يد يشهد لها الصغير قبل الكبير.
بالأمس كنت أنظر للرئيس السيسى وهو يتحدث إلينا فى إفطار جمع عددا من الإعلاميين وأصحاب الرأى ورجال الأعمال وكنت أسأل نفسى لو سنة 2005 الراجل ده كان رئيس الدولة ياترى كان حال بلدنا دلوقتى شكله إيه؟؟ فكروا فى الإجابة هتعرفوا إننا تأخرنا كتير ومعندناش وقت تانى نضيعه.
أن اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ
خالد أبوبكر والرئيس عبد الفتاح السيسى