فى الآونة الأخيرة أصبح القلق والخوف من فشل الزواج يسيطر على الكثير من الشباب والشابات نتيجة لما يسمعونه ويشاهدونه من الخلافات والمشاحنات الزوجية، ما دفع البعض لتأجيل فكرة الزواج والبعض الآخر لرفض الفكرة من الأساس باعتباره منظومة اجتماعية فاشلة، فما الأسباب؟ وكيف يمكن علاج هذه الظاهرة؟ وكيف نغيير النظرة السلبية عن الزواج بصورة أكثر إيجابية؟ عادة يكون الإنسان فكره ورؤيته من خلال التجارب والخبرات التى يمر بها، والانطباع السيئ عن الزواج نتيجة لكثرة المشاحنات التى تحدث بين الأب والأم، وعدم قدرتهما على التفاهم، وتكرار أن الزواج مستمر فقط مراعاة للأبناء، والملل والرتابة التى تسيطر على الحياة الزوجية، والخوف من تحمل المسئولية بالإضافة إلى عدم قدرة الشباب على تخيل أو تحمل فكرة الخلافات والتوترات وخشية تكرار ما يسمعون عنه والقصص التى أصبحت تروى عن الزواج، والتى تؤكدها لهم الصورة التى أصبح عليها غالبية الأزواج حين يتواجدون فى مناسبة عائلية أو مكان عام لا يوجد بينهما حوار وكل منهما ينظر فى اتجاه عكس الآخر، وفقدان الاهتمام، والشكوى والمشاكل الدائمة وأحيانًا السخرية من الطرف الآخر دون مراعاة لقواعد الذوق مع الحرص على مجاملة الآخرين على مرأى ومسمع من الأبناء، والتفكك الأسرى والمعاناة التى تصل إلى الطلاق وأحيانًا إلى ساحات المحاكم فتتحول المودة والرحمة إلى الرغبة فى الانتقام والتلاسن بينهما، كلها عوامل تدفع المقبلين على الزواج للتراجع عنه أو تأجيله. كل ما سبق مظاهر تعكس صورة سلبية تكونت فى ذهن الشباب ويغذيها كثرة الخبرات التى يشاهدونها ويسمعون عنها فتنمو وتتطور وتتضخم فى عقلهم الباطن وتؤكد الفكرة التى تكونت لديهم دون أن يصححها لهم أحد، وكلها عوامل تسبب الخوف من تكرار نفس التجربة والوصول لنفس النتيجة. حل هذه المشكلة فى الوعى بمفهوم مؤسسة الزواج باعتباره عقد شراكة بين طرفين كل طرف عليه مسئوليات والتزامات وواجبات لابد أن يؤديها وله حقوق يجب أن يحصل عليها، فنحن كبشر نختلف فيما بيننا وليس كل زوجين متشابهين، بل كل منهما له أسلوبه فى التفكير ونظرته الخاصة به فى الحياة، فالحياة الزوجية قائمة على التعاون والمشاركة وأن يعرف كل طرف أنه مختلف عن الطرف الآخر فى التفكير والذوق والقيم والتنشئة الاجتماعية، وأن العلاقة بينهما علاقة شراكة قائمة على التعاون وتبنى كل طرف لوجهة نظر الطرف الآخر وأن الاختلاف لا يجب أن يؤدى بهما إلى الخلاف. الزواج فن له أسسه ومبادئه التى تصنع منه زواجًا ناجحًا، فهو ليس حربًا، من منهما سيفوز على الآخر، فى العلاقة الزوجية الفائز سيكون خاسرًا لأنه تسبب فى تعاسة شريك حياته، فالزواج أساسه السكن والمودة والرحمة، ومن يفشل هو من يرفض أن يخوض التجربة من أساسها ويكتفى بما يسمعه أو يراه دون أن يجرب بنفسه ويحكم من خلال خبرته هو وليس خبرة الأخرين، ومن غير المنطقى أن نحكم على شىء دون أن نجربه بأنفسنا حتى نكون وجهة نظر سليمة.