تبني الأمم والمجتمعات بسواعد أبنائها، الذين يحملون علي أكتافهم ازدهار وتقدم بلادهم. وإذا لم تكن تلك السواعد تتحلي بصفات الوطنية ومحاسن الأخلاق، فإن مآلها لا محالة إلي التخلف والانحطاط، وهذه نتيجة لا مفر منها حين تتعرض المجتمعات إلي فقدان الأخلاق والوطنية. فإن الأخلاق عماد بناء المجتمعات، والأمة التى تفتقر للأخلاق، وتفتقد للوطنية فى سلوكيات أفرادها، لا تنتظر منها أن تسود وترتفع، بل أن تهوي وتسقط فى رذائل الأمم، فى مستنقعات التخلف والتفكك والفساد. أما قول الشاعر : إنما الأمم بالأخلاق مابقيت فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا قد رددناه مرارًا وتكرارًا وحفظناه فى كل محفل ومؤتمر وندوة، وقرأناه فى مناهجنا الدراسية، ولكن دون أن نحرك ساكنا فى النهوض بالمجتمع، وإعادة المعايير الاجتماعية لنصابها. فإن الأخلاق التى تظهر سماتها علي سلوك الأفراد فى تعاملاتهم، وبرامج حياتهم وتفاعلهم مع الآخرين، وقبل هذا فى صدقهم مع ذاتهم فى كل الواجبات المنوطة بهم، هى التى تبنى المجتمعات وتأخذ بيدها إلي الرقى والتطور، وذلك لأن صفات الأمانة والإخلاص والعطاء والصدق ستكون الغالبة علي سلوكياتهم، وهى جل ما تحتاجه المجتمعات لرقيها ونهضتها. إن الرؤية المستقبلية لنهضة مصر، لابد أن تراعي فى خططها الاهتمام بغرس الأخلاق الحميدة فى سلوكيات الفرد المواطن منذ صغره، وحثه علي التحلى بصفات الصدق والإخلاص والعطاء والأمانة، والتشبه بكل فضيلة تشرفه فى مجتمعه، حتي يشب مواطنًا صالحًا يجنى المجتمع منه ثمار غرسه لتلك المبادئ، ويعود بالنفع علي مجتمعه ومن حوله ممن سيقتدون بسلوكه ويكون شعلة تضىء لمن حوله فى المجتمع.