الابتسامة المحفورة في وجهها دائما تحكي عن بنت قررت الاختيار حينما سلبت منها الحياة كل الحقوق، وصنعت من وحشة اليتم ومن جحيم دور الأيتام حياة خاصة، وشقت لنفسها طريقا نحو حياة سعيدة وناجحة. نهلة النمر فتاة ذهبت لدار الأيتام وعمرها عامين، تحكي أن دارها مثل كل دور الأيتام، حياة صعبة وعدد كبير من الأطفال، تتعرض للضرب باستمرار، وحصلت على تربية تصفها بطريقة مهذبة "لم تكن صحيحة". تقول: في وقت مبكر اكتشفت أن مشكلتنا الأكبر أننا لا نختار أي شيء لأنفسنا، ولكن كان هناك يوم فارق أثناء عودتي من رحلة وواحدة من أخوتي ذهبت تخبر المسئولة أن أختنا الاخرى نجحت في المدرسة وتسألها ماذا سنفعل، وكانت إجابة المسئولة "هتدخل تمريض زي إخواتها"، وهنا كان لدي أسئلة كثيرة، كيف لم تنظر لها من الأصل قبل أن تجيب، لم تسألها قبل أن تقرر مصيرها، لم تر حتى إن كانت ستوافق على قرارها أم لا، والأهم أن أحدا لم يعترض أو يتعجب، ويومها قررت أنني حينما أكبر سأختار حياتي، لن أدع أحدا يرسمها لي. نهلة لم تقرر فقط التفوق، ولم تكتف بأن تصبح الأولى على مدرستها، بل كانت الأولى على منطقتها التعليمية بالكامل حتى حصلت على الإعدادية، ويومها وجدت الجميع يرفض فكرة أن تدخل الثانوية العامة. تقول ذات ال31 عاما: كانت تلك بوابة غير مسموح لنا بفتحها، هي سقف للطموح لا يمكن بلوغه، كان وقتها عمري 15 عاما وذهبت وحدي للمدرسة سحبت ملفي وقدمت بنفسي في مدرسة للثانوية العامة، وحينما عدت للدار وجدت الإدارة مجتمعة لتقرر مصيري فأخبرتهم أنني اخترت لنفسي وأن ورقي في الثانوية العامة التي لم تدخلها أي من فتيات الدار من قبل. لم تكن تلك هي المشكلة الوحيدة، الواقع أن خارج الدار المعركة أصعب تقول نهلة "المجتمع يعامل اليتيم الذي تربى في دار أيتام على أنه درجة ثانية من البشر" ولكن مع مرور السنوات اكتشفت أن هناك مشكلة أكبر من كل ذلك "نحن انفسنا كأيتام نختفي ونهرب إما بالانطواء وإما بإخفاء حياتنا وماضينا في الدور". نهلة الآن تخرجت في معهد وعملت في شركات ناجحة وتطوعت في جمعيات دعم الأيتام بعدما حصلت على مؤهل خاص عن كيفية تأهيل الأطفال الأيتام من جانب وعن تأهيل الزائرين للتعامل مع الأيتام من جانب آخر، وتشير إلي أنها دائما ما تخرج وتتحدث للناس عن النجاح الذي يمكن أن يحققه يتيم في دار أيتام، وعن المعاناة التي يعيشها هؤلاء الأطفال في محاولة منها لتغييرها وتغيير نظرة المجتمع لليتيم الذي يعيش في دور أيتام والتي حكمت الظروف عليه بالعيش هناك. نهلة في أحدى الفعاليات نهلة مع الأطفال الأيتام خطة عمل تقوم بها نهلة مع فريق عمل السر في الابتسامة