الحق فى صحة أفضل والحق فى الدواء حق متساو للجميع، أمل يحلم به أصحاب الأمراض المزمنة والمستعصية والمعدية. هذا الحق كفله القانون وصاغته الدساتير، وحافظت عليه العهود والمواثيق الدولية، لذا فأمل الشفاء أمل قائم فى كل لحظة ويتجدد مع كل جديد فى عالم المعرفة الصحية، لا يوجد نشاط يدب على الكرة الأرضية إلا بسبب البحث العلمى، ولهذا تجتهد الدول وترصد المليارات ويعمل الباحثون والأجهزة الاستخباراتية فى معرفة علم الأمراض وطرق التعامل معها والشفاء منها. يعود الفضل فى هذا العلم للعالم الروسى الكسندر مكسيمس فى منتصف الستينيات الذى أطلق عليها الخلايا المكونة للدم ثم أطلق عليها الخلايا الجذعية، ويقصد به أن جسم الإنسان كالشجرة ذات الجذور، لذا فإن جسم الإنسان هو الأساس. الأمريكى جيمس تومسون البروفسير الأشهر فى عالم الخلايا الجذعية لم يكن يعلم وهو يعلن عن هذا «الأمل» القادم للبشرية فى 1972أن على أصحاب الأمراض المزمنة والأورام والفيروسات أن يتفاءلوا لأن العلاج أصبح قريبا فقط ببعض الأبحاث الطويلة وأن هذه الأبحاث ستقلب العالم رأسا على عقب، خاصة بعد أول عملية أجريت لحفظ الخلايا الجذعية فى 1974. وقد أعطى هذا الأمل للملايين حول العالم فى الشفاء الكامل بدون أى آثار جانبية مثل سائر الأدوية الكيميائية، فدخل المعهد الأمريكى للصحة (NIH) على الخط وأجاز استخدام الخلايا الجذعية الجنينية البشرية لأغراض البحث العلمى فقط وبمعرفة المرضى فى يناير 1998، ثم وافق مجلس العموم البريطانى على أولى التجارب وكانت سنة 1999على مرضى الشلل الرعاش أو (Parkinson) ومن هنا بدأ الأمل يلوح فى الأفق. لكن هناك دائما من يبحث عن أشياء أخرى كالأرباح ويجد فى المرضى التعساء ضالته لهذا الغرض الوضيع، فذهب بعض من ملائكة الرحمة فى مصر ليعملوا سماسرة للموت وتجارا للآلام، فدغدغوا عواطف المرضى بأن (الأبحاث) أصبحت (علاجا) للسكرى والعقم والهيموفليا والروماتويد وزرع الشعر الذى تخصصت فيه للأسف 8 إخصائيات وأطباء وخبراء تجميل للنصب على المواطنين، مستغلين نوما عميقا ل«الصحة» التى انشغل مسؤولوها بملفات شركات الأدوية وبافتتاح مصانع الأدوية الخاصة فقط؟ لم يكتف هؤلاء بهذا الأمر بل عملوا كوكلاء للعملاء الدوليين الآخرين يمدونهم بالمرضى أو الخلايا نفسها ويضعون المريض المصرى كفأر تجارب فأرسلوه إلى الصين أو أوكرانيا أو ألمانيا. ستظل دائما أبحاث الخلايا الجذعية هى الخطر الدائم، فهناك قوانين رادعة فى عدد من الدول تحظر أبحاثها لأسباب أخلاقية أو دينية، ففى عام 2014 تم رفض 200 بحث علمى فى مجال أبحاث الخلايا الجذعية فى أكاديمية البحث العلمى بمصر، حيث تقف خلفها جهات غير معروفة كجامعات ليس لها سند علمى واضح، حيث إن عددا من الأبحاث خطر على الأمن القومى للجوء بعض الباحثين إليها لرغبتهم فى الحصول على خلايا الأجنة والخلايا النخاعية والشفرات الوراثية، وإرسالها إلى المراكز البحثية الغربية نظير تمويل. إن هذه القضية الخطيرة تفتح مجالا خصبا أمام الشركات العابرة للحدود والقارات التى أصبحت تخترق معامل أبحاث أو تحاليل كبرى بل وتحتكرها للتنصت على القياسات الصحية الخاصة بدول العالم الفقير، ومنها مصر، وذلك عن طريق شراء باحثين بها لإمدادها بالمعلومات اللازمة لتطوير أبحاثها للحصول على البحث وفكرته من المعمل لتطبيقها وبيعها ليربحوا آلاف الدولارات، كما أنها فى نفس الأمر تقف ضد أى مبتكر مصرى فى مجال الأبحاث الدوائية. لذا يجمع العالم على أن السبب الحقيقى لرفض تكنولوجيا الخلايا الجذعية هو عدم وجود ضمانة حقيقية لأخلاقيات الاستخدام، ومع ذلك فإن اهتمام العالم بهذه الأبحاث يتطلب منا أن نعمل على تطوير أبحاثنا بشكل رسمى وتقنين هذه الأبحاث وفق منظومة رسمية خاصة أن دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات بدأت تضع نظما لهذه الأبحاث. إن ذيوع مزاعم العلاج بالخلايا الجذعية أدى لوجود شركات تقوم بجمع عينات من الخلايا الجذعية لمصريين وإرسالها إلى خارج البلاد، وهذه الشركات تتاجر بدماء المصريين ويؤدى هذا لاستغلالها فى أغراض مشبوهة قد تؤثر على أمن مصر القومى. إن القضية أصبحت قضية تهم الرأى العام ، لأنها تتعلق بصحة الأفراد ، ونظرا لما لها من تأثيرات قد تمس أمننا القومى. فأنا أدعو الرئيس عبد الفتاح السيسى لإعادة تأسيس اللجنة القومية للعلاج بالخلايا الجذعية، على أن تكون تحت رئاسته مباشرة، وأن يتم طرح برنامج قومى لها، وأن تتم الدعوة بعد موافقة الأزهر والكنيسة إلى التبرع بالخلايا الجذعية وتوعية أفراد المجتمع من أطباء ومرضى وأصحاء بأهمية الخلايا الجذعية كعلاج ناجع للعديد من الأمراض المستعصية، على أن يتم افتتاح بنك عام لها، ويُفتتح معهد قومى لأبحاث الخلايا الجذعية ينشر أبحاثا ويدخل فى بروتوكولات بحث علمى مع الدول المختلفة. إن هذه الأمور ستعكس عملاً إيجابياً متطوراً لخدمة المرضى المصريين.