انتقد عدد من الخبراء الاقتصاديين منظومة الأجور ووصفوها بأنها عبثية، مشيرين إلى أن تهرب الحكومة من رفع حدودها بحجة زيادة التضخم أمر غير منطقى، ورغم أن محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة أصدرت حكما فى 30 مارس الماضى بوضع حد أدنى للأجور 1200 جنيه، فإنه لم يسهم فى تحريك المياه الراكدة فى المجتمع المصرى، ولم يتحرك المجلس القومى للأجور وتقاعس عن تحقيق الهدف منه. كان دكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية ورئيس المجلس القومى للأجور قد أوضح أن هناك تغييرا كبيرا شهدته أجور الموظفين خلال الفترة الماضية، حيث إن أجر موظفى الدرجة الأولى زاد بنسبة 94%، والثانية 97%، والثالثة 100.1 قائلا إن نسبة الأجور ارتفعت 125% ما بين "2000 - 2009"، وهذا يعنى أن هناك ما يقرب من 200 ألف موظف يتقاضون أجرا يعادل 400 جنيه أما الآخرون والذين ينتمون إلى فئات الدرجتين الثانية والثالثة فتصل أجورهم إلى ألف جنيه. ويعتبر الحد الأدنى للأجور فى مصر خلال العقدين الماضيين حتى مع الحوافز والمكافآت منخفض جدا، الأمر الذى أدى إلى حدوث تدهور حاد فى مستوى المعيشة للمواطن وتشريد العديد من الأسر التى يقل إنفاقها عن 2 دولار حسبما يؤكد إعلان الحقوق العالمى للإنسان. ومن جانبه، دعا الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة القاهرة إلى ربط رواتب العاملين فى الدولة، بالأسعار وتكلفة المعيشة، مشيرا إلى أن الإنتاجية تلزم الحكومة برفع الأجور وليس حكم المحكمة. ويرى عبده أن تحديد الحد الأدنى للأجور ب1200 جنيه ليس بالكبير لكن عجز الموازنة العامة سوف يحول دون تطبيقه، فمازالت الحكومة حتى الآن تحاول ضم علاوة سنة 2005. وأكد أن نسبة التضخم تجاوزت 16% ورفع الأجور سوف يزيد من التضخم إلى الحد الذى تعجز فيه الموازنة عن الوفاء بالتزاماتها الأساسية. وبرر عبد الرحمن خير عضو المجلس القومى للأجور ونائب الشورى إخفاق المجلس القومى للأجور لتحقيق هدفه بتنظيم منظومة الأجور فى نصر وتحديد حد أدنى للأجور بأن القانون لم يحدد مدى زمنيا يلزمه خلاله بتعديل الأجور، الأمر الذى أعطى فرصة قوية لرجال الأعمال والحكومة بمعارضة المشروع وتركته مفتوحا على مصرعيه. وأضاف خير أن التمثيل الضعيف للعمال فى مجلس الأجور أدى لتهميش المطالب العمالية بوضع حد أدنى للرواتب مما تسبب فى هروب العمال من شركات الغزل والنسيج نتيجة إجبارهم على العمل لساعات طويلة أكثر من المسموح به دوليا دون أجر حقيقى مناسب. ويرى دكتور حمدى عبد العظيم الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن أجور المصريين لم تتغير منذ سنة 1984 فيما رفعت الدولة يدها عن السوق لتحديد الأسعار وحررت التجارة «الجات» وتركت محدودى الدخل يواجهون انفجار الأسعار وهو ما يشير بشكل واضح لانحياز الدولة لرجال الأعمال. ووصف منظومة الأجور فى مصر بأنها وصلت لحد العبثية بسبب وجود تفاوت مروع بين أصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية المتساوية، فالأجر الشامل لمحاسب فى وزارة التضامن الاجتماعى يقل عن نظيره فى المالية فيما يحصل صاحب نفس المؤهل من الهيئة العامة للبترول وقناة السويس، على راتب يزيد عشرة أضعاف عنه.