أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن المملكة العربية السعودية هبت ومن تضامن معها من الدول فى "عاصفة الحزم" لتلبية نداء الواجب فى إنقاذ اليمن وشعبه الشقيق من فئة تغولت فيها روح الطائفية فناصبت العداء لحكومة بلدها الشرعية وعصفت بأمنه واستقرار وأخذت تلوح بتهديد دول الجوار وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية بدعم من جهات خارجية تسعى لتحقيق أطماعها فى الهيمنة على المنطقة وزرع الفتن فيها دون مراعاة لما يربطها بدول هذه المنطقة وشعوبها من أخوة إسلامية وقوانين وأعراف دولية. جاء ذلك فى كلمة خادم الحرمين، التى ألقاها نيابة عنه الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة فى افتتاح الدورة ال22 للمجمع الفقهى الإسلامى التابع لرابطة العالم الإسلامى بمقر الرابطة بمكةالمكرمة. وشدد خادم الحرمين على أنه لم يكن للمملكة وما كان للمملكة من غرض فى "عاصفة الحزم"، التى لقيت تأييدا عربيا وإسلاميا ودوليا واسعا سوى نصرة اليمن الشقيق والتصدى لمحاولة تحويله إلى قاعدة تنطلق منها مؤامرة إقليمية لزعزعة الأمن والاستقرار فى دول المنطقة وتحويلها إلى مسارح للإرهاب والفتن الماحقة والصراع الدامى على غرار ما طال بعض الدول الأخرى. وتطرق خادم الحرمين، فى كلمته، إلى الأخطار المحدقة بالأمة ومنها شيوع الفتوى، مشيرا إلى أن المملكة اهتمت بتنظيم الفتوى، وإنشاء مؤسساتها من المجامع وهيئات البحوث الشرعية والإفتاء، التى تضم كبار العلماء الثقات الراسخين فى العلم، حيث تتبنى هذه المرجعية الجماعية المؤهلة، والتى ينظم عقد هذا المجمع الفقهى الممثل للعالم الإسلامى فى إطارها دراسة الموضوعات ذات الصلة بالقضايا العامة ومستجدات العصر والخلوص إلى الرأى الشرعى الصحيح فيها. وأوضح أن المملكة شددت على أهمية قصر الفتوى على أهلها المشهود لهم بالجدارة، مشيرا إلى أن اجتراء الأدعياء واتخاذهم مراجع يدخل على الناس اللبس والتشويش فى دينهم، وتختلط لديهم المفاهيم الشرعية وتنفتح عليهم بذلك أبواب الفتن، ولاسيما فى زماننا هذا حيث النفوس الضعيفة والخطافة.. والمغرضون يترقبون. وقال "وفى هذا من الخطر الداهم على ديننا وأمتنا الإسلامية، وما نشاهد من الفئات التى برزت فى بعض أوطان الإسلام تعيث فى الأرض فسادا، وتسعى فى الناس إجراما وإرهابا متشحة - زورا وبهتانا - بأولوية الجهاد خلافا لما شرعه الله غاية الجهاد بأنه لنشر الأمان وحماية الأوطان ودفع العدوان ونصرة المستضعفين". وأضاف "ومن الخطر الأعظم الذى يهدد أمتنا الإسلامية أيضا توظيف الطائفية المقيتة لتحقيق أطماع سياسية دنيوية لا علاقة لها بنصرة الدين والأمة، وإنما تستهدف العدوان على الغير والاستحواذ على حقوقه بالاستقواء والمبالغة على نحو ما شاهدته دولة اليمن مؤخرا". ودعا علماء الأمة الإسلامية - فى هذه المجمع وغيره - أن يكثفوا جهودهم للتوعية بخطر هذه الفئات الضالة، وأهدافها التآمرية على الأمة، وأن يشددوا فى التحذير من بذور الشر والفساد التى تفتك بالأوطان الإسلامية من داخلها. وأكد أن المملكة العربية السعودية تتابع باهتمام وتقدير مناشط رابطة العالم الإسلاميى فى خدمة الإسلام والدفاع عن قضاياه ووحدة صف المسلمين، منوها بأن الأمل معقود على الرابطة ومن يتعاون معها من المخلصين لدينهم وأمتهم فى المزيد من التنسيق والتعاون المثمر مع الهيئات والمؤسسات الإسلامية الأخرى لوضع إطار عام للعمل الإسلامى المشترك، ويحذر المسلمين من مواطن الشبهات، ويرشد الشباب خاصة إلى المنهاج القويم، الذى جاءت به الشريعة الإسلامية الغراء وينقذهم من مخاطر الانزلاق وراء الأفكار والدعوات المنحرفة. ومن جانبه، أعرب الشيخ نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية الأسبق - فى كلمته التى ألقاها نيابة عن المجتمعين - عن شكره وتقديره لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وعلى الدور الذى تقوم به المملكة العربية السعودية فى المنطقة من أجل إرساء الأمن والاستقرار وإعادة الشرعية، مؤكدا حرص خادم الحرمين الشريفين على حقن الدماء المسلمة وتلمس احتياجات الأقليات المسلمة فى أرجاء المعمورة كافة. وقال "إننا نجتمع اليوم فى مكةالمكرمة لنتلمس احتياجات المسلمين الفقهية ونناقش ما أشكل عليهم من قضايا تلامس حياتهم اليومية فى التعويض عن الضرر الأدبى أو المادى الناتج عن الجناية أو الشكوى الكيدية، والبيع والتأجير بالسعر المتغير وقضايا الإحرام وأحكام المطلقة وغيرها من أجل الوصول إلى حكم شرعى يفيد الأمة الإسلامية التى تجد فى هذا الدين الحنيف ما لم تجده فى غيره من الأحكام الوضعية". وبدوره، نوه الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركى، فى كلمته، بقرار "عاصفة الحزم"، مؤكدا أن الحرص على القيام بهذه المهمة قيام بما يوجبه الإسلام ويؤكده حق الجوار من نصرة المظلوم ودفع البغى والعدوان عنه، بعدما تغول الباغى وتعنت ولم يستجب لنداء الحكمة ولما جرى من حوار ونداءات ومبادرات. وبين الدكتور التركى أن المسؤولية المنوطة بالعلماء تجاه الإسلام والمسلمين تتركز فى التعريف بالحقائق والمفاهيم الأساسية التى يقوم عليها الدين، وتنتشر بها دعوته وتتأدى رسالته، وحماية هذه الحقائق والمفاهيم من ملوثات الغزو الفكرى ومن التحريف الناتج عن الجهل أو الغلو والتنطع والحيدة عن منهاج الوسطية والاعتدال. ومن ناحيته، أكد مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، فى كلمته، أن من نعم الله على هذه الأمة وجود فئة من المسلمين تخدم الدين وهم العلماء، منوها بالدور الذى يقوم به المجمع الفقهى الإسلامى التابع لرابطة العالم الإسلامى. وقال سماحته "إن الفقه الجماعى ادعى للقبول والصواب فى اجتماع الأمة تحت مظلة رابطة العالم الإسلامى على اختلاف مناهجهم وثقافاتهم من أجل التقارب وتقريب الخلاف واتحاد الصف، مبينا أن المملكة قد أسست هذه المجامع لخدمة المسلمين فى دول العالم كافة". وشدد على أن قضية اليمن هى قضية إسلامية لأنها أقيمت لإضعاف الأمة وإشغالها عن واجباتها، مؤكدا أن ما قامت به المملكة من عمل هو من أجل إعادة الأمن والاستقرار والحفاظ على أرواح الأخوة اليمنيين، كما جاءت "عاصفة الحزم" لردع عدوان المعتدين وظلم الظالمين وكل المسلمين يؤيدون ذلك ويرون أن هذا موقف إسلامى شجاع جاء فى وقته.