سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أهالى " أبو قرقاص" بلا وحدات صحية.. والأطباء يقدمون الخدمات الطبية بدور المناسبات.. الرائدات الريفيات: الفتيات يتزوجن فى الخامسة عشرة.. والنساء لا يستجبن لوسائل تنظيم الأسرة إلا بعد تدهور صحتهن
نقلا عن اليومى فى قرى محافظة المنيا، تناقض لا تخطئه العين، ما بين مبانى الوحدات الصحية، حديثة البناء، التى يستدل عليها من بعد، بين البيوت المتواضعة للقرى الفقيرة، وما بين نقص الإمكانيات البشرية، والمعدات الطبية، وهى الشكوى المتكررة، التى رصدتها «اليوم السابع»، خلال تجولها بعدة قرى، تابعة لمركزى أبوقرقاص. التفسير الحقيقى، كما يؤكده لنا عدد من الأطباء العاملين بتلك الوحدات، هو عدم تمتع تلك الوحدات بعوامل الجذب المادية اللازمة، التى تدفع الأطباء الشباب لاعتبار تلك الوحدات، لبنة أولية لا بأس بها، نحو تكوين مستقبلهم العلمى والعملى. أما أهالى تلك القرى فضيق ذات اليد يجعلهم لا يجدون بديلا عن الخدمة الصحية التى تقدمها الوحدات الصحية بقراهم، كما أن ندرة المواصلات بين القرى بتلك المراكز، تجعل من اللجوء إلى المستشفيات المركزية، أمرا بالغ الصعوبة، خاصة للحالات الطارئة، وحالات الولادة. مدير واحد لثلاث وحدات صحية بسبب نقص الأطباء فى قرية الديابية، يشكو الأهالى عدم الحضور المنتظم لطبيب الوحدة الطبية، فالطبيب لا يأتى إلا يومين فقط من كل أسبوع، الدكتور أحمد محمد، مدير الوحدة الطبية هناك، كان له تفسير منطقى، لعدم حضوره بشكل منتظم، فالإدارة الطبية بالمنيا، كلفته بإدارة ثلاث وحدات صحية دفعة واحدة، بقرى الديابية والمطاهرة الشرقية، والنويرة، بسبب نقص الأطباء. وتضم الوحدة الصحية لقرية المطاهرة، طبيبا بشريا، وطبيب أسنان، وآخر صيدليا، وإضافة إلى ثلاث رائدات ريفيات، هدفهن التواصل مع النساء، ويعمل الطاقم الطبى بالوحدة، على إصلاح ما يتعرض للتلف بالوحدة الصحية، بالجهود الذاتية، كما يؤكد الدكتور أحمد محمد. ويصف المدير أغلب المترددين على الوحدة، بأنهم من العاملين فى المحاجر، الذين يعانون من جروح سطحية، وقطعية، لا تصل لحد البتر، ورغم نفى دكتور أحمد انتشار الإصابة بين هؤلاء العمال، بأمراض صدرية أو حساسية جلدية، إلا أن عددا من أهالى القرية، ممن التقت بهم «اليوم السابع»، أكدوا الأمر، بسبب الطبيعة الجبلية للمحاجر، وعدم توفير ملاكها، لأبسط أدوات الأمن الصناعى للعمال. ويؤكد دكتور أحمد محمد أن الأطفال الذين يمرضون بسبب العمل فى المحاجر يخشون اللجوء إلى الوحدات الطبية، كونها جهة حكومية، لذلك يفضل الأهالى إخفاء إصابات أبنائهم، خوفا من المسؤولية القانونية. ويرى أن عدم إقبال الأطباء على الالتحاق بالوحدات الطبية الريفية، سببه عدم وجود عوامل جذب مادية، فبدل العدوى الشهرى، لا يتعدى ال15 جنيها، ومصاريف الانتقالات اليومية، اللازمة للوصول إلى تلك القرى، يتحملها الطبيب نفسه، والحل كما يرى يكمن فى اعتماد كادر الأطباء، الذى طالبت به نقابة الأطباء لسنوات، إضافة إلى زيادة عناصر الجذب بالوحدات الريفية، مع توفير سكن مناسب. أم لخمسة أطفال ترشد النساء لوسائل تنظيم الأسرة بعينين مبتسمتين، تطلان من خلف نقاب، وصوت متسامح، يتناسب مع الطبيعة الجبلية لقرية الديابية، تستقبلك عبير على، إحدى الرائدات الريفيات بالوحدة الصحية، والتى تلعب دورا مهما فى توعية النساء بأهمية استخدام وسائل تنظيم الأسرة، للحد من ظاهرة الولادة المتكررة بالقرى الفقيرة، حيث كثرة الأولاد، مازالت «عزوة»، رغم ضيق الحال، وانعدام الموارد. تقول عبير «الناس هنا بيحبو العيال زى عينيهم»، مؤكدة أن السبب فى ذلك يرجع إلى تحول الطفل ليد عاملة، تضيف على دخل الأسرة، بمجرد بلوغه سن الخامسة، فعمالة الأطفال أمر لا غضاضة فيه عند أهالى القرية، حتى وإن كان ذلك العمل يمثل خطرا على صحة الطفل، وحياته، كعمله بالمحاجر، الذى قد يصيبه بالحساسية الصدرية، وعمله بالمزارع، حيث يتعرض لخطر التسمم بالمبيدات. وتضيف عبير قائلة إن النساء لا يستجبن لوسائل تنظيم الأسرة، إلا بعد تعرض صحتهن للتدهور، بسبب كثرة الإنجاب، كما تؤكد عبير، التى تذكر استنجاد إحدى نساء القرية بها، لتحديد وسيلة تنظيم إنجاب مناسبة، بعد إنجابها ل10 أطفال، وتعرض شعرها وأسنانها للتساقط، ونفور زوجها منها، بسبب تدهور صحتها، رغم أنها لم تبلغ عامها ال35 بعد. تلتقط نجلاء حسين، الرائدة الريفية بنفس الوحدة، طرف الحديث مؤكدة أن النساء يقلدن بعضهن البعض، فيما يخص استخدام وسائل منع الحمل، حيث تقول «بتجيلى الواحدة تقلى ركب لى زى فلانة، أو مش هينفع استخدام الوسيلة كذا، لأن علانة اشتكت منها»، مضيفة أنه على الجانب الآخر يرفض الرجال تماما استخدام أى من وسائل تنظيم الأسرة، ويعتبرون فى الأمر جرحا لكرامتهم، حتى وإن كانت أجساد نسائهم ترفض جميع أنواع تنظيم الأسرة المتوفرة بالمركز. ورغم كون عبير أما ل5 أطفال، إلا أن وضعها مختلف عن باقى نساء القرية، خاصة وأنها تزوجت فى العشرينات من عمرها، بعد حصولها على دبلوم تجارى، وليست كباقى نساء القرية، اللاتى تتزوج الواحدة منهن فى سن ال15، قبل السن القانونى للزواج، وتصبح أما بعد ذلك ب9 أشهر. وحدة الدكتورة دينا.. ينقصها الأطباء والأجهزة فى الصعيد، المرأة دائما فى مكانة أقل من الرجال، إلا أن دينا أحمد، مديرة الوحدة الصحية بقرية الحاج قنديل، التابعة لمركز دير مواس، لها شأن آخر، فالشابة حديثة التخرج، حازت ثقة أهالى القرية منذ توليها إدارة الوحدة للصحية، بداية شهر ديسمبر من العام الماضى، بعد أن كرست عملها لخدمة أهالى القرية. فرغم ما تعانيه الوحدة الصحية من قصور فى الأدوات الطبية، مع استبدال استقبال المرضى بمقر الوحدة الصحة بدار المناسبات، لحين الانتهاء من استكمال بناء الوحدة الصحية الجديدة، إلا أن المرضى يلجأون للطبيبة الشابة، طلبا للمشورة، فى ظل ارتفاع أسعار كشف العيادات الخاصة، وصعوبة المواصلات، بين القرية، والمركز التابع لها. تقول «دينا» إن جميع أهالى القرية يعاملونها باحترام، ويشعرونها بأنها وسط عائلتها، ورغم أن الطبيب بالوحدة الصحية، يجب أن يقيم داخل المسكن الملحق بالوحدة، ليكون متواجدا فى حالة تعرض أى من سكان القرية لحالات الطوارئ، إلا أنها لا تتمكن من ذلك، بسبب كونها فتاة، وعائلتها لن تستطيع تفهم الأمر، ولعدم الانتهاء من بناء الوحدة بعد. وتضيف قائلة إنها تجد مشقة يومية فى الوصول إلى القرية، خاصة فى الأشهر الأولى من السنة، حين تستبدل المعديات بقوارب خشبية، لا تناسب عبور الفتيات، الأمر الذى أدى إلى تغيبها لعدة أيام عن الوحدة الصحية، مؤكدة أن القرية فى حاجة ماسة إلى كوبرى لعبور المشاة، لربط القرية بالمركز، خاصة فى الحالات الطارئة، فعربات الإسعاف لا تصل إلى القرية، وعند نقلها بالمعديات، تكون الحالة قد تدهورت صحيا. وتوضح أن الوحدة الصحية تعانى من نقص فى عدد من المعدات الطبية، كالسونار، والترمومتر، وأجهزة الضغط، فضلا عن عدم وجود طبيب أسنان بالوحدة، الأمر الذى يدفع دينا إلى الكشف عن مرضى الأسنان بنفسها، ومدهم بالمسكنات فى الحالات الحرجة. وتؤكد أن الخرافات تنتشر بين السكان، بسبب قربهم من منطقة تل العمارنة، ومعبد حتشبسوت، حيث تعتقد النساء أن التدحرج بالقرب من المعبد والآبار القديمة، يتسبب فى زيادة قدرتها على الإنجاب، دون اللجوء إلى العلم. أطباء وحدة دلجا.. يتهربون من مسؤولياتهم مشهد متناقض، رصدته «اليوم السابع» فى وحدتين مختلقتين، هما وحدتا الديابية وودلجا، ففى الأولى، كان الأطباء يفعلون ما بوسعهم، لمساعدة أهالى القرية، وفى الثانية، ترك الأطباء الوحدة، بسبب المشاكل التى لا تخلو منها القرية. يقول دكتور رامى زخارى، الطبيب الصيدلى، إن أهالى قرية الديابية، يحرصون على زيارة الوحدة، واستشارة الأطباء، وإن كانوا أحيانا يلجأون إلى جمع الأدوية الطبية، دون حاجة فعلية لذلك. موضوعات متعلقة.. بالصور.. أطفال فى المنيا يبحثون عن لقمة العيش داخل "الزبالة".. حكايات من دفتر آلام صغار يشتكون من ضيق العيش ويصرخون "كل ده عشان احنا غلابة".. وفقر الأسرة القاسم المشترك فى مآسى الأطفال