قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن هناك مخطَّطات دوليَّة كُبرى تَستهدِف العَرب والمُسلِمين، وتُريد أن تصوغهم صِياغة أُخرى، وتشتتهم فى بلادهم بما يتفق وأحلَام الاستعمار العَالَمى الجديد المُتَحالف مَع الصُّهيُونيَّة العَالَمِيَّة يَدًا بِيدٍ وكَتِفًا بِكَتِف. وأضاف فى كلمته بمؤتمر مكافحة الإرهاب، المنعقد بمكةالمكرمة، برعاية خادم الحرمين الشريفين: "علينا ألَّا ننسى أن الوسيلة الوحيدة التى يَستخدمها الاستِعمار الجَديد الآن، هى الوسيِلةُ ذاتُها التى كان يستخدمُها هذا الاستعمار فى القرن الماضى، وهى مَقُولَته القاتلة (فَرِّق تَسد) والتى تلعب هذه المَرَّة على بؤر التَّوَتُّر والخِلاف الطَّائفى والمَذهَبى، واستطاعت –للأسف الشَّديد – أن تَعبَث بهذه الأُمَّة ما شاء لها العبث وما شاء لها المكر والغَدر والتَّسَلُّط، وكان من آثار هذا العبث الماكر أن ضَاعَت العِرَاق، واحترقت سوريا، وتَمَزَّق اليَمن، ودُمِّرَت ليبيا". وذكر أنه لا يزال فى جُعبَتهم الكثير مِمَّا لَا يَعلَمه إلَّا الله تعالى، ومما نعوذُ بالله منه ومِن شرورِه، فَلننس خلافاتنا الَّتى لَمْ نَجنِ مِن ورائها إلَّا الضَّعف والذلة والهَوان، ولِيَكُن مُؤتمرنا هذا علامة فارِقة وبداية موفَّقة نتصَدَّى بها كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ الَّذى يَشُدُّ بَعْضَهُ بَعْضًا لهذا الخطر الماحِق الذى يحدق بِنَا جَميعًا. وأشار الإمام الأكبر إلى أنه لم يحدث للمسلمين عبر تاريخهم أن أمسى بأسهم بينهم شديداً على هذه الشاكلة الشنعاء التى نراها اليوم، وأن هذه الأمة التى قال الله تعالى فيها "كنتم خير أمة" قد أفضت بها الأيام إلى حاضر بآس، وانتكست معه الأمة فى حمأة الفوضى والاضطراب والتمزق والانفلات وتشوهت صورة الإسلام فى عيون الناس، بل فى عيون الناشئة من أبناء المسلمين أنفسهم. وأوضح الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن السبب فى ظهور هؤلاء المجرمين المتطرفين اليوم، ليس فقط الفقر المتقع الذى عاشوا فيه، والبيئات المهشمة المنبوذة التى ترعرعوا فيها، حيث إن النظرة الموضوعية تدفعنا للبحث عن أسباب أخرى بجانب السابق ذكرها، لأن الفقر ليس أمرا مستحدثا فى دنيا الناس وإنما هو أمر قديم ربما قدم الإنسان نفسه، فطبقات العلماء والمفكرين والفلاسفة والشعراء، إنما نسج أغلب خيوطها من الفقراء والبسطاء والزهاد ورغم ذلك كانوا مصابيح يهتدى بها فى الظلام. وتابع الطيب أن السجون وظلمة المعتقلات والانتهاكات، ليست سبباً أحاديا لظهور المتطرفين، موضحاً أن الجماعات الإسلامية لم تكن وحدها من صدمها هذا اللون من العنف والأذى البدنى والنفسية، بل صدم به كثيرون ممن ينتمون إلى مذاهب سياسية وإلى الإلحاد، ونزروا أنفسهم لنشر الشيوعية والاتحاد ومع ذلك لم يتحول إلى جماعات مسلحة تفرض رائيها بقوة السلاح وتفض مضاجع أوطانها قتلا وتخويفا. ودعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى عقد مؤتمر عالمى لأهل العلم للتآخى والتقريب بين المذاهب، لتصحيح المفاهيم المغلوطة والملتبسة حول القضايا المهمة، للخروج منه لإقرار سلام فيما بين المسلمين، واستثمار ما هو ثابت من الأصول المشتركة، وترك المجال لأهل كل بلد فى اتباع المذهب الذى أرضوه ودرجوا عليه تحقيقا لاستقرار الاجتماعى الذى ننشده جميعا، وبعيدا عن التعصب الطائفى والمذهبى. ويعقد المؤتمر العالمى "الإسلام ومحاربة الإرهاب"، بمكةالمكرمة، ويفتتحه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة، وتنظمه رابطة على أن ننسى خلافاتنا وأن يكون المؤتمر علامة فارقة للتصدى العالم الإسلامى، بحضور أكثر من 400 مشارك من العلماء والمفكرين من كل أنحاء العالم الإسلامى.