أصبح الارتباك والتخبط هما السمتان الأساسيتان فى قرارات جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة الأخيرة فقد أعلنت الجماعة فى21 فبراير الماضى عن خوضها انتخابات المحليات وسبق هذا الإعلان حالة من الميوعة وعدم الاستقرار عما إذا كانوا سيخوضون الانتخابات أم لا وقبل ميعاد الانتخابات بيوم واحد أعلن نواب الإخوان مرة أخرى انسحاب الجماعة من المشاركة فى المحليات ودعت المصريين إلى مقاطعتها رغم أنهم كانوا قد أكدوا على لسان النائب الإخوانى إبراهيم أبو عوف فى مؤتمر صحفى عقدته الجماعة منذ ثلاثة أسابيع فقط أن انسحاب الإخوان من الانتخابات هو مجرد وهم يسيطر على النظام. البعض يفسر الانسحاب بأنه نتيجة صفقة بين الجماعة والنظام الحاكم، فى حين يرى البعض أن السبب حسابات سياسية أخرى غير معلنة. الدكتور حسام تمام الباحث المتخصص فى شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن سبب تراجع الإخوان عن خوض انتخابات المحليات يرجع إلى مرور الجماعة بحالة من الارتباك السياسى جعلتهم غير قادرين على اتخاذ قرارات سياسية وقال: "النضج السياسى للإخوان أقل بكثير من عددهم الضخم". وصف تمام قرار الجماعة "بالطبيعى" لأن الهدف الذى أعلنت الجماعة لأجله رفض مشاركتها فى انتخابات المحليات قد تحقق وهو كسر استراتيجية النظام الحاكم التى تهدف إلى استبعاد الجماعة من المشهد السياسى، بالإضافة للحصول على تركيز إعلامى تمام ما قيل عن وجود صفقة بين الإخوان والنظام وقال: "لو كان هذا الأمر حقيقياً كان لابد أن يتم قبل فتح باب الترشيح للمحليات حتى لا يتعرضوا للاعتقال كما حدث خلال الفترة الماضية". رأى حسام تمام أن انسحاب الإخوان من المحليات سيؤثر بشكل سلبى على الجماعة خلال الفترة القادمة خاصة بعد عدم مشاركتهم فى إضراب 6 أبريل ومواقفهم التى وصفها "بالمائعة" والتى تسببت فى خلق حالة غضب فى الشرائح الشابة داخل الجماعة. استبعد الدكتور عمرو الشوبكى الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وجود أى صفقة بين الإخوان والحكومة واعتبر أن انسحاب الإخوان جاء احتجاجا على شطب قوائمهم من المحليات وعرقلة الحكومة لمرشحى الجماعة، وقال: "النظام الحاكم استطاع أن يمرر رسالة مهمة وهى أن الإخوان فشلوا فى تمرير الرقم الذى كانوا يحلمون به ولم يستطيعوا أن يخوضوا المحليات سوى بعدد ضئيل مثل باقى أحزاب المعارضة صغيرة الحجم". وخلافاً لرأى تمام، رأى الشوبكى أن انسحاب الإخوان من المحليات لن يؤثر على الجماعة فى المرحلة القادمة وأكد أنه لن يحدث أى تغيير سواء فى علاقة الدولة بهم أو علاقتهم بشباب الإخوان قائلاً "لا أحد يهتم بانتخابات المحليات أصلاً". يذكر أن 800 من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين تعرضوا للاعتقال بعد إعلانها عن خوض انتخابات المحليات ولم يستطع سوى 20 مرشحاً فقط التقدم لخوض الانتخابات، فى حين وصل عدد مرشحى الحزب الوطنى الديمقراطى إلى 52 ألف مرشح.