عقدت قاعة "المقهى الثقافى" ندوة لمناقشة رواية بعنوان "شجرة اللبخ" للكاتبة "عزة رشاد"، ضمن فعاليات معرض القاهرة للكتاب فى دورته ال46، بحضور الناقد الدكتور مصطفى الضبع، والناقدة الدكتورة " هويدا صالح" والكاتب "أسامة ريان"، وأدارتها الكاتبة "نجلاء علام". حيث انقسمت الآراء حول الرواية بين احتوائها على إسقاطات سياسية تحيل القارئ إلى ثورة 25 يناير وبين تقديم صراعات إنسانية متواجدة بكل العصور والأزمنة غير مرتبطة بحقبة زمنية معينة. وعلى هذا النحو تطرقت الناقدة والكاتبة الدكتورة "راوية صالح" إلى التناص داخل الرواية بين أحداث ثورة 1919 وثورة 25 يناير موضحة: الرواية هى صوت الشعب والأمة والكاتب ما هو سوى متطلع وكاشف إلى المسكوت عنه لينقل بالقارئ إلى ما لا يفصح عنه التاريخ، وهذا ما تحقق تماما داخل الرواية، حيث سجلت صراعات شهدتها مصر قبل ثورة 25 يناير والتى كانت سببا أساسيا فى تفجير الثورة، سواء بين السلطة والشعب أو بين الأغنياء والفقراء، مجسداها بشكل رمزى فى ثورة 1919. مضيفة: وهذا ما تجلى فى بعض الأحداث كقطع التليغراف من قبل السلطة، وتدخل الشرطة فى فض التظاهرات وغيرها من الأحداث التى تحيل القارئ إلى أحداث ثورة يناير. كما حاولت الكاتبة الاستعانة بالتراث الشعبى المتجسد فى الأراجوز للاعتراض على الحكم والمتجسد فى شخصية متولى لاعب الارجوز الذى كان سببا فى إسقاط الضابط الذى يدعى "مدكور" الرجل الجاف الذى يسع دائما إلى تحقيق مصالحه الشخصية، حين تغنى بقصة تعلق قلب زوجته بأحد الثوار. لذلك نجحت الرواية فى رسم صورة ذهنية عن ثورة يناير من خلال التناص بينها وبين ثورة 1919، وذلك من خلال استخدام خاصية التداعى وهى خاصية مسرحية اعتمدت على التقطيع أكثر من مرة داخل النص. بينما كان للناقد الدكتور "مصطفى الضبع" رأى آخر حيث أكد أن التناص جاء من باب المصادفة وأن الصراعات التى قدمتها الكاتبة مجرد صراعات إنسانية تحدث كل يوم وفى كل عصر قائلا: الرواية تقدم صراعا إنسانيا بحتا بين الغنى والفقير والسلطة والمحكومين، من خلال قصة دارت أحدثها خلال ثورة 1919، ولأن التاريخ دائما ما يعيد نفسه فتشابهت بعض أحداث ثورتى 1919 و25 يناير وبالتالى أحالتنا الرواية دون عمد إلى هذه الرموز السياسية التى اعتقد البعض أنها إسقاطات سياسية. وعلى الجانب الآخر، أشار الكاتب الدكتور "أسامة ربيع" إلى الجانب الجمالى بالرواية وتركيز الكاتبة على فكرة التعددية والتنوع فى رسم شخصياتها قائلا: اعتمدت الكاتبة على التنوع فى تقديم شخصياتها، فقدمت أكثر من نمط لتحكم قبضتها على الحبكة الرئيسية التى تدور حولها الرواية وهى "النعوش الطائرة"، والتى عملت على مدار الرواية على تدعيمها بإسقاطات سياسية تحاكى من خلالها ثورة 25 يناير متجسدة فى ثورة داخل العمل1919. متابعا: ركزت على التدرجات الطبقية من خلال شخصية الإقطاعى الذى يرمز إلى المتحكم فى المكان والمسيطر عليه والذى يبحث دائما عن وريث يترك له تركته، فيبدأ رحلة البحث عن أم لها أصل تركى عريق، لكن لم يحالفه الحظ فاضطر إلى البحث عن فتاه فلاحة ربما يحقق معها حلمه فى الإنجاب. وهنا ألقى الضوء على طبقة أخرى وهى طبقة الفلاحين من خلال شخصية الزوجة التى تقحم على السراى وتحاول أن تحاكى عاداته وتقاليده دون جدوى فتتولد المفارقات الموضحة لاختلاف الشخصيات والمؤكدة على صعوبة التجانس بين طبقات الهرم الاجتماعى المصرى. مستكملا: أما عن شخصية الجارية "شفعات" التى جسدت الصراع بينها وبين ذوات الأصول النبيلة من سكان السراى، والمفارقات بينها وبين شخصية الفلاحة القائمة على فوضوية الغجرية فى مقابل هدوء وسكينة الفلاحة مع اشتراكهن فى نفس الوقت فى عدم التأفلم على عادات السراى. كما حاولت إبراز نمط أخر من الشخصيات وهى الزوجة الأرمانية، كإشارة لفصيل عرقى "الأرمن" المتواجد فى هذه الحقبة الزمنية قبل ثورة 1919، والتى حاولت من خلالها ان تكمن الصراع حين جعلتها ام لطفلة غير شرعية على الرغم من حاجة الإقطاعى للإنجاب غلا انه نكرها، مؤكدة على الطبقية والتفريق العنصرى الذى عانى منه المجتمع المصرى فى ذلك الوقت. مضيفا، كما حاولت الكاتبة أن تعمق من شخصيتها وتقرب القارئ منها من خلال إدخال المنولوجات الداخلية حتى نتسلل إلى أعماق الشخصية وأبعادها الاجتماعية. بينما جاءت كلمة الكاتبة "عزة رشاد"، شجرة اللبخ هى ليست مجرد شجرة لأنها تنمو فى أوربا فى مناخ برد، وارتبطت بعصر النهضة عصر محمد على كرمز لنهضة أوروبا، ومن هنا جاء عنوان الرواية ليحاكى المجتمع المصرى وقتها من كافة جوانبه السياسية والاجتماعية. مستكملة: لذلك حاولت أن اجمع بين جماليات الكتابة وتعدد الشخصيات لمحاكاة المجتمع المصرى فى حقبة زمنية معينة، مع الاحتفاظ بقوام الرواية وأحداثها التى تدور حول حدث سياسى وهو ثورة 1919، لذلك أحالتنى الحبكة نفسها إلى هذه الإسقاطات والمعالجات السياسية منها من كان عن عمد ومنها ما جاء كنتيجة طبيعية لتكرار التاريخ لذاته والتشابه بين أحداثه.