سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد 7 أشهر من تحقيق «اليوم السابع»..بكتيريا «الأسينتو باكتر» تصيب 3 حالات جديدة فى غرف العناية المركزية..الأطباء يصفونها بأشرس بكتيريا تنفسية تهاجم المرضى
«دخلت العناية المركزة للعلاج من الجفاف التى تعانيه فى جسدها ولم نكن نعلم أننا بذلك نسلمها للموت بأيدينا»، هذه هى الكلمات التى بدأ بها المهندس لطفى حسن حديثه، شارحا المعاناة التى عاشتها والدته خاصة بعد إصابتها ببكتيريا «أسينتو باكتر» التى أحدثت لها التهابا رئويا وتسببت فى وفاتها، لتضاف بذلك إلى قائمة المرضى المصابين بهذه العدوى المكتسبة داخل غرف العناية المركزة على الرغم من كشف «اليوم السابع» فى شهر مايو 2014 عن انتشار تلك البكتريا وتسببها فى وفاة %90 من المصابين بها بمجرد دخولها إلى الدم نتيجة عدم اتباع الاشتراطات الوقائية السليمة، فضلا على وجود عجز حقيقى فى المضادات الحيوية التى تستطيع التعامل مع تلك البكتيريا فى المستشفيات، لكن الأعداد فى تزايد مستمر. 10 سنوات هى المدة التى قضاها الأبناء بجوار والدتهم التى تجاوزت السبعين من عمرها، بشكل متواصل لرعايتها بعد إصابتها بمرض آلزهايمر وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، تبين أن لديها جفافا فى جسدها فهرع بها الأبناء إلى مستشفى قصر العينى الفرنساوى ليقرر الأطباء بعدها احتجازها فى وحدة العناية المركزة. يقول ابنها الأكبر «خلال تواجدها داخل وحدة العناية المركزة لم تنقطع الفحوصات والتحاليل التى تجرى لها لمتابعة حالتها والاطمئنان عليها، وكانت تشير إلى استقرار الحالة، وهو الأمر الذى استمر حتى إجراء أشعة كشفت عن ارتفاع معدلات كرات الدم البيضاء التى وصلت إلى 11 ألفا لتكشف عن وجود ميكروب داخل الجسم، وهو الذى حرص على التهوين منه الأطباء العاملون بالوحدة بالرغم من شكوكنا المتزايدة بسبب ملاحظة التدهور المستمر فى الحالة الصحية لوالدتى التى تم ملاحظتها من خلال زوجتى الطبيبة». ويتابع: «برغم نفى الأطباء فإن الفحوصات الدورية كشفت عن إصابتها ببكتيريا «أسينتو باكتر» نتيجة وضعها على جهاز التنفس الصناعى بعد 16 يوما من وضعها بالعناية، وهو الأمر الذى تسبب فى حدوث تدهور حاد فى حالتها الصحية استمر على نحو أسبوعين لتنهار مقاومتها وتتوفى بعد ذلك». بحسب تعريف الأطباء فإن بكتيريا «أسينتو باكتر» أحد أنواع العدوى التنفسية التى يصفها الأطباء ب«الأشرس» على الإطلاق، نظرا لمقاومتها للمضادات الحيوية، ولما تسببه من أمراض مثل الالتهاب الرئوى الحاد والتسمم فى الدم، وتنتشر هذه البكتيريا داخل وحدات العناية المركزة فى المستشفيات العامة والجامعية، وتتنوع أسباب انتشارها ما بين غياب المساءلة وضعف القوانين المتصلة بإهمال الأطقم الطبية، وعدم اتباعها للإرشادات الوقائية والاشتراطات الأساسية لطرق مكافحة العدوى. الحالة السابقة لم تكن الوحيدة التى تعرضت للإصابة بالبكتيريا داخل مستشفى قصر العينى، حيث تعرضت «ن.ح» إلى الوفاة بعد تعرضها للإصابة بنفس البكتيريا وهو ما تشرحه ابنتها بقولها: «جاء نقل والدتى إلى قصر العينى بعد شعورها بتعب مفاجئ تم تشخصية على أنه جلطة فى المخ أثرت على الجانب الأيمن بالكامل ليقرر الأطباء بعدها نقلها إلى غرفة العناية المركزة وبالتحديد إلى وحدة الدكتور «ش.م» التى استمرت بها 4 أيام». وأضافت: «من المفترض أن داخل الرعاية تتحسن حالتها لكن للأسف الحالة بدأت فى التدهور الحاد»، بعد مرور 4 أيام فقط على دخولها للرعاية بسبب إصابتها بعدوى بكتيرية أثرت على الجهاز التنفسى بشكل كبير. وأشارت إلى أن علمها بإصابة والدتها بتلك العدوى جاء عن طريق طبيب يعمل فى تلك الوحدة، والذى نصحها بنقل والدتها من هذه الوحدة. الفترة ما بين الإصابة بالمرض والوفاة هى شهر واحد فقط تكبدت خلالها أسرة المريضة التى توفيت بعد ذلك 75 ألف جنيه، حيث أكدت أن ما أغضبها بشدة هو عدم إفصاح الأطباء عن حقيقة إصابة الوالدة بتلك العدوى. ووفقا لآخر الإحصائيات الصادرة عن المركز الأمريكى لمكافحة العدوى والوقاية من الأمراض فإن واحدا من بين كل عشرين مريضا يصاب بعدوى المستشفيات، نتيجة سلوك أعضاء هيئات التمريض ومقدمى الخدمة الصحية، وأقنعة الوجه وأغطية الفراش، كما تشير الإحصائيات ذاتها إلى أن وجود بكتيريا «الأسنيتو باكتر» فى الدم أثناء عدوى المستشفيات يرجع بنسبة %71 إلى عدوى الجهاز التنفسى، وبنسبة %19 إلى عدوى الجهاز الهضمى، و%8 إلى استخدام القساطر الوريدية، بينما ال%2 الباقية ترجع لأسباب مختلفة. «والدى دخل المستشفى على قدميه خرج منها جثة هامدة»، قالتها الدكتورة «ع.م» شارحة حالة والدها الذى كان يعانى فقط من هبوط فى الضغط، نصحه أولاده بالتوجه إلى مستشفى قصر العينى لمتابعة تنظيمه تحت إشراف الأطباء. وأضافت أنه فور الوصول إلى المستشفى قام عدد من الأطباء بالكشف عليه، وتركيب بعض المحاليل، وفى اليوم التالى تم وضعه بغرفة العناية المركزة، وتكمل: «فى اليوم التالى تم وضع والدى على جهاز التنفس الصناعى مع نقله إلى غرفة أخرى، مبررين ذلك بأن النقل جاء ضمن إجراءات الوقاية المتبعة، دون مصارحتنا من قبل الأطباء المعالجين بأن والدى تم إصابته بالفعل بالبكتيريا». 15 يوما هى الفترة بين الإصابة بالبكتيريا والوفاة - بحسب قول ابنته - التى أضافت: «كنت أشاهد الحالة الصحية لوالدى، وهى تتدهور باستمرار حتى وصلت إلى عدم مقدرته على تناول أى نوع من الأغذية دون أن أجد أى إجابة لأسئلتى من قبل الأطباء حتى كشف لى أحدهم عن إصابة والدى ببكتيريا «الأسنيتو باكتر» التى أدت إلى وفاته فى النهاية ليعلن تقرير المستشفى أن الوفاة حدثت نتيجة هبوط فى الدورة الدموية». «البكتيريا القاتلة» هو الوصف الذى أطلقته الدكتورة إيمان البحيرى على بكتيريا «الأسينتو باكتر» التى تتسم بالشراسة وتأتى خطورتها فى أنها لا تستجيب للمضادات الحيوية فى المراحل المتأخرة من الإصابة بها. وتوضح الدكتورة إيمان البحيرى، أستاذ الباثولوجى واستشارى مكافحة العدوى، أن بكتيريا «الأسنيتو باكتر» من النوع الساكن غير المتحرك وتعيش فى التربة والمياه و فوق جلد الأفراد الأصحاء الذين يقدمون الخدمات الطبية، وتسبب أمراضا مختلفة بمجرد دخولها جسم الإنسان، تتراوح بين التهاب الرئة الحاد أو التسمم فى الدم، وتضيف أنها تنتقل إلى المريض إما بسبب عدم الفصل الكامل داخل غرف العناية المركزة، وإما من البيئة المحيطة للمريض، أو عن طريق التعرض المباشر للأدوات الطبية غير المطهرة بالشكل الصحيح. أزمة أخرى تشير إليها «البحيرى» بشأن التعامل مع البكتيريا من جانب الأطباء، وتتابع: «وعندما يرى عدم تحسن الحالة يقوم بإرسال عينة تحليل «بصاق، دم، بول» للكشف عليها، وتظهر النتيجة مرفقا بها نوعية المضادات الحيوية التى يمكنها التعامل مع هذه البكتيريا، وبالتالى فمشكلة التعرف المبكر على هذه البكتيريا حتى يمكن التعامل معها يرجع إلى تأخر الأطباء فى إدراكها، فتكون النتيجة أن عشرات الحالات تتوفى بها، ولكن لا يعلم أحد السبب الحقيقى. ودعت «البحيرى» إلى وضع تشريع قانونى يمنع الطبيب من ممارسة المهنة، إلا بعد الحصول على شهادة معتمدة تفيد دراسته لاشتراطات مكافحة العدوى بشكل معمق. الدكتور «علاء غنام»، رئيس لجنة الحق فى الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اعتبر التدهور فى المستشفيات العامة سببا فى شيوع الإصابة بالعدوى، فضلا على نقص الإمكانيات وضعف الميزانية المخصصة لوزارة الصحة. وأوضح «غنام» أنه فى حالة زيادة المخصصات المالية لوزارة الصحة فإن ذلك سينعكس بالإيجاب على حجم الإنفاق المالى المخصص لتطبيق سياسات مكافحة العدوى بدلا من 1000 جنيه، وهو مبلغ زهيد ومستشفيان فقط حصلا على شهادة الجودة الأيزو فى تطبيق معايير الجودة من بين أكثر من 600 مستشفى»، وهو ما اعتبره غنام شيئا كارثيا. لمعلوماتك: - 4% هى النسبة المخصصة لوزارة الصحة من الموازنة العامة، وهناك مطالبات برفعها إلى %9، خاصة أن الأطباء يشكون من تدنى الرواتب وبدلات العدوى التى تصل إلى 1000 جنيه فقط، توفرها إدارة كل مستشفى لشراء المستلزمات الطبية الخاصة بها وأدوات مكافحة العدوى، ولعل الزيادة تلك ستوقف حجم الرسوم المالية التى تفرضها المستشفيات الحكومية على الخدمات التى تقدمها لتعوض هذا العجز المادى الذى تعانيه، كما أن رفع حجم المخصصات سيساهم فى زيادة قدرات الكوادر البشرية فى اتباع الاشتراطات الوقائية للحد من انتشار الفيروسات. - 54 مريضا مصابا بالبكتيريا خلال 2013 وفقا لتقرير أصدرته الجمعية الدولية للأمراض المعدية، على يد فريق من الأطباء فى مجال مكافحة العدوى من إجمالى 547 مريضا بوحدات الرعاية فى مستشفيات مصر المختلفة، واعتبروا أن ذلك مؤشر يدق ناقوس الخطر لانتشار سلالات من «الأسنيتو باكتر» المقاومة للمضادات الحيوية داخل أروقة المستشفيات المصرية، وبالتالى يجب تطبيق سياسات أكثر صرامة للحد من انتشار العدوى بهذه البكتيريا، وعلى الرغم من ذلك فوزارة الصحة لم تصدر إحصاء دقيقا بعدد المصابين بالبكتيريا طوال الفترة الماضية.