«التضامن» تقر إضفاء صفة النفع العام على جمعيتين بمحافظتي الشرقية والإسكندرية    قفزة في سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه في بداية اليوم    عيد ميلاد السيسي ال 71، لحظات فارقة في تاريخ مصر (فيديو)    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025.. استقرار في مستهل التداولات بعد هبوط ملحوظ    السيسي وقرينته يستقبلان رئيس كوريا الجنوبية وحرمه    أسعار الخضروات اليوم الخميس 20 نوفمبر في سوق العبور    لمدة 5 ساعات.. فصل التيار الكهربائي عن 17 قرية وتوابعها بكفر الشيخ اليوم    البنك المركزي يعقد اجتماعه اليوم لبحث سعر الفائدة على الإيداع والإقراض    ترامب يعلن عن لقاء مع زهران ممداني الجمعة في البيت الأبيض    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    شبورة كثيفة تضرب الطرق والزراعية والسريعة.. والأرصاد تحذر من انخفاض مستوى الرؤية    شبورة كثيفة تؤثر على بعض الطرق.. والأرصاد تحذر السائقين من انخفاض الرؤية    موظفة تتهم زميلتها باختطافها فى الجيزة والتحريات تفجر مفاجأة    الاستعلام عن الحالة الصحية لعامل سقط من علو بموقع تحت الإنشاء بالتجمع    شبورة كثيفة وانعدام الرؤية أمام حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    حلقة نقاشية حول "سرد قصص الغارمات" على الشاشة في أيام القاهرة لصناعة السينما    هولندا: ندعم محاسبة مرتكبى الانتهاكات في السودان وإدراجهم بلائحة العقوبات    وزير الصحة يناقش مستجدات العمل بجميع القطاعات خلال الاجتماع الدوري للقيادات    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    شوقي حامد يكتب: الزمالك يعاني    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أضرار التدخين على الأطفال وتأثيره الخطير على صحتهم ونموهم    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    فلسطين.. قصف مدفعي وإطلاق نار من قوات الاحتلال يستهدف جنوب خان يونس    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    المطربة بوسي أمام المحكمة 3 ديسمبر في قضية الشيكات    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أبوزعبل للأسمدة".. الطريق نحو الموت البطىء.. اختناق 90 من سكان القرى المحيطة بالمصنع بعد تسرب غازات سامة.. ومواطن: أولادنا مرضى وزرعنا مات.. وإدارة المنشاة: لدينا 13 مدخنة


نقلا عن العدد اليومى
أمام منزله الصغير بمنطقة أبوزعبل، المجاورة لمصنع الأسمدة يقف منصور عياد على درجات سلم منزله محاولا إزالة الغبار المتطاير على نوافذه بقطعة قماش تحول لونها إلى الأسود.. ينطلق من السلم مهرولا على نوبة سعال شديدة لطفله الصغير، إلى داخل غرفة نومه ليجده وقد انضم إلى عداد الموتى من شدة السعال.
فادى منصور عايد، البالغ من العمر نحو ثلاث سنوات، أصبح ضيفا دائما على المستشفيات والعيادات الخاصة، يعانى من ضيق فى الشعب الهوائية وحساسية الصدر بسبب استنشاق الأتربة والأبخرة الملوثة للهواء، حسبما قال الأطباء، وأضافوا أن الطفل لا يستجيب للعلاج سريعا، خاصة فى الفترة الماضية ما ينذر بكارثة صحية.
كان تسرب غازات كبريتية من وحدة إنتاج حامض الكبريتيك رقم 7 بمصنع شركة أبوزعبل للأسمدة والمواد الكيماوية حدث وتسبب فى اختناق حوالى 90 شخصًا قبل نحو أسبوعين، ما دفع بالأهالى إلى التجمع أمام باب المصنع فى وقفة احتجاجية ومنعوا دخول السيارات وخروجها منه وشكل جهاز شؤون البيئة لجنة فنية لمناقشة أسباب تسرب الغازات بمنطقة الخانكة التابعة لمحافظة القليوبية.
فادى ليس إلا واحدا من بين نحو خمسة آلاف نسمة يقطنون بقرى أبوزعبل وعزبة مراد وعزبة شكرى المحيطة بالمصنع، فالقرى التى كانت تشتهر بقربها من المنطقة المركزية للسجون تشتهر بوجود واحد من أكبر مصانع إنتاج الأسمدة فى مصر والمتخصص فى إنتاج الفوسفات، وأسمدة أحادى سوبر فوسفات وثلاثى سوبر فوسفات وفوسفات ثنائى الكالسيوم كيماويات معالجة مياه الغلايات ومياه التبريد وحمض الفوسفوريك وحمض الكبريتيك والأوليوم 25% والجبس الزراعى.
المصنع واجه مجموعة من المشكلات البيئية منذ الثمانينات وبعد تحوله إلى قطاع خاص فى يوليو 2004 حيث اشتراه رجل الأعمال شريف الجبلى، وأظهر عدد من التقارير البيئية قياسات أن الانبعاثات الترابية والغازية أكثر من المسموح بها فى القانون فى العديد من المواقع الإنتاجية، وتقدمت الشركة باستمارة المشاركة لمشروع التحكم فى التلوث الصناعى المرحلة الثانية فى يناير 2007 من خلال وزارة الدولة لشؤون البيئة لتمويل مشروعات الحد من انبعاثات الأتربة والانبعاثات الغازية بالبيئة المحيطة بالمصنع وبيئة العمل.
قبل وصولك لمصنع أبوزعبل بنحو بضعة كيلو مترات تستنشق رائحة كيماويات تزكم الأنوف لا سبيل للهروب منها إلا بإغلاق نوافذ السيارة، وتشاهد مبانى اكتست باللون الرمادى الداكن كلما اقتربت من المصنع زادت حدته ففى مدخل عزبة مراد التى يتجاوز تعداد سكانها نحو 1500 نسمة تبقى المنازل شاهدا صامتا على مأساه أهلها، فيما تحولت أراضى العزبة الخضراء إلى بور ماتت أشجارها، وتغطى أتربة المصنع كل شىء حتى وجه البشر، حتى إنك إذا جلست مدة قصيرة هناك ستلحظ الأتربة تغطى ملابسك ووجهك.
يحيط المصنع الشهير شكلا يشبه الشكل الهندسى، مربع ناقص ضلع بعزبة مراد، حيث يحدها من ثلاث جهات ويتبقى طريق القاهرة - بلبيس الزراعى المنفذ الوحيد لأهالى القرية فيما تقابله عزبة شكرى حيث يفصل بينهما مجرى ترعة الإسماعيلية.
«7» هو رقم الوحدة الخاصة بإنتاج الأحماض الكبريتية التى تطل على أهالى عزبة مراد، حيث يتلقى السكان حصة يومية من أدخنة الأسمدة، حتى إن أغلبهم بات مصاباً بأمراض حساسية مزمنة فى الصدر، فهم مع عزبة سكان شكرى المقابلة للمصنع المتضررين بشكل رئيسى من المصنع بجميع وحداته، وكما يؤكدون فأغلبهم مصاب بحساسية على الصدر، والتهابات مزمنة.
على مدخل العزبة وقف منصور عياد يتذكر اليوم الذى حدث فيه تسرب من إحدى وحدات غاز حمض الكبريتيك وتسببت فى حالات اختناق لأكثر من 90 فردا.. يقول «كنا نصلى بمسجد العزبة وإذا بالرائحة تزكم أنفونا لدرجة تشعرنا بالاختناق لقلة وجود الأكسجين ووقع على إثرها عدد كبير من الرجال كبار السن مغشيا عليهم، فأبلغنا سيارات الإسعاف التى نقلت أكثر من 90 مصابا فى الحال».
وأضاف «منصور»: الشجر الموجود بالقرية أغلبه ميت بسبب السماد، فما بالك بالبشر الذين يعيشون هنا، ويشير إلى صغيره المصاب بحساسية على الصدر وعمره لم يتعد السنوات الثلاث، إضافة إلى أنه مصاب شخصيا بحساسية مزمنة على الصدر.
أحمد سيد مراد، يسكن بالقرية منذ ما يزيد على ثلاثين عاما ويقول: الأرض التى نسكن بها أملاك دولة، ما خلفها هو نطاق الشركة والحيز الخاص بها وتلقى الشركة بعدد من مخلفاتها حولنا، إضافة إلى الانبعاثات التى تخرج منها، وتراها بسهولة بجوار المصنع مثل الملقى حول المصنع والذى يصدر عن حرقه روائح كريهة، وقام أهالى العزبة وفقا ل«مراد» بردم الأراضى المليئة بالكبريت بالرمال.
الطريق إلى المستشفى والمدرسة والمخبز ملاصق للمصنع مباشرة وعليك أثناء سيرك أن تستنشق روائحه بمجرد وقوفك لما يقوله خالد محمد أحد سكان عزبة مراد وهو شاب عشرينى «المصنع ينتج فوسفات وسوبر ووحدة حامض الكبريتيك التى تخرج انبعاثات على سكان القرية مباشرة»، حيث يوجد مخزن به حمض كبريتيك ملاصق لقريتهم وينفث سمومه عليهم.
وبعد خروج الطلاب من المدرسة ردد مجموعة منهم «العزبة تريد المصنع يمشى بعيد» فى رفض لوجوده، حيث يصيبهم باختناقات يومية، وأغلبهم مصاب بالحساسية ويعانى من التهاب مزمن بسبب استنشاقه الهواء الملوث المحيط بالمصنع.
«أمل» الطالبة بالصف الرابع الابتدائى تقول «المصنع يصيبنا باختناقات يومية وأشعر بسعال شديد طوال الوقت، وأحيانا رغبة فى القىء مع صعوبة فى التنفس ويقوم والدى بعرضى على طبيب متخصص من فترة لأخرى لإجراء الكشوف الطبية»، وأيد بقية الأطفال كلام أمل وأجمعوا على رفضهم لوجود المصنع الذى يسبب لهم اختناقات يومية ويعانون بسببه من الأمراض التى ربما كان أقلها حساسية مزمنة.
من الأطفال إلى عم سيد حشيش، أحد أقدم سكان القرية الذى يعانى من حساسية على الصدر مع أبنائه، يقول «الدخانة بتيجى تخنقنا»ويشير إلى أحد أبنائه يهز شجرة من المحيطين بمسجد القرية، ويكمل «نروح فين من تلوث المصنع المحيط بنا فى كل مكان».
ويستطرد عم سيد وهو يجمع أنفاسه «أعانى من حساسية بالصدر منذ ثلاث السنوات، وأوصانى الطبيب بالتواجد فى جو صحى ونقى، ولا أستطيع القيام بذلك فى وجود المصنع».. والتقرير الطبى ل«حشيش» يبين إصابته بحساسية وربو مزمن وضعف متزايد فى قوة الإبصار ووجود مياه بيضاء على العين اليسرى ويحتاج إلى مكان نقى وجو صحى وزرع عدسة.
وأضاف حشيش: ابنى كان يعمل بالمصنع رغم أخطاره وبعد ثلاث سنوات فصلته الإدارة كعقاب جماعى لأهل القرية بعد طلبهم للنجدة.. شكاوى حشيش للمسؤولين لم تنته كما يؤكد «قدمنا شكاوى لرئيس الوزراء والمحافظ ووزارة البيئة، ولم نتلق أى رد منهم حتى الآن، إضافة إلى أن الفترة التى يقوم فيها المصنع بإجراء تجديدات من الصعب أن تمشى فى المكان بسبب الرائحة الموجودة فيه».
وينفى حشيش حصولهم على أوراق طبيبة تثبت تعرضهم لاختناقات من المستشفيات القريبة فيقول «المستشفيات المجاورة ترفض كتابة تقارير عن الحالة الطبية للمواطنين إذا تعرضوا لاختناق «ويتذكر اليوم الذى تعرض فيه أغلبهم لاختناقات بفعل تسرب غاز من المصنع.. أصيب حوالى 90 شخصا بعدها بالاختناق وفقا لرواية الأهالى، قائلا: يوم الاختناقات جريت على الجامع ألحق الناس، ووقف المصنع وقتها وعاد لعمله مرة أخرى».
من على منزل سعيد أحد سكان القرية الذى يلاصق المصنع يشير إلى كوم الجبس الزراعى الواقع على بعد نحو نصف كيلو متر على ارتفاع نحو 30 مترا بمساحة أربعين فدانا، مضيفا: كان يوجد كومة مثله من المنتج النهائى من السوبر بجوار العزبة، ويبقى دائما المخزن مكشوفا دون أى أغطية، إضافة إلى وجود موقعه بحرى العزبة، وهو ما يعنى أن الهواء القادم إلى العزبة يأتى محملا بالسماد السوبر.
مخازن المصنع المكشوفة لا تتوقف عند حد السوبر والجبس إلا أن مخزن الفوسفات يبقى خلف السوبر مميزا عنه بلونه الأصفر، وارتفاعه، حيث يكون منتجا خاما ويتواجد على مساحة تصل لنحو 20 فدانا.ويضيف: «عانى العديد من أبناء العزبة العاملين بالمصنع من حساسية الصدر، وما ينتج عنها من التهابات أفقدتهم وظائفهم بسبب إرهاقهم البدنى وضعف إنتاجيتهم بسبب مرضهم الدائم».
بداخل منزل «سعيد» أعلى الرف كومة من بخاخات الصدر والحساسية و«نقط» معالجة للجيوب الأنفية التى التهبت من فترة طويلة، وكومة من الأدوية هى لأطفال سعيد وليست لصاحب صيدلية، سعيد الذى يريد إثبات تغلغل التراب والأبخرة والانبعاثات إلى منزله ينحنى للأسفل متلمسا أرضية غرفته لتخرج يده باللون الرمادى.
ويكمل سيد: نعلم أن المصنع لن يغلق ولن ينتقل إلى الصحراء كما نحلم لكننا نطالب جميع الجهات المعنية بتشكيل لجنة طبية محايدة لحصر أضرار الأهالى وتقدير تعويضات لذويهم لتكون عونا لنا على استكمال علاجنا بعد أن فقدنا أعمالنا وأرضنا، متهما إدارة المصنع بإزهاق أرواح البسطاء، لإجبارهم على بيع أرضهم بأبخس الأثمان، ما يجعلهم مهددين بالموت، أو التهجير.
ويكمل سعيد: المفارقة تكمن فى رفض مسؤولى وأطباء مستشفى الخانكة المركزى إعداد أى تقارير طبية تدين المصنع، ما يعنى لجوؤنا إلى المستشفيات والعيادات الخاصة وفى ذلك تكلفة إضافية، مشيراً إلى أن مسؤولى مصنع الأسمدة اجتمعوا بالأهالى والمزارعين فى أعقاب كل كارثة ووعدونا بإزالة أسباب الشكاوى وتعويض المزارعين عما لحق بهم من أضرار، إلا أن هذا لم يحدث، فإدارة المصنع تتبع معنا أسلوب «ورينا هتقدر توصل لحد إيه».
«على الرغم من أن النبى وصى على سابع جار وإحنا ف عزبة مراد أول جار، مفيش مسؤول من المصنع جالنا بعد الحادثة الأخيرة ولا فى شعرة منهم اتهزت»، هكذا قال سليم سلامة من أهالى العزبة المنكوبة «مراد» كما يحب أن يسميها.
وأضاف «سليم»: مشوار الدكتور بيتكلف 60 جنيه كشف و45 جنيه تكاليف جلسة التنفس الواحدة، موضحا: لدى 7 أطفال تتفاوت إصاباتهم بين الحساسية والربو والالتهابات فى الجهاز التنفسى، ما أجبرنى على شراء جهاز تنفس صناعى، مضيفا: فى الأزمة الأخيرة حينما اتصلنا بسيارات الإسعاف أصيب المسعفون أنفسهم بحالة اختناق بسبب كثرة الغازات التى تسربت جراء ما أصاب الوحدة السابعة بالمصنع.
وتابع: المصنع منذ خصخصته فى 2007 تزايدت أبخرته السامة وأتربته، على الرغم من أنه عندما أقدمت الحكومة على خطوة بيعه اشترطت وزارة البيئة فى عقد البيع أن يوضع جدول زمنى لتوفيق أوضاعها البيئية ينتهى فى 2010، إلا أن الشركة تتجاهل ذلك، ولم تنته من توفيق أوضاعها البيئية حتى الآن، كما منعت إدارته رشاشات المياه التى تقلل من تطاير الأتربة، وأوقفوها تماما
وأضاف أنه على الرغم من إرسال الأهالى عدداً من الشكاوى للمسؤولين فى وزارات الصناعة والزراعة والبيئة ومجلس الوزراء، فإن إدارة الشركة تتفنن فى التلاعب بلجان المتابعة، مكملا: كانت تلك الأراضى الزراعية فى السابق تنتج قمحا وذرة لكنها الآن صارت إلى ما تراها عليه مات فيها كل الزرع، النبات الوحيد الذى يستطيع تحمل تلوث مصنع السماد هو التين الشوكى بحسب ما يقوله سلامة.
من أمام زراعات التين الشوكى المقابلة للمصنع ترى خط صرف مصنع شركة أبوزعبل للأسمدة هو يصب مخلفات مراحله الإنتاجية داخل ترعة الإسماعيلية.
مسؤولو مصنع أبوزعبل: أهالى العزبة يبتزوننا
من جانبه قال نبيل خليل، مدير العلاقات العامة بشركة أبوزعبل للأسمدة، إن ما يردده أهالى العزب المجاورة بخصوص نشر المصنع التلوث هو نوع من الابتزاز لتعيين أبنائهم فى المصنع.
وأضاف خليل فى تصريحات خاصة لليوم السابع أن الأهالى هم من أتوا ليسكنوا بجوار المصنع الذى أنشأته الدولة منذ عام 1948، موضحا أن الانبعاثات الصادرة عن المصنع تأتى فى إطار الحدود المسموح بها، والتى أقرتها وزارة البيئة ووافقت عليها.
ونفى خليل ما يردده أهالى العزبة من أن الشركة فصلت عددا من العاملين مؤخرا، مؤكدا أنهم عمالة مؤقتة معينون بواسطة أحد المقاولين، كما أنهم أنهوا فترة عملهم بالمصنع.
وقال سيد بطنين، رئيس اللجنة النقابية للعمال بالشركة، إن العمال يقومون بدورهم فى إطار الحدود المسموح بها، ولم يتعرض أى منهم لأضرار صحية بسبب تواجدهم فى المصنع، كما أن الشركة لم تفصل أيا منهم.
وأوضح بطنين أنه بعد خصخصة الشركة زادت درجة الالتزام البيئى لدى المصنع لتوفيق أوضاعه مع البيئة المحيطة، حتى وصلت درجة الانبعاثات عامى 2013 و2014 إلى الزيرو، وهذا لأن رئيس الشركة هو رئيس لجنة الالتزام البيئى، كما أن الدوريات اليومية تؤكد عدم وجود مخالفة واحدة فى المصنع أو تؤثر سلبا على المكان.
المهندس يسرى سليم، رئيس قطاع البيئة والسلامة والصحة المهنية بمصنع أبوزعبل للأسمدة، قال: توجد لدينا نحو 13 مدخنة تم توصيل 7 منها على شبكة الرصد الذاتى التابعة لوزارة البيئة، ما يعنى أننا مراقبون على مدار ال 24 ساعة مضيفا: يتبقى لدينا 6 مداخن لم يتم ربطها إلى الآن، وبالتالى الأوضاع المزعجة التى تسبب فيها مصنع أبوزعبل انتهت.
وعن يوم التسريب قال سليم: لم يتجاوز تسرب غازات ثانى وثالث أكسيد الكبريت المستخدمة فى إنتاج حامض الكبريتيك إلا عدة دقائق تمكنا بعدها من إيقاف المصنع، ولم يصب أى عامل جراء التسريب، واصفا ما يحدث بالفوضى الإعلامية التى تريد النيل من المصنع رغم أنه من القلاع الصناعية العملاقة فى مصر.
الدكتور جمال الصعيدى رئيس الإدارة المركزية لقطاع الفروع بجهاز شؤون البيئة، قال إن مصنع أبوزعبل للأسمدة توقف عن العمل بعد حادثة انبعاث غاز ثانى أكسيد الكبريت، كما أن الوحدة «7» التى حدث بها الانبعاث مغلقة الآن، والمصنع فى حالة صيانة حتى توفيق أوضاعه بيئيا بما يتناسب مع وجوده بالمنطقة.
وأضاف الصعيدى فى تصريحات ل«اليوم السابع» أنه من الصعب نقل المصنع الآن لأن عمره يزيد على خمسين عاما، ومن المقرر توفيق أوضاعه بيئيا والتحكم فى الانبعاثات ودرجة المراقبة، لافتا إلى أن نقل المصنع تحكمه ظروف اجتماعية، وأكد أن التسرب حدث نتيجة ثقب فى أحد المحولات بالوحدة رقم «7» وبدأت معالجته مع صيانة كاملة للمصنع الآن.
ورغم إنكار الشركة حدوث أى حالات اختناق أكد الصعيدى أن الوحدة المحلية بالمنطقة أكدت الاختناق بسبب الانبعاثات، مشيرا إلى أن كون الدكتور شريف الجبالى، رئيس لجنة الالتزام البيئى، هو المسؤول عن إدارة المصنع أمر زاد من درجة الالتزام البيئى للمصنع لأنه واع بدرجة كافية بضرورة تطبيق المعايير البيئية السليمة، بما يتوافق مع الكتلة السكنية المحيطة بالمصنع، مضيفا: تم تحويل مسؤولى المصنع إلى التحقيق بعد الحادث، والقضية الآن فى النيابة، والمصنع سيعود للعمل منتصف يناير القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.