سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الإخوان الحشاشين».. على تدميرنا كانوا ناويين.. اغتيالات الإخوان بدأت ب«ماهر» و«النقراشى».. ووصلت إلى المقدم محمد مبروك وشهداء الأمن الوطنى ولن تتوقف إلا بتصفية الجماعة
نقلا عن العدد اليومى : حروبهم لا تعرف بطولة.. الخسة دستورهم، وجنى المكاسب بأقل تكاليف أسمى أمانيهم، إنها جماعة الإخوان «الحشاشون الجدد».. فى التمكين، يحتكرون الأعناق والأرزاق، وفى فترات الضعف تكون التصفية الجسدية والاغتيالات وإثارة الفتن، سبيلهم لجنى الثمار، من هذا الطريق بدأوا وإليه عادوا. اختار الإخوان البدايات ذاتها، وطرق التجنيد نفسها، ليكونوا نسخة العصر من طائفة الحشاشين التى انشقت عن الدولة الفاطمية قبل ما يقرب من ثمانية قرون، خارج أركان الدولة تمركز قادتهم بعد ثورة 30 يونيو، لينفقوا أموال التنظيم الدولى على من هم مستعدون لتنفيذ أقذر عمليات الاغتيالات الانتقائية للخصوم، وزرع العبوات الناسفة لترويع الآمنين، واعتلاء منابر التحريض الإعلامية من خارج الحدود. كلاهما وظف كتاب الله لغير ما أنزل إليه، ادعى قادة الحشاشين امتلاك صكوك الجنة، وحاول الإخوان زوراً احتكار الإسلام، لينتقوا من بين أركانه وآياته وأحكامه ما يفسرونه على أهوائهم لممارسة القتل والعنف والترويع. «النبى قدم مرسى ليؤم المسلمين فى صلاة الجماعة»، قالها أحد الدعاة الموالين للرئيس المعزول محمد مرسى، فى فترة حكمه، على إحدى فضائيات الفتنة آنذاك، زاعماً أن من يعارضون حكم الإخوان مشكوك فى إيمانهم، خاصة بعد أن زرعوا خلاياهم النائمة فى مؤسسات الدولة ومصالحها واعتبروا «أخونة الدولة» هى الجهاد الأكبر. لم تكن تلك هى الحالة الأولى التى يتم فيها إهانة الدين ورموزه وأحكامه لأغراض سياسية، فمن قبل الإخوان، سبق أن تجرأ «الحسن الثانى بن محمد»، زعيم الحشاشين فى الفترة من 1162م ل1166، على أركان الإسلام، معلناً إسقاط 4 فرائض هى الصلاة والصيام والزكاة والحج، مبقياً على فريضة الجهاد عما سواها، مدعياً أنه «إمام العصر». وبخلاف استغلال الدين فى السياسة، يجمع «الحشاشون» و«الحشاشون الجدد» رصيداً لا يمكن إغفاله من التلون، فمثلما حاولت طائفة الحشاشين تملق الظاهر بيبرس، سعت جماعة الإخوان منذ نشأتها إلى تملق كل من يمتلك نفوذاً بداية من الاحتلال الإنجليزى، مروراً بالقصر الملكى، وحتى رؤساء الوزراء، فى فترة ما قبل ثورة 1952، وسبق أن هتف مصطفى مؤمن، زعيم طلاب الجماعة، آنذاك، «واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً»، مدحاً فى رئيس الوزراء إسماعيل صدقى، دون حرج فى استخدام نص قرآنى، ودون تردد فى تشبيه رئيس وزراء كان معروفاً بمولاته للاحتلال البريطانى، بنبى الله إسماعيل عليه السلام. لم يكن هتاف «واذكر فى الكتاب إسماعيل» مجانياً لا مقابل له، فبعد شهور منحت حكومة إسماعيل صدقى جماعة الإخوان، ترخيصاً بإصدار صحيفة يومية، بامتيازات خاصة فى شراء ما يلزمها من ورق طباعة، وإسناد وزارة المعارف لعضو الجماعة محمد حسن العشماوى. وتدريجياً، جندت الجماعة طلابها داخل الجامعات لقمع أى احتجاجات ضد حكومة صدقى، بشتى وسائل الإرهاب، من تعدى بالضرب وغير ذلك، فيما منحت الحكومة حينها الجماعة قطع أراض، وحرية فى استخدام المعسكرات لفرق الجوالة، التى كانت نواة التنظيم السرى، المسؤول عن أعمال العنف والتخريب، والتصفيات الجسدية، والذى سرعان ما توسع، وأصبحت له اليد العليا داخل كل شعب وقطاعاتها. يشترك كلاهما فى تاريخ لا يمكن إغفاله من الاغتيالات، حاول الحشاشون تصفية الناصر صلاح الدين الأيوبى، 3 مرات دون جدوى، وفى القرن الثالث عشر بعث أحد قادتهم إلى صلاح الدين رسالة جاء فيها: «خذ ما فى استطاعتك من احتياطات دون الكوارث والفواجع، فإننى هازمك من داخل صفوفك، ومنتقم منك من داخل صفوك، فأنت تعرف ظاهر أحوالنا وقدر رجالنا، وما يمكن أن يحققوه فى لحظة واحدة، وكيف يحبون الموت»، اللافت أن زعيم الحشاشين، شبه نفسه فى الرسالة بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «لم يقاس نبى مثلما قاسيت»!. وبخلاف محاولات اغتيال صلاح الدين الفاشلة، فإن الحشاشين، نجحوا على مدار تاريخهم فى اغتيال عدة خصوم مثل الوزير السلجوقى، «نظام الملك»، والخليفة العباسى المسترشد والراشد. وعلى النهج نفسه، لم تترد جماعة الإخوان «الحشاشين الجدد» فى اللجوء إلى الاغتيالات، لتصفية خصومها، من خلال العبوات الناسفة تارة، والقتل المباشر، ففى العام السابع عشر من عمر الجماعة، تحديداً يوم 24 فبراير 1945، كانت الإخوان على موعد مع أولى جرائمها، حينما تقدم عضو التنظيم الخاص، محمود العيسوى، مسلوب العقل، لا يرى نصب عينيه سوى جنة طالما حدثه عنها قادته تقديراً لخدماته فى دعوة الإمام البنا.. توجه نحو أحمد ماهر باشا، رئيس الوزراء آنذاك، فى قاعة البهو الفرعونى بمقر البرلمان، وآخرج مسدسه وقتله، ليفتتح سجلاً طويلاً لم يعرف له المصريون حتى الآن صفحة أخيرة، عنوانه «الإخوان والاغتيالات». بوتيرة سريعة توالت الجرائم، فبعد اغتيال ماهر باشا، كان المستشار أحمد الخازندار على موعد مع آلة القتل الإخوانية عام 1948، وعقب ذلك بشهور لقى محمود فهمى النقراشى باشا، رئيس وزراء مصر، المصير ذاته، فضلاً على محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فى المنشية، والتى باءت بالفشل، وقادت الإخوان إلى عصر الاستضعاف بعد حملة تطهير واسعة، انتهت بقادتها إلى غياهب السجون، حتى عاد الرئيس السادات، ومنح الجماعة دون أن يدرى قبلة الحياة، لتكون نهايته على يد خالد الإسلامبولى، أحد من نشأوا تحت راياتها ولوائها الإقصائى، حتى وإن لم يكن من المنتمين مباشرة إلى صفوفها. بعد اغتيال السادات، أحسن «الحشاشون الجدد» استقبال مبارك، الوافد الجديد إلى قصر الرئاسة، وصفوه ب«أب لكل المصريين»، ونجحوا فى تدشين شبكة اقتصادية واسعة، فى ظل العقود الثلاثة لحكمة، ومن بوابة «العمل الخيرى»، تسللوا إلى السطلة التشريعية، بمقاعد معدودة فى البرلمان، لتتجاوز تلك المقاعد وسط غفلة من الأحزاب الشرعية، حاجز الثمانين مقعداً فى برلمان 2005. لم يبخل مبارك على جماعة الإخوان، وفر لها مناخاً خصباً لم يكن مؤسس الجماعة حسن البنا ليحلم به فى يوم من الأيام، قدم الرئيس الأسبق للجماعة ملايين من سكان العشوائيات، حيث فقر يلين ل«الزيت والسكر»، وجهل تقنعة مظاهر الدين، لا جوهره.. وبطريقة «الحشاشين» استغلت الجماعة حالة التجريف التى شهدها المجتمع المصرى على مدار ثلاثين عاماً كاملة، زرعت خلاياها النائمة فى مختلف المؤسسات، وضربت جذورها فى شتى القطاعات الرسمية وغير الرسمية، واستعدت للحظة الحاسمة، يوم هتف من نشأوا أسفل صور مبارك فى فصولهم الدراسية، هتافاً واحداً: «الشعب يريد إسقاط النظام». وأمام الصعود السريع للإخوان بعد ثورة 25 يناير، بداية من الاستحواذ على مقاعد البرلمان بغرفتيه، وصولاً إلى اعتلاء السلطة ودخول محمد مرسى قصر الرئاسة، حاولت الجماعة سريعاً بسط سيطرتها على مفاصل الدولة وأركانها، وبادروا بإصدار الإعلان الدستورى، الذى أشعل سيلاً من الاحتجاجات، التى قادت إلى ثورة 30 يونيو الشعبية، وانتهت بعزل الإخوان، ليدخلوا بعد ذلك فى موجة من التفجيرات وأعمال العنف، لم تخل بطبيعة الحال من الاغتيالات والتصفية الجسدية، أبرزها تلك التى نالت من شهيد الأمن الوطنى المقدم محمد مبروك، المسؤول عن ملف الإخوان والشاهد فى قضية التخابر التى ينظرها القضاء والمتهم فيها الرئيس السابق محمد مرسى، إضافة إلى اللواء محمد سعيد مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية الذى تمت تصفيته على يد ملثمين يستقلان دراجة بخارية، أمام منزله، وغيرهما كثيرون، لا تزال ترصدهم فرق اغتيالات «الحشاشين الجدد»، فى حرب ربما تستمر شهوراً أو سنين، إلا أنها مهما طالت محسومة.