اجتازت مصر مرحلة عصيبة من تاريخها المعاصر، استطاعت خلالها أن تعبر جسر الخطر وتنجو من السقوط فى براثن مشروع (الشرق أوسط الجديد)، الذى رسمته أمريكا وبشرت به منذ سنوات طويلة، ولكن بالرغم من ذلك ما زال الخطر يداهمنا وما زالت قوى الشر والبغى تنصب المكائد والشباك لإثارة الفتن للوقوع بمصر فى بئر الظلام، وتحاول جاهدة العمل على إفساد كل ماهو جميل بمصر، وكل ما تم بناؤه خلال السنوات الطويلة الماضية. قد يحتج البعض على أمور لا ترتقى لمستوى أحلامه وطموحاته أو ينتقد بعض سياسات الدولة، ولا أرى فى ذلك حرج على الإطلاق طالما كان الاحتجاج أو الاعتراض بنّاءًا ويهدف إلى المصلحة الوطنية وعبر الوسائل السلمية المشروعة، فلا يستطيع أحد أن يصادر حق أى مواطن فى التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى لأنه حق أصيل من حقوق المواطن يكفله له الدستور والقانون، لكن إذا خرج عن إطاره السلمى فهو بالطبع شىء مرفوض، ولكن لابد من اليقظة وأن يعى كل شخص حجم المؤامرة الكبرى التى تحاك ضد الدولة المصرية وضد جيشها الوطنى الكبير الذى يعد أكبر وأقوى جيش فى المنطقة الآن. لا أريد أن يصل الغضب ببعض الشباب إلى حد إعطاء الفرصة لأعداء هذا الوطن وتمكينهم منه، فالدفاع عن الدولة الوطنية المصرية أولى وأهم من أى شىء ويجب أن يكون فوق كل اعتبار، بالإمكان تغيير الكثير من السياسات والدفع نحو المزيد من الإصلاحات، وبالإمكان أيضا التغلب بالإرداة والعزيمة والمثابرة على الكثير من الصعاب والأزمات ونبنى مجتمعنا كما نريد، ونرسم واقعا جديدا طالما حلمنا به فتحقيق الأحلام ليس صعبا، طالما تمسكنا بالأمل وبالإصرار على النجاح، ولكن ليس بالإمكان أن نبنى وطنا دمرته الفوضى ومزّقته سيوف الخيانة وخناجر الغد. يجب أن يعلم الجميع أن الهدف هو "مصر"، فالعدو متعدد الأشكال والأسماء ولكن هدفه واحد "مصر"، متربص بنا من كل جانب ومن كل اتجاه، ويستخدم كل الأوراق ويلعب على كل المحاور من أجل تنفيذ مخططه، يستغل حماس الشباب ويستغل ظروفهم ويدفع بهم وبالوطن نحو الهاوية، وليعلم الجميع أن أعداء الوطن يسخّرون كل طاقاتهم وإمكانياتهم من أجل الوقيعة بين الشعب وبين قيادته وبين مؤسساته الوطنية، يمارسون حربا نفسية على الشعب، وتأجيج مشاعر المواطنين ضد أجهزة الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة التى تمثل الدرع الواقى والحصن المنيع ضد كل من تسول له نفسه المساس بتراب مصر. من هنا فإن أى مساس بالجبهة الوطنية الداخلية من شأنه تقويض السلم الأهلى، وإحداث شرخ فى جدار الدولة بما يترتب عليه من تهديد لوجود الدولة وبقائها، وعليه فإن تلاحم وتكاتف أبناء الوطن خلف قيادتهم وجيشهم الوطنى يشكل بحق أهم الثوابت الوطنية وأكثرها إلحاحا، ويمثل ضرورة قصوى لصيانة البلاد ورفع شأن الدولة والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية كأولويات وأهداف مركزية تشكل المقومات الأساسية لبناءالمجتمع والدولة المدنية العصرية التى نأملها جميعا. فيجب علينا جميعا أن نضع المصلحة العليا للوطن نصب أعيننا ونفوت الفرصة على كل من يحاول عرقلة قيام الدولة المصرية الديمقراطية المدنية، وعلى كل المتربصون بمصر وأمنها واستقرارها وتلاحم أبناء شعبها العظيم.