بعد أن أُسدل الستارعلى أهم قضية شغلت الرأى العام المصرى منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 والتى اصطلح الإعلام على تسميتها "قضية القرن"، والتى حُكم فيها ببراءة مبارك والعادلى ومساعديه من قضايا قتل شهداء الثورة، وبراءة مبارك وحسين سالم من قضية تصدير الغاز لإسرائيل، وبراءة مبارك ونجليه من تهمة التربح فى قضية فيلات شرم الشيخ، هناك سؤال يطرح نفسه هل هذه هى الجرائم الوحيدة التى كان يجب أن يُحاكم عليها مبارك ونظامه ورجاله وأولاده خلال فترة حكمه التى تجاوزت الثلاثة عقود؟ فإذا كانت الإجابة بنعم فلماذا قامت ثورة 25 يناير وراح ضحيتها؟ مئات الشهداء وآلاف المصابين وهناك الملايين من أبناء الشعب الذين شاركوا فى هذه الثورة وكانوا مستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل أن ينال الوطن حريته ومن أجل القضاء على الفساد والظلم والتزوير. أما إذا كانت الإجابة أن جريمة قتل المتظاهرين لم تكن الجريمة الوحيدة ولكن جرائم مبارك ونظامه الحقيقية التى كان يجب محاسبتهم عليها هى التى حدثت خلال ثلاثة عقود من حكمه للبلاد، فلماذا لم يُحاسب مبارك على تجريف وطن بأكمله وحرمانه من كل سبل التقدم والإزدهار مثلما حدث مع دول كانت أسوأ منا بكثير مع بداية حكمة تعالوا ننظر إلى كوريا الجنوبية. وماليزيا والهند وسنغافورة وما وصلوا إليه من تقدم فى مجال الفضاء والطاقه النووية والبرمجيات وصناعة الطائرات. كان يجب محاكمة مبارك ونظامه على انهيار التعليم وعن الفشل فى كل مجالات التقدم العلمى. كان يجب محاكمة مبارك على انتشار الأوبئة والأمراض والسرطانات وأهمها فيرس سى والالتهاب الكبدى الوبائى والذى يقدر عدد المصابين بهم أكثر من 18 مليون مواطن دون مواجهه حقيقية لهذه الأمراض التى أنهكت أجساد المصريين وحصدت أرواحهم. كان يجب محاكمة مبارك ونظامه على إفقار غالبية هذا الشعب وتهميشه وإيصاله إلى عدم تمكنه من توفير مطالب حياته اليومية الأساسية من مسكن ومأكل وملبس وانتشار العشوائيات التى تفرز أجيالا من العاطلين والمدمنين وقطاع الطرق. مبارك كان يجب أن يحاكم على عمليات التزوير فى إرادة الشعب فى كل الانتخابات التى تمت فى عهده وآخرها الفضيحة الكبرى فى الانتخابات البرلمانية 2010. مبارك كان يجب أن يُحاكم على تفريطه فى كرامة مصر والمصريين خارج الوطن فى المئات من المواقف وعلى دور مصر القيادى الريادى الذى أنهاه وأصبحنا ملطشه لأصغر الدول. مبارك كان يجب أن يُحاسب هو ونظامه على نهب ثروات وخيرات هذا الوطن سواء أراض أو ثروات طبيعية أو بيع للعديد من المصانع والشركات فى صفقات مشبوهة تفوح منها رائحة الفساد. مبارك كان يجب أن يُحاسب على انتشار الرشوة والمحسوبية فى غالبية مؤسسات الدولة وانعدام العدالة الاجتماعية وحرمان أبناء الفقراء والفلاحين من القبول فى وظائف معينة. مبارك كان يجب أن يُحاسب على ما أوصلنا إليه من جهل وتخلف ووصول نسبة الأمية إلى معدلات تفوق أى معدلات عالمية. وهناك سؤال فى غاية الأهمية بعد تبرئة مبارك ونظامه من قتل شهداء الثورة؟ فهل من مجيب؟