اكتسحت موجة من الغضب مصر رداً على زيادة أسعار المواد الغذائية وعودة الطوابير الطويلة أمام المخابز التى تبيع الخبز المدعم، وهو السلعة الوحيدة التى لم يطولها ارتفاع الأسعار بعد. فالموظفون والعمال وحتى الجماعات التى تعد من أصحاب الامتيازات مثل الأطباء وأساتذة الجامعات، ينظمون الإضرابات ويطالبون برفع أجورهم لمواجهة ارتفاع الأسعار الذى وصل إلى 50% فى بعض السلع الغذائية الأساسية. حتى الفئات المحافظة ونظم أساتذة الجامعات إضراباً هذا الأسبوع، مما أدى إلى تعليق العديد من المحاضرات ليوم واحد. يقول هانى الحسينى أحد منظمى الإضراب "إن أساتذة الجامعة من الفئات المحافظة فى مصر التى لا تريد أن تقحم نفسها فى مشكلات، لكن الموقف الاقتصادى الحالى أصبح شديد السوء لدرجة أن الناس أصبحت مستعدة لفعل أى شيء". يطالب الأساتذة بمضاعفة رواتبهم، وبميزانية لزيادة المعاشات، وعلى الرغم من عدم احتمال تلبية هذه المطالب، فإن الحكومة تدرك خطورة الغضب الاجتماعى من جراء المصاعب الاقتصادية وبدأت تستجيب لبعض مطالب العمال. درس انتفاضة الخبز فقد وعدت الحكومة برفع أجور العاملين المدنيين بدءاً من يوليو، وهناك بعض التحركات لزيادة الحد الأدنى للمرتبات الشهرية التى تعادل 250 جنيهاً . وتنفق الحكومة أيضا الكثير على دعم السلع الغذائية، وإضافة ملايين العائلات إلى بطاقات التموين للحصول على الأرز والزيت والسكر المدعم. هناك كثير من المصريين لا يتذكرون مظاهرات الخبز عام 1977، والتى كانت لحظة فاصلة جعلت الحكومات التالية تعطى الأولوية لدعم أسعار بعض السلع الغذائية لمنع الغليان والغضب الشعبى. ويقول الخبير الاقتصادى سمير رضوان المكلف من قبل الحكومة ببحث رفع الحد الأدنى من الأجور، إن المسئولين بالطبع يشعرون بالقلق حيال الغضب الشعبي، ويمكن الاستدلال على ذلك بعدد اجتماعات مجلس الوزراء التى تعقد لحل أزمة ارتفاع الأسعار. الفوز برغيف عيش فى أحد طوابير الخبز فى إمبابة، أحد الأحياء الفقيرة بالقاهرة، كانت تقف رجاء عبد الكريم، أم لخمسة أطفال، وتقول إنها تستيقظ فى السادسة صباحا لشراء الخبز لأن المخبزين الموجودين فى الحى يبيعان الدقيق بشكل غير قانونى وينتجون كمية قليلة من الخبز للمواطنين. وتضيف" أن الأرز والزيت أسعارهما مرتفعة جدا، وزوجها فلاح بالأجرة يكسب عشرة جنيهات فقط فى اليوم"، وتتساءل:"هل يكفى هذا لسبعة أشخاص؟ وماذا عن الأطفال ومدارسهم واحتياجاتهم من ملابس وغذاء، فإذا لم أدفع لأصحاب الدروس الخصوصية سيرسب أبنائي". يعيش خمس سكان مصر المقدر عددهم ب80 مليون نسمة تحت خط الفقر بدخل 2 دولار يومياً. رضوان أوصى بأن تزيد الحكومة الحد الأدنى للأجور الشهرية إلى 560 جنيهاً ويقول "ينبغى أن نقلق لأن أسعار الغذاء فى ارتفاع، وستستمر على هذا الوضع فى المستقبل القريب".