سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الهيئات الحكومية متاهة معقدة .. تكلف الدولة 11 مليار جنيه خسائر سنويا تتحملها الميزانية المرهقة.. 206 هيئات حكومية تتبع الوزارات.. ومستشار للبنك الدولى: الحل فى إعادة هيكلتها
نقلا عن اليومى.. 206 هو إجمالى عدد الهيئات التابعة للوزارات الحكومية، وفقا لجهاز التنظيم والإدارة، تلك الهيئات التى تعد واحدا من أهم عوامل بناء الجهاز الإدارى، وتعد فى نفس الوقت أحد أهم الأعباء على ميزانية الدولة، لما تسببه من ضغوط اقتصادية سنويا على الميزانية، بسبب ما تتكبده من خسائر سنوية، لوجود عدد كبير من العاملين بها، إضافة إلى طبيعة الأدوار التى تقوم بها والتى تجد بعضا منها مكررا، وإنك لتعجب من هذا العدد الذى لا تعرف طبيعة تخصصه أو الدور النهائى الذى يقوم به. وهذا أمر تلحظه ببساطة إذا حاولت تتبع أداء وأدوار هذه الهيئات، «اليوم السابع» اختارت 7 من الوزارات كنموذج لبقية الجهاز الإدارى بالدولة، ورصدت عدد الهيئات بها وكيفية دمجها وتطويرها، وبحثت «هل تمثل عبئا على الدولة أم لا؟». البداية كانت مع وزارة النقل، وهى واحدة من أكبر الوزارات التى يتبعها أكبر عدد من الهيئات الحكومية، فيبلغ العدد التابع لها، وفقا لموقع الوزارة 32 هيئة، وتختلف ما بين هيئات تختص بأعمال النقل العام وهيئات تخص السكة الحديد. وتشمل هذه الهيئات، كما هى مدونة بموقع الوزارة، الهيئة العامة لتخطيط مشروعات النقل، الهيئة القومية لسكك حديد مصر، الهيئة العامة للنقل النهرى، الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى، شركة الاتحاد العربى للنقل البرى، المعهد القومى للنقل، الهيئة القومية للأنفاق، الهيئة العامة للموانئ البرية والجافة، شركة المركز الطبى، الشركة المصرية للصيانة وخدمات السكك الحديدية، الشركة الوطنية لإدارة خدمات عربات النوم والخدمات الفندقية والسياحية، شركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة وأعمال التأمين والنظافة، شركة تطوير مشروعات تكنولوجيا النقل، الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، الشركة المصرية لتجديد وصيانة خطوط السكك الحديدية، شركة السكك الحديدية للصناعات التكميلية وقطع الغيار والمعدات، الشركة القابضة لمشروعات الطرق والكبارى، شركة النيل العامة للطرق والكبارى، الشركة المصرية لمشروعات الطرق الاستثمارية، هيئة وادى النيل للملاحة النهرية، شركة النيل العامة للطرق الصحراوية، شركة النيل العاملة لإنشاء الطرق، والشركة المصرية لمشروعات الطرق الاستثمارية. هذا بالإضافة إلى الهيئة العامة لميناء الإسكندرية، الهيئة العامة لميناء بورسعيد، الهيئة العامة لميناء دمياط، الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية، شركة الاتحاد العربى للنقل البحرى، شركة القاهرة للعبارات والنقل البحرى، وشركة الجسر العربى للملاحة. ويقول مصدر مسؤول بوزارة النقل تحتفظ «اليوم السابع» باسمه، إن الوزارة تحوى عددا كبيرا من الهيئات، وكلها تحتاج للتطوير والدمج، ولكن يصعب القيام بهذا بسبب تضخم أعداد الموظفين بالوزارة وداخل الهيئات، حيث يصل عددهم إلى 83 ألف موظف تقريبًا، ومن الصعب تسريح العمالة لمخالفة هذا للقانون. وبالتالى فالوزارة لديها عبء كبير فيما تتحمله من أعمال خاصة بالإدارات، إضافة إلى أنه من المفترض أن ما تقوم به من دور يصعب عليها بسبب تشابك الأعمال وتضارب الأدوار. وطالب المصدر بتطوير الوزارة، ووضع خطط للدمج تساعد فى تقليص عدد الهيئات، وفى نفس الوقت لا تضر بالعاملين. وزارة التربية والتعليم واحدة من أهم الوزارات التى يوجد بها عدد كبير من الهيئات من المفترض أن لها دورا تقوم به وليست مجرد عبء، وهذه الهيئات هى، وفقا لموقع الوزارة: الإدارة العامة للامتحانات، الإدارة العامة للتربية البيئية والسكانية، الإدارة العامة للتعليم والتدريب المهنى، الإدارة العامة للوسائل التعليمية، والإدارة المركزية لرياض الأطفال والتعليم الأساسى، والإدارة المركزية للأمن، الإدارة المركزية للخدمات المركزية والعلاقات الثقافية الخارجية، الإدارة العامة لخدمة المواطنين، الإدارة العامة للتعليم الثانوى، الإدارة العامة للعلاقات العامة، الإدارة العامة للمدرسة المنتجة، الإدارة العامة للمكتبات، الإدارة المركزية للتخطيط التربوى والمعلومات، الإدارة المركزية للتدريب، والكمبيوتر التعليمى، قطاع التعليم الفنى، ومركز التطوير التكنولوجى. ويقول الدكتور رضا مسعد، وكيل أول وزارة التعليم سابقا، إن الهيكل التنظيمى للإدارة كان واسعا جدا بعد ثورة 25 يناير، فقامت الوزارة بتغيير الهيكل التنظيمى الخاص بها، إضافة إلى أنها بدأت فى تقليص عدد الإدارات المركزية والدواوين الموجودة بها، بما يتناسب مع طبيعة العملية التعليمية والدور المفترض أن تقوم به الوزارة. وأكد مسعد أن هذا يظهر من خلال الهيكل التنظيمى للإدارة، الذى يسهم فى تحقيق المهمة المنوط بها خاصة لما تمر به العملية التعليمية من صعوبة، وتحتاج لعمل العديد من الهيئات، بكثافة عالية. ثم نأتى إلى وزارة الصحة وهى واحدة من أهم الوزارات التى يتبعها عدد كبير من الهيئات وهى: قطاع الرعاية الصحية، قطاع الشؤون الوقائية والأمراض المتوطنة الصحية، قطاع تنظيم الأسرة، قطاع الرعاية العلاجية، قطاع التدريب والبحوث، قطاع الدعم الفنى والمشروعات، قطاع شؤون الأقاليم الصحية، قطاع شؤون مكتب الوزير، الإدارة المركزية العامة، إضافة إلى الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، الهيئة العامة للتأمين الصحى، الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، المعهد القومى للتغذية، أمانة المراكز الطبية المتخصصة، الإدارة المركزية للمعامل، والإدارة المركزية لشؤون الصيدلة. ويقول بدوى محمود، منسق إعلامى بوزارة الصحة، إن الهيئات بالوزارة تحتاج إلى إعادة تطوير ودمج لتقليص الأعمال التى تقوم بها، وبالتالى الميزانية التى تحتاجها، والتى تتسبب فى إهدار مالى، إضافة إلى ما يحدث من تداخل فى الأعمال. وكانت الوزارة التالية هى وزارة الزراعة، وهى واحدة من أكبر الوزارات التى تتبعها هيئات، ووفقا لموقع الوزارة، فإن بها 7 قطاعات، كل قطاع يتبعه عدد من الهيئات، تتراوح بين ثلاث هيئات و7 هيئات. وعن التطوير فى هذه الهيئات وتقليص عددها يقول دكتور صلاح يوسف، رئيس قطاع الخدمات السابق بالوزارة، إن وزارة الزراعة واحدة من أهم الوزارات فى مصر والتى من المفترض أن يكون لرئيسها، صلاحيات كبيرة ليستطيع التواصل مع بقية الوزراء ورئيس الوزراء بنفسه، مؤكدا أن التطوير فى الوزارة يتطلب خططا جديدة خاصة بدور الوزارة والهيئات التى تتبعها. أما وزارة الموارد المائية والرى، فتتكون من 6 قطاعات، كما هو مدون على موقعها وهى: «الرى، حماية النيل، المياه الجوفية، المساحة، السد العالى، الصرف». وبعده بحثنا وزارة الكهرباء، فوجدنا بها 6 هيئات يتبعها عدد من الشركات، وهى شركات الإنتاج، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركات التوزيع، وبها عدد من القطاعات وعددها 15، وهو عدد ليس كبيرا مقارنة بباقى الوزرات، لكنه فى نفس الوقت يمثل عبئًا مع بقية الأجهزة الإدارية فى الدولة. كما يوجد بوزارة التموين والتجارة الداخلية سبع هيئات تابعة لها، وهى: اللجنة العامة للمساعدات الأجنبية، هيئة السلع التموينية، جهاز حماية المستهلك، مصلحة دمغ المصوغات والموازين، جهاز تنمية التجارة الداخلية ومصلحة التسجيل التجارى، والشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين، الشركة القابضة للصناعات الغذائية بما تضمه من المجمعات الاستهلاكية وشركتى الجملة. اما وزارة الإسكان فالهيئات التابعة لها هى: هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى، الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، الجهاز التنفيذى للمشروعات المشتركة، جهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء، الجهاز التنفيذى لمشروعات المياه والصرف الصحى، الجهاز المركزى للتعمير، الجهاز التنظيمى لمياه الشرب والصرف الصحى وحماية المستهلك، شركة المقاولون العرب، الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، صندوق تمويل المساكن، صندوق البحوث ودراسات التعمير، والمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، ومركز معلومات الوزارة. ويقول هانى مهنا، المستشار السابق لوزارة التموين، إن وزارة التموين تحديدًا بها عدد من الهيئات التى لابد من فصلها، للعمل كهيئات مستقلة، حتى لا تتسبب فى وقوع خسائر اقتصادية، مثل هيئة التأمين التى تسبب تحويلها لوزارة المالية فى وقوع العديد من الخسائر لها وضياع أموال المصريين، بالإضافة إلى صندوق مكافحة الإدمان المفترض أن يفصل ويكون له دور أكبر. فخرى الفقى، مستشار صندوق النقد الدولى السابق، قال إننا نحتاج إلى برنامج للإصلاح الاقتصادى يحتوى على بند خاص بتصحيح الهياكل المشوهة فى الحكومة والمنظمات والهيئات التى عفا عليها الزمن، موضحا أن هناك أكثر من منظومة تحتاج إلى تصحيح هيكلى، بمعنى أن يتم دمج بعض الهئيات خاصة إذا كان هناك ازدواج فى الأداء. وأكد الفقى، أن بعض الهيئات الاقتصادية تحتاج إلى إعادة هيكلة فى القوانين، لأن القوانين التى تحكمها عفا عليها الزمن، والبعض الآخر من الهيئات يحتاج إلى هيكلة مالية لكونها مدينة بمبالغ كبيرة مثل هيئة السكك الحديدية أو هيئة النقل العام. وأشار إلى أنه بالنسبة للهيئات الاقتصادية والتى يبلغ عددها 51 هيئة تحقق فائضا بالسالب، لافتا إلى أن بعضها يحقق مكاسب والبعض الآخر يحقق خسائر، فهيئة قناة السويس أو البترول تحقق مكاسب عالية، فى حين أن السكك الحديدية والنقل تحقق خسائر مرتفعة، وبالتالى إجمالى فوائض الهيئات يكون بالسالب، ويضاف على الموازنة، وتكبدت العام الماضى خسائر قيمتها 11 مليار جنيه تحملتها الموازنة العامة للدولة. واقترح مستشار صندوق النقد الدولى السابق، أن يتم دمج الهيئات الاقتصادية التى يبلغ عددها 51 هيئة مع شركات القطاع العام التى تصل إلى 151 على أن يتم إلغاء الشركات القابضة ويتم ضمها جميعا فى صندوق سيادى لإدارة الأصول الاقتصادية، على أن يتم اختيار إدارة مشهود لها بالكفاءة تتولى إدارة هذا الصندوق السيادى لتساعد فى أن يحقق عائدا ماديا للدولة يصل على الأقل إلى عشرة بالمائة، بدلا من تحقيق الخسائر. مؤكدا أن هذا الصندوق سيتولى علاج الاختلالات المالية والهيكلية فى هذه الهيئات، كما سيتولى تدريب العاملين فى كل الهيئات. وعن تأثر العاملين بالهيئات بعمليات الدمج أو إعاداة الهيكلة، قال فخرى الفقى، إن الأمر فى حالة تأسيس صندوق سيادى سيكون مختلفا، لافتا إلى أننا لا نقوم فى هذه الحالة بعمليات بيع أو خصخصة للهيئات حتى يتم تسريح العمال، وإنما كل ذلك يتم تحت إدارة الحكومة، وبالتالى من الممكن أن يتم توظيف العاملين فى هذه الهيئات بعد الدمج، وتحديد ما إذا كانت إحداها يشهد تكدسا للعمال يمكن تبديله فى هيئة أخرى تحتاج إلى عمالة. وأضاف أنه فى الوقت نفسه من المفترض أن يقوم الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بعمل ثلاث خطوات، وهى إعادة توصيف للوظائف الخاصة بكل الهيئات وإعادة تقييم لكل وظيفة، على أن يتم تحديد الراتب فى ضوء هذا التقييم، وفى النهاية يتم الربط بين إنتاجية كل عامل ومرتبه أو الأجر الذى يحصل عليه. وفى نفس السياق، يقول فريد عبدالعال رئيس قطاع التخطيط الإقليمى بوزارة التخطيط: من المفترض أن يتم عمل برنامج للإصلاح الإدارى يتم على أساسه تحديد الهيئات المتشابهة فى عملها، ويتم دمجها للتقليل من عدد الهيئات التابعة للوزارات. وأشار عبدالعال، إلى أن بعض الهيئات لا يمكن الاستغناء عنها أو انتظار أن تحقق فائضا ماديا للدولة، خاصة فى حالة أن تكون هيئات خدمية تقدم خدمة للمواطن. مؤكدا أنه بالرغم من أن الجهاز الحكومى يعانى تضخما فى عدد العاملين، فإنه يجب أن يتم دمج هذه الهيئات دون الإضرار بمصالح العاملين بها. وعن الديون التى تحققها بعض الهيئات سنويا وتتحملها ميزانية الدولة، قال عبدالعال، إن المشكلة فيما تحققه بعض الهيئات من خسائر يتعلق بسوء الإدارة فيها، ضاربا مثالا بوزارة النقل التى يوجد بها هيئة للنقل العام فى القاهرة وأخرى فى الإسكندرية، موضحا أن هيئة النقل العام فى الإسكندرية تحقق مكاسب للدولة فى حين أن الهيئة فى القاهرة تحقق خسائر سنوية. وفى سياق متصل، قال عبدالعال، إن بعض الهيئات الخدمية يمكن استغلالها اقتصاديا لتحقيق أرباح منها مثل هيئة السكك الحديدية أو مترو الأنفاق إذ من الممكن استغلال المحطات فى المساحات الإعلانية لتحسين مستوى الدخل الخاص بالهيئة، ومواجهة ما تحققه من خسائر. وأوضح، أنه من الممكن أن يتم استغلال الخطوط الممتدة من القاهرة لأسوان وإزالة ما بها من تعديات وتنفيذ بعض المشروعات الاقتصادية فيها، بما يساعد فى زيادة دخل الهيئة، واستيعاب عمالة جديدة، وكذلك الحال بالنسبة لكل الهيئات الخدمية. فى حين قال السفير جمال بيومى، المنسق العام للسياسة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبى، إننا لدينا مشكلة فى عدد الوزارات والهيئات التابعة لها بشكل عام، وحتى فى حالة الإعلان عن دمج الوزارات لا يتم ذلك بشكل فعلى، وإنما خارجيا فقط، حيث يتم تغيير المسمى الوزارى أو نقل تبعية الوزارة من جهة إلى أخرى، إلا أنه فعليا تبقى الوزارة بموظفيها وهياكلها التنظيمية كما هى. وضرب مثلاً بوزارة القوى العاملة والهجرة، قائلاً، إنها كل مرة يتم دمجها مع وزارة مختلفة بين الخارجية والقوى العاملة، لكن فعليا لم يتم إلغاء الوزارة وكذلك الوضع بالنسبة لوزارة الإعلام. وأضاف، أن تزايد الهيئات يتسبب فى وجود تشابك وتداخل واضح فى عملها ولا يوجد داع لأن تقوم أكثر من هيئة بنفس المهام أو بمهام مشتركة، متسائلا: لماذا يكون لدينا وزارة للاستثمار وهيئة للاستثمار؟ وأشار بيومى إلى أن الجهاز الحكومى به تضخم كبير بعدد العاملين، لافتا إلى أننا لدينا ما يزيد على 6 ملايين موظف فى حين أن الاحتياج الفعلى للجهاز هو 800 ألف فقط. واعتبر أن الحل يكمن فى دمج الهيئات، لافتا إلى أنه فى حال تم الفصل أو الدمج، يجب أن يكون فعليا، وحتى لا تتأثر العمالة فإن الحل الرئيسى يتمثل فى ضخ الحكومة لعدد كبير من المشروعات تستوعب كل العمالة المتكدسة فى هذه الهيئات، ويتم تشغيل الجميع فى هذه المشروعات، ومن دون ذلك فلن يتم حل الأزمة، وستبقى هذه الهيئات تحقق خسائر تضاف كعبء على الموازنة العامة للدولة.