سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مجلس حكماء المسلمين يرسل أربع رسائل مُقتَضبة للشباب والأُمَّة والحُكَّام والعالم..ويؤكد فى بيان له: يجب تشكيل تيَّار فاعل يتَصدّى للعُنف والإرهاب..بدأنا فى وضع خُطَّةٍ مُتكامِلة لتفعيل السِّلم بالعالم
أصدر مجلس حكماء المسلمين، بيانا، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أكدوا فيه ضرورةِ تشكيل تيَّارٍ فاعل يتَصدّى لتيَّار العُنف والإرهاب، من خِلال فعلٍ جماعى قَوى ومُنظَّمٍ يلمُّ شملَ الأمَّة ويُوحِّد جهودَ أهلِ العلم والحِكمة، ويُواكِب تطوُّرات الواقع بكلِّ تفاصيله، ليُقدِّمَ للعالمين رُؤى مُستنيرةً مُقتبَسةً من الهدى الإلهى، ومُستفادةً من تجارب البشريَّة، تُزاوِج بين التأصيل النَّظَرى والتوصيل العَمَلى، وأكَّدوا أن داء التطرُّف والغُلوِّ لا عِلاجَ له إلا من صَمِيم الشريعة الإسلاميَّة نفسِها، وباستخدام نفسِ اللغة والمفاهيم الإسلاميَّة التى يَستَنجِدُ بها المتطرِّفون فى مَساعيهم التَّخريبيَّة، مُحرِّفين لها عن مَقاصِدها النبيلة. وأضاف البيان الصادر عن الاجتماع الثانى للمجلس، والذى عقد صباح اليوم الأربعاء بفندق الفورسيزون، أن المشاركين تدارسو التطوُّرات الخطيرة التى شهدتها المنطقةُ فى الآوِنة الأخيرة، وعلى وَجْهِ الخصوصِ حالة الاحتراب الأهلى وفتنة الإرهاب المتَّقدة التى اصطَلَت بشَرِّها المُستَطِير كافَّةُ المجتمعات، فدَمَّرت البلدان وأساءت للأديان. وقالَ المجلسُ إنه شرع فى وضع خُطَّةٍ استراتيجيَّة مُتكامِلة لتفعيل السِّلم فى العالم، والإسهام فى نزع فَتِيل الإرهاب بكافَّة أشكاله؛ الفكرى والمسلَّح، وسوف تَعملُ لجانُ المجلس على إطلاق مُبادرات عمَليَّة مَلموسة، يُشرِفُ على إنجازها الشبابُ بتَأطيرٍ من العلماء، وتَتَغيَّى الخروجَ بالأمَّة من نفَق الفتنة المظلِم، وسيَتمُّ الإعلانُ عن هذه المبادَرات فى مَطلَع السَّنة الميلاديَّة الجديدة، وهى مُبادراتٌ بعضُها مُتوجِّه إلى النَّظَر فى مناهج الأمَّة وتُراثها، بهدَفِ إجراء مُراجَعات جادَّة لكثيرٍ من الأفكار الدَّخيلة الملتبِسة بلُبُوس المفاهيم الأصيلة، والتى أَوْقَعت الأمَّةَ فى أتون الاحتِراب والتناحُر، وبعضها الآخَر عملى وميدانى يُعزِّزُ قُدرات الأمَّة على الإسهام الفَعَّال فى صِناعة السلام العالمى والدَّفع بأبنائها فى مَيادِين الإبداع الفكرى والاختراع العلمى بما يَنفعُها ويَنفَعُ الناسَ أجمعين. وقد أرسَلَ المجتمِعون أربعَ رسائل مُقتَضبة إلى الشباب والأُمَّة والحُكَّام والعالم: فإلى شباب الأُمَّة نصيحةَ مُشفِقٍ أن لا يُحاولوا ما يَفوقُ طاقةَ الأمَّةِ، وعافيةَ المجتمع المسلم؛ فيُرهِقوا أنفسهم ويُرهقوا أمَّتَهم ويَستَعدُوا عليها الأممَ فى غيرِ طائلٍ، ويُهدِروا القيمَ الإصلاحيَّة والشرعيَّة، وأن يُصغُوا إلى صوت الحكمة، وأن يَعلَموا أن فُرَصَ العدالة مع السِّلم أفضل من فُرَصِها مع الحرب حُكَّامًا ومحكومين، وإلى الأمَّة جميعِها بكلِّ شَرائحها وفئاتها بيانٌ وموعظةٌ – حكَّامًا ومحكومين - بوُجوب إطفاء نارِ الفتنة وحَقن الدماء، وترك النِّزاع والشِّقاق، وتحجيم الخِلاف، وأن يَجنَحوا دائمًا للحوار والتوافُق؛ فما أضرَّ بالأُمَّة شيءٌ كما أضرَّت بها الانشِطاراتُ الفكريَّة والاصطِفافاتُ الطائفيَّة، والإقصاءُ والاستِقطاب، فعلى جميع الأطرافِ فى الأُمَّةِ أن تجتَهِدَ بإخلاصٍ وتجرُّدٍ، وإلى ولاة الأمر دعوةٌ إلى بَذلِ كلِّ ما هو مُتاحٌ لتحقيق مستوًى من العدل والازدهار لجميع المواطنين؛ ممَّا يُسهم - لا محالةَ - فى إطفاء نائرة الفتنة، وأن يُفعِّلوا الوعى الذى بدأ يتَشكَّل لدى كبار صُنَّاع القرار فى العالم بضرورةِ الاستمداد من حكمة العلماء، وتجاوز المقارَبات الأمنيَّة والعسكريَّة كحلٍّ وحيدٍ، والعُدول عن ذلك إلى تَبنِّى حلولٍ فكريَّة مجتمعيَّة شاملة، وإلى العالم أجمع إعلانٌ ببَراءةِ الإسلام ممَّا أُلصِق به من تُهمة الإرهاب، فالإسلام صانُع السلام على مدى أربعة عشر قرنًا، ولا يُمكن أن يُحكَمَ عليه انطلاقًا من حالةٍ ظَرفيَّة لها أسبابٌ تاريخيَّة مُتشعِّبة، وهو إعلانٌ باستِعداد حُكَماء الأمَّة فى الإسهام فى صِناعة السَّلام العالميِّ، على بَصيرةٍ بمُنطلقاتهم الفكريَّة ومسؤوليَّاتهم الحضاريَّة؛ وإنَّ المجلس ليُؤكِّدُ احترامَه لجميع الآراء مهمَا اختلفت ما دامت مُلتزمةً بالسِّلم والسلام المجتمعى، واحترامه لتلك الآراء لا يعنى قبولها. ومن جهةٍ أخرى فقد صادَقَ أعضاءُ اللجنة التأسيسيَّة على النِّظام الداخلى للمجلس، واختاروا بالتوافق الإمام الأكبر شيخ الأزهر رئيسًا لمجلس الحكماء؛ كما اتَّفَقُوا على اقتراحٍ بضمِّ ثُلَّةٍ من الحكماء والعلماء وفقًا للنظام الأساسى للمجلس. وفى ختام الاجتماع تَقدَّم مجلسُ حكماء المسلمين بأَحَرِّ التعازى وأصدقِها إلى عائلات الجنود المصريين الشُّهداء الذين قُتِلوا ظُلمًا وهم يَسهَرُون على حِفظ السِّلم والأمن فى مصر وسائر بُلدان العُروبة والإسلام، سائلين المولى - عزَّ وجلَّ - أن يتَقبَّلَهُم شُهَداء، وأن يُلهِم أهلَهم الصبرَ والمثوبة، وأن يَحفَظَ الأمَّةَ من شرِّ الفتن ما ظهَرَ منها وما بَطَنَ، وأن يُعِيدَ لها نعمةَ الأمن والتراحُم.