فى حرب أكتوبر 1973 قضت مصر على أسطورة الجيش الذى لا يقهر باقتحامها لقناة السويس أكبر مانع مائى واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف، واستيلائها خلال ساعات قليلة على الضفة الشرقية للقناة بكل نقاطها وحصونها، ثم اتجهت لقتال شرس فى عمق الضفة الشرقية. الجندى المصرى هذه المرة يصنع التاريخ حقيقة، سيذكر التاريخ العسكرى أن لواء كاملا من المدرعات وهو اللواء (190) الاسرائيلى قد سقط ودمر منه "85" دبابة فى ثلاث دقائق بفعل كمين من أفراد المشاة. يعلق حاييم هرتزوج - مدير مخابرات إسرائيل فى ذلك الوقت على جندى المشاة فى الحرب، قائلا "كان قادة المدرعات الإسرائيلية على اقتناع بأن الدبابات تستطيع القتال وحدها دون مساعدة من جنود المشاة، وقد تبين أن هذا من أخطر المفاهيم الخاطئة التى ترسخت فى الفكر العسكرى الإسرائيلى منذ حرب الأيام الستة، لأن المدرعات الإسرائيلية لم تحقق أى نجاح فى مواجهة خطوط العدو بالأسلحة المضادة للدبابات التى ركز عليها المصريون، لقد كان الثامن من أكتوبر هو اليوم الذى ضاع فيه الحلم الإسرائيلى وتلقت فيه القوات الإسرائيلية خسائر جسيمة، لقد أطلق حاييم هيرتزوج على هذا اليوم "أطول يوم" وهو يوم سقوط اللواء 190 مدرع بقيادة عساف ياجورى الذى أسر فى ذلك الحين. لقد جرت الحرب فوق سيناء فى حرب أكتوبر معارك الدبابات التصادمية فى التاريخ التى فاقت معارك الحرب العالمية الثانية وأكبر معارك الطيران فى تاريخ الصراع مع إسرائيل، ويكفى أن هذه الحرب بدأت بعبور المصريين لقناة السويس أقوى الموانع المائية، وقال الملحق الإسرائيلى (رئيف شئيف)، لقد ظننا أن الدبابة تلقى الرعب دائما فى سلاح المشاة المواجه لها وكانت المفاجأة أن رأينا المصريين يتجرأون على مواجهة الدبابات، لقد خلق لنا العدو وضعا لم ننجح فيه دائما. ففى مواجهة دبابات الجيش الإسرائيلى وضع أكثر من مرة سلاح المشاة المزود بأسلحته المضادة للدبابات، فجأة اتضح لنا كما قال أحد زعماء إسرائيل "إن فلاحى وادى النيل أصبحوا صيادى دبابات"، وحين حاول العدو القيام بعملية مظهرية بأن يدخل مدينة السويس تحولت المدينة إلى مقبرة لدباباته إذ ترك فيها (32) دبابة وانسحب ومن بقى فى المدينة بقى محاصرا ثم قتل أو جرح أو تسلل أثناء الليل خارجا من المدينة. وقد علق (رئيف شئيف) أيضا على هذه المعركة قائلا، لقد دارت أعنف المعارك داخل مدينة السويس، وكانت هذه المعركة الوحيدة خلال الحرب التى جرت داخل منطقة مبنية. وقد تورط فيها الجيش الإسرائيلى دون إرادته، لقد دخل الجيش الإسرائيلى إلى فم الأسد دون أن يشعر بأن الأسنان يمكن أن تطبق عليه.