لأول مرة كما قال الرئيس السادات في كتابه البحث عن الذات لقد غير المخطط العسكري المصري المفاهيم التي كانت ثابتة وراسخة في معركة أكتوبر/ رمضان3791, حيث إن القاعدة القتالية المعروفة أن الدبابة لا يواجهها ولا يقابلها إلا دبابة مثلها, وأن قوات المشاة المترجلة وأسلحة دعمها مهما كان تدريبها أو نوعيتها أو أسلحة دعمها لا يجب أن تدخل في أي معركة مع المدرعات, لأن الدبابة لا يواجهها إلا دبابة مثلها, إلا أنه في حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان عبرت القوات المصرية المشاة المدربة مع الموجات الأولي وهم يحملون الصواريخ المضادة للدبابات, وواجهوا الدبابات الإسرائيلية في معركة قاسية ومريرة ودمروا للعدو الإسرائيلي أعدادا ضخمة من الدبابات قبل أن تعبر دباباتنا وتدخل معهم في معارك الدبابات. كيف حدث هذا رغم أنه منذ نهاية الحرب الأولي(4191 8191) والدبابة تتبوأ عن جدارة مركز الصدارة في أسلحة القتال البرية, وفي حروب الصحراء والأراضي المفتوحة بوجه خاص بدرعها السميك, وتسليحها القوي, وخفة الحركة, والمقدرة علي المناورة التي تتمتع بها أثناء القتال مما يجعل منها خصما شديد البأس تجاه جندي المشاة الذي يصبح أمامها بلا حول ولا قوة, وما فعلته المدرعات الإسرائيلية جعل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعمل علي إعادة تنظيم قواتها المسلحة والعناية الخاصة بالقوات المدرعة الإسرائيلية وأمدتها بأفضل النظم الأمريكية الحديثة, إلا أنها أهملت سلاح المشاة ليتواري في الظل بعيدا بعد أن ضللت نتائج حرب الأيام الستة قادة إسرائيل الذين بالغوا في إسباغ الأهمية الخاصة علي دور الدبابات علي حساب المشاة, وكان بإمكانهم استرجاع ذكريات تلك الحرب حينما كانوا يتقدمون علي رأس وحدات مدرعة صغيرة بسيناء ليمزقوا التشكيلات البرية المصرية التي كانت تفوقهم حجما بشكل واضح, ولتتقدم تلك الوحدات المدرعة ذات القدرة العالية علي الحركة في أعماق سيناء وخلف خطوط القوات المصرية, وهكذا اعتقد الإسرائيليين أنه مازالت الدبابة وحدها قادرة علي إحراز النصر, وكسب الأرض في الصحراء, وكان ذلك خطأ فادح ارتكبه قادة وساسة إسرائيل. يقول الخبير العسكري الإسرائيلي زئيف شيف عن هذا الخطأ الذي وقعت فيه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حيث قال: حرب يوم الغفران أظهرت أن الاعتماد الكبير علي الدبابة في إسرائيل قد خلق نوعا من إنعدام التوازن في التشكيل المدرع, لأن شركاء الدبابة وهم المشاة في المجموعة المدرعة بقوا في المؤخرة وأهمل أمرهم. لقد غرس نجاح الدبابة في حرب الأيام الستة التي كانت في أساسها حرب حركة بأكثر مما كان حرب حقيقية, والإحساس في إسرائيل أن الدبابة يمكنها عمل كل شيء سواء بالهجوم أو الاحتفاظ بالأرض أو المطاردة, وأسلوب القتال المصري في الحرب يوم الغفران تسبب في عجز مدرعاتنا في معظم معارك الحرب, لأن المشاة الإسرائيلي كان أضعف من المشاة المصري. كيف تعامل المشاة المصريين مع الدبابات الإسرائيلية؟.. سؤال يجب أن يتطرق إلي نظريات القتال في الصحراء بأن الدبابة تقابل دبابة مثلها, وعقد مواجهة المدرعات بين الطرفين تكون الغلبة للأكثر خبرة ومهارة وقوة تسليح وقوة الدرع, ثم تبحث الدبابة بعد ذلك عن الأسلحة المضادة للدبابات وعلي المشاة المترجل عندما اقتحمت قناة السويس ووصلت واعتلت الساتر الترابي لتطيح بخط بارليف وحصونه, ولم تكون الدروع قد لحقت بها في انتظار إقامة الكباريد والجسور, وهكذا أن رجال المشاة بصدورهم العارية استطاعوا أن يواجهوا الدبابات الإسرائيلية فيز معركة غير متكافأة, وأسرعت المدرعات الإسرائيلية في موجات متتالية في محاولة مستميتة لسحق المشاة المصرية والقضاء عليها, وهنا كانت المفاجأة التي أذهلت العدو وأطاشت صوابه, حيث وقعت مدرعاته في مظلة الدفاع المضاد للدبابات من الصواريخ والأسلحة الأخري مثل( آر. بي. جي ب01 ب11) المصريون يتسلقون دباباتنا ونورد فيما يلي من ميدان القتال سندع الإسرائيليين أنفسهم يقصون لنا الحجيم الذي عاشوا فيه والذي أشعله المصريون حولهم من رجال المشاة والصواريخ المضادة للدبابات ويروي أحد قادة الأولوية المدرهة الإسرائيلية ممن اشتراكوا في القتال علي جبهة قناة السويس في حرب أكتوبر1973 من الفرقة الثانية المدرعة بسيناء ذكرياته المريرة مع رجال المشاة المصريين فيقول: كان المصريون يركضون نحو دبباباتنا دون خوف ويتسلقونها ويقتلون أطقمها بالقنابل اليدوية والصواريخ دون أن يبدو أن لذلك نهاية كان القتل مخيفا بموجات تتلوها موجات كأنهم صينيون حيث فقدت في معركة مريرة ثماني دبابات فوق الساتر الترابي شرق القناة بينما تلقت عشرات الدبابات قذائف صواريخ( ساجر) وبدأت تشتعل وهي تفر هاربة شرقا ومن هنا لاحظت دلائل واضحة علي انهيار هجومنا المضادة بعد أن انسحبت دباباتنا في حالة ذعر دون نظام بينما نفذت ذخيرتها وأبلغني القادة أن المصريين يهاجمون بشراسة وباندفاع عظيم وأن المنطقة كلها مفطاة بقذائف المدفعية والهاونات إلي جانب الصواريخ المضادة للدبابات. ويواصل قوله استمر قنص المشاة المصرية للدبابات بالصواريخ كما تلقت مجموعة القيادة التابعة للجنرال بيرن ضربة مباشرة وفي ساعات بعد ظهر يوم الاحد7 أكتوبر كان عدد قليل قد تبقي من دباباتنا يحاول وقف تدفق الطوفان المصري كانت خسائرنا فادحة في اليوم الثالث للحرب وهائلة كما وقع الكثيرين في الأسر وخاصة من بينهم أطقم الدبابات الذين قدرت لهم النجاة والخروج من الدبابات المحترقة وكان من بينهم الكونولول عساف ياجوري قائد اللواء المدرع190 والذي ظهر في ذات الليلة علي شاشة التليفزيون المصري وكانت نسبة الخسائر البشرية كثيرة في صفوفنا تجاوزت النسبة العددية للقتلي والجرحي في ذلك اليوم الأسود كل ما عرفه الجيش الإسرائيلي في الحروب السابقة مع العرب. وصورة أخري من قلب المعركة يرويها لنا ضابط المدرعات الإسرائيلي باري يكتب بعد الحرب ويقول: لقد علمونا في مدرسة المدرعات أن الدبابة هي المشكلة ودبابات العدو هي الهدف الأول ثم بعد ذلك الموقع المضاد للدبابات يمثل لنا الهدف الثاني الذي ينبغي التعامل معه وتدميره ويأتي في النهاية البحث عن المشاة لنقوم بسحقهم ولكن عندما وصلنا في اليوم الأول للحرب علي خط المياه لقناة السويس توقفت دباباتنا وبدأنا في إطلاق النار شعرت باطمئنات في بداية الأمر عندما لاحظت أن الأهداف التي نواجهها من المشاة وليست من الدرعات كان ذلك بالنسبة لنا يمثل مفاجأة سارة عند ذلك هتف المدفعجي وقال إن المصريون ينوون الانتحار ثم بدأنا في إطلاق النار كان يبدو لي أنني أجيد التصويب علي هؤلاء المشاة المصريين ولكني وجدت أن حركتهم لم تتوقف ولم أشعر إلا والنيران تشتعل في نهاية بدبابتي وشعرت بحروق في ذراعي وألقيت بنفسي خارج الدبابة ونظرت حولي لأشاهد القذائف الصاروخية المصرية تتراقص في الجو متجهة إلي دباباتنا ولم أفهم ما الذي يحدث ولكني فهمت في وقت لاحق أنها الصواريخ المضادة للدبابات المصرية وأن المشاة المصريين الذين يطلقونها لا يقلون خطرا عن الدبابة ذاتها. لقد شكل لما ذلك مفاجأة وقد قدر لي أن أشهد طوال هذا اليوم هذه القذائف الجهنمية تتنزه في الصحراء وهي تصيب دباباتنا في قلب الرمال. يقول الضابط باري في وصف تجربته المريرة مع المشاة المصريين كنا مذهولين وقد بكي المدفعجي والذي كان منذ قليل يسخر منهم كنا لا نزال نفهم تماما ما الذي يحدث أمامنا كنت أفكر طوال الوقت في ذلك الصاروخ الجهنمي لم أكن أعرف ماذا يسميه المصريين وهو عندما يخترق الدبابة ليولد موجة حرارية تزيد عن ال1000 درجة مئوية ليدمر كل شيء في الدبابة. أما باقي دبابات سريتنا فلم يكن حظها بأوفر حظ منا وأوفر حالا فعندما نظرت إلي التلال حولي شاهدت مع رفاقي أكواما من الصلب المشتعل كانت من قبل هي دباباتنا. رابط دائم :