سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
توماس فريدمان فى مقاله بصحيفة نيويورك تايمز:أفكار السادات سقطت لأنها بلا جذور ثقافية و"الناصرية" انهزمت عقب نكسة 67 قال إن الأمر بيد هذا الجيل لتغيير الأوضاع الحالية..
واصل الكاتب الأمريكى الشهير توماس فريدمان سلسلة مقالاته عن منطقة الشرق الأوسط وزيارته الأخيرة إلى اليمن، وقال فى مستهل مقاله المعنون "1977 ضد 1979"، إن زيارته لليمن ومراقبته للإصلاحيين الشباب يقاتلون ضد القوات الانفصالية والإسلامية والاستبداد والإرهاب كان تذكرة له بأبرز العوامل الرئيسية التى شكلت ملامح المنطقة اليوم والتى وضع أساسها بين عامى 1977 و1979، وحقيقة الأمر لم يتغير شيئا منذ ذلك الحين. وأكد فريدمان أن "سياسات الشرق الأوسط اليوم تعد صراعا بين 1977 و1979، ولكن لا يزال عام 1979 هو الفائز، وشرح الكاتب ذلك قائلا: فى أعقاب هزيمة مصر والجيوش العربية من قبل إسرائيل فى حرب 1967، انهزمت "الناصرية" التى تعرف أيضا بالقومية العربية، تلك الإيديولوجية الملزمة حينذاك. ونتيجة لذلك، ظهر بديلين الأول، كان بطله الرئيس المصرى الراحل، أنور السادات بعدما زار إسرائيل عام 1977، محاولا ربط مستقبل العالم العربى بالغرب، وتحقيق التحرر الاقتصادى، والحداثة وقبول إسرائيل، ولكن أصيبت "الساداتية" بالضعف، لأنها كانت أيديولوجية النخبة ولكن بلا جذور ثقافية وعلى الرغم من أن مصر صنعت السلام مع إسرائيل، رفضت جميع المجتمعات العربية أن تحذو حذوها. أما البديل الثانى، فكان رد الفعل العربى والمسلم الذى ظهر عام 1979، ذلك العام الذى شهد استيلاء مجموعة من المتشددين الإسلاميين، الذين تحدوا قدرات العائلة السعودية المالكة، على المسجد الحرام فى مكةالمكرمة واستجاب الحكام السعوديين لهذا الحدث بتشكيل صفقة جديدة مع الإسلاميين، كما لو أن لسان حالهم يقول "دعونا نبقى المتحكمين فى مقاليد القوى، مقابل أن نعطيكم حرية التصرف فى وضع أساس الأعراف الاجتماعية، والعلاقات بين الأجناس والتعليم الدينى داخل المملكة، ونمنحكم المصادر الكافية لنشر الأصولية الوهابية السنية فى الخارج". وتزامن تراجع المملكة العربية السعودية مع اندلاع الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979، تلك الثورة التى جلبت آية الله خومينى إلى السلطة. وأشعلت هذه الثورة المنافسة بين إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية السنية حول قيادة العالم الإسلامى، كما تسببت فى رفع أسعار النفط، الأمر الذى أعطى كلا من النظامين الأصوليين المصادر اللازمة لتصدير أنواع الإسلام المتزمت الخاص بهم، وذلك عن طريق المساجد والمدارس أكثر من أى وقت مضى. ويقول مأمون فاندى، وهو خبير فى دراسات الشرق الأوسط بالمعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية فى لندن "الإسلام فقد سيطرته عام 1979"، ولم يكن هناك اتجاه معاكس معتدل يتصدى له. وأخيرا، غزا الاتحاد السوفيتى سابقا أفغانستان أيضا عام 1979، مما استدعى المقاتلين المجاهدين من العرب والمسلمين إلى السفر إلى أفغانستان للجهاد، بتمويل من المملكة العربية السعودية وبأمر من الولاياتالمتحدةالأمريكية، ناقلين بذلك الكثير من اتجاهاتهم الدينية إلى باكستانوأفغانستان، وبمجرد أن تمكن المقاتلون المتشددون، الذين تزعمهم أمثال أسامة بن لادن، من هزيمة السوفيت، وجهوا أسلحتهم إلى أمريكا والحلفاء العرب. وأوضح فريدمان أن "الشرق الأوسط الذى نتعامل معه اليوم ما هو إلا نتاج اتجاهات طويلة يعود تاريخها إلى عام 1979، ولكن ساعدت واشنطن فى دفع هذه الاتجاهات قدما، عندما أدارت أذنا صماء لانتشار الوهابية فى المملكة العربية السعودية، بينما مجد الرئيس الأمريكى الأسبق، رونالد ريجان المجاهدين الأفغان وأشاد الأوربيون بثورة الخومينى فى إيران واعتبروها حدثا "تحريريا". ورأى الكاتب أن السبيل الوحيد لمواجهة آثار عام 1979، متمثل فى اندلاع حركة شعبية جديدة تتسم بملامح الإصلاح والديمقراطية والانفتاح على العالم، وفى الوقت ذاته تكون متأصلة فى الثقافة الإسلامية وليست منفصلة عنها. ويرى خبير العلوم السياسية بجامعة الرباط بالمغرب، الحسين حداد أن الإصلاحيين الشباب اليوم "لا يمتلكون قصة مقنعة لسردها، فهم يواجهوا سردا أول من وضعه جمال عبد الناصر، ثم تبناه الإسلاميون، هذا السرد يقول "العرب والمسلمين وقعوا ضحايا لمؤامرة إمبريالية صهيونية بمساعدة الأنظمة الرجعية فى العالم العربى، هدفها الرئيسى هو الحفاظ على تأخر العرب والمسلمين حتى يتمكنوا من استغلال مواردهم النفطية ولمنعهم من أن يصبحوا بالقوة التى كانوا عليها فى العصور الوسطى، لأن هذا سيفرض المخاطر ضد إسرائيل والمصالح الغربية". وقال فريدمان إن هذا السرد اليوم يتبناه المشهد السياسى فى العالم العربى والإسلامى من اليسار العلمانى إلى اليمين الإسلامى، ويبقى التحدى العظيم أمام هذا الجيل أن يعيد هيكلة هذه وبناء هذه القصة من جديد، ليضعوا أساس قصة بديلة بعد عام 1979 تعتمد على المسئولية والاعتدال والإصلاح الإسلامى وحوار تبادل الثقافات، "وأعتقد أن هذا قابل للحدوث، ولكنه يستلزم نجاح الحركات الحكومية الرامية إلى تحقيق الديمقراطية فى إيران والعراق.. وأعلم جيدا أنها محاولة ليست باليسيرة ولكنى سأظل آمل من أجل تحقيق ذلك". للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.