إن الحج مؤتمر دينى كبير يجتمع فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها لتأدية هذه العبادة العظيمة. فالحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام لقول النبى صلى الله عليه و سلم (بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا) صدق رسول الله. والحج فرض عين على المسلم المستطيع مرة واحدة فى العمر لقوله تعالى ( وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) وللحج فضائل كثيرة ومنافع متعددة، و لقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة عن فضله والثواب الذى يجنيه المسلم جراء أداء هذا الركن العظيم، ومن أبرز هذه الأحاديث ما ورد فى سنن الترمذى عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن رسول الله قال ( تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر كما ينفى الكير خبث الحديد و الذهب و الفضة، و ليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة) . وللحج أسرار عظيمة وأنوار كثيرة نذكر منها البعض القليل: تعود الانقياد والاستسلام لأوامر الله، فأنت أيها الحاج فى هذا المكان المخصوص من بقاع الأرض كلها، وفى هذا الوقت المحدد، تطوف بالبيت وتؤدى مناسك معينة ومشاعر محددة، مثل أن تقبل الحجر الأسود، وترمى الجمرات، كل هذا يعلمنا أن نستسلم لتعاليم الله، وننقاد لحكمه، وننفذ أوامره، و إن لم يظهر للعقل تلك الحكمة . كذلك من الأسرار العظيمة والأنوار الباهرة للحج تذكير الإنسان ببعض الأمور التى سيمر بها مثل الموت و البعث و الجزاء، لبس الإحرام مثلا يذكر الإنسان بالكفن والرحيل عن هذه الحياة، أيضا الوقوف بعرفة فى هذا الجمع الغفير على صعيد عرفة يذكر بموقف الحشر حيث يجمع الله الأولين و الآخرين، وتدنو الشمس من الخلائق ويلجم العرق ويشتد الكرب، كل هذا يجعلك تعد العدة لذلك الأمر وتستعد للوقوف بين يدى الله. والتلبية تدل على وحدة الأمة بشعار واحد ونداء واحد وتلبية واحدة كل هذا يدل على و حدة الأمة رغم اختلاف الأجناس و الأعراق و اللغات، والسعى بين الصفا والمروة يدل على و جوب سعى الإنسان فى هذه الحياة و الأخذ بالأسباب، و أن المرجع فى النهاية حتمًا إلى الله، و أن الاستقامة هى أقصر الطرق المؤدية إلى الله، لأن السعى يبدأ بنقطة و ينتهى بنقطة. ورمى الجمرات هو طرح ورمى هوى النفس و محاربة الشيطان العدو اللدود للإنسان، وحلق الرأس هو حلق لكل ما يخلف التقوى، وحلق الرغبات الشريرة، وإظهار الخضوع لله. إن للحج أسرارا كثيرة وأنوارا عظيمة تحتاج إلى مجلدات لذكرها، لكن نذكر هنا الحجاج "اعملوا على اغتنام الفرصة، حتى تعودوا مغفورين الذنب، لأن من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه كما قال رسول الله، اللهم اكتب لنا الحج و لكل مشتاق يا رب العالمين .