أعربت كل من إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو، وميشيل أوباما، السيدة الأولى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، عن التزامهما، مع عدد من قادة العالم، بالارتقاء بجودة التعليم، وذلك فى حدث نُظّم فى إطار الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة فى نيويورك. نُظّم الحدث الرفيع المستوى تحت عنوان "تعليم جيد من أجل العالم الذى نريده" لدعم المبادرة العالمية "التعليم أولاً" التى تتمثل فى جهود ترويجية على الصعيد العالمى أطلقها بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة، ووفرت لها اليونسكو الأمانة. وترمى هذه المبادرة إلى تسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق هدف الانتفاع بالتعليم الأساسى على الصعيد العالمى، وإلى تحسين جودة التعلم وتعزيز إقامة أشكال جديدة للمواطنة العالمية. وفى تظاهرة غير مسبوقة لدعم التعليم، قام 14 من قادة الدول ورؤساء الحكومات، إضافة إلى وزراء من جميع مناطق العالم، ومسئولين كبار من الأممالمتحدة ومناصرين دوليين رئيسيين، بضم صفوفهم لنشر رسالة واحدة مفادها أن توفير التعليم الجيد مدى الحياة إنما هو المفتاح لبناء عالم يتسم بمزيد من الإنصاف والسلام والاستدامة. شارك فى هذا الحدث قادة من البلدان الرائدة فى تنفيذ المبادرة العالمية "التعليم أولا"، من بينهم أصحاب السعادة السيدة بارك غيون هيه، رئيسة جمهورية كوريا، والسيد إيفو جوسيبوفيتش، رئيس كرواتيا، والسيد دونالد راموتار، رئيس غيانا، والسيد المنصف المرزرقى، رئيس تونس، والسيد أنطونى مارتى، رئيس حكومة أندورا، والسيدة الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنجلاديش، والسيدة هيلى ثورنينغ شميث، رئيسة وزراء الدنمارك، والسيد هيليماريام ديسالين، رئيس وزراء إثيوبيا، والسيدة إيرنا سولبيرغ، رئيسة وزراء النرويج، والسيد ناصرى باكو أريفارى، وزير خارجية بنين، والسيدة باثابيل دلامينى، وزيرة التنمية الاجتماعية فى جنوب أفريقيا، والسيد هاو بينغ، نائب وزير التربية والتعليم فى الصين، والسيد كارلوس أمارانتى باريت، وزير التربية والتعليم فى الجمهورية الدومينيكية، والسيد أرليندو شيلوندو، نائب وزير التربية والتعليم فى موزمبيق. كما قامت صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند "قطر" بدور مهم فى هذا الحدث الذى أدارته الصحفية زينب بدوى. كما شارك فى افتتاح الحدث كل من السيد جيم كيم، رئيس البنك الدولى، والسيد غوردون براون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعنى بالتعليم العالى. عُقد هذا الحدث فى وقت حرج فلم يبق سوى أقل من 500 يوم على بلوغ هدف تحقيق التعليم للجميع والأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015، وما زال ثمة 58 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس، و250 مليون طفل لا يجيدون لا القراءة ولا الكتابة ولا الحساب حتى بعد قضاء أربع سنوات فى التعليم المدرسى. أطلقت السيدة الأولى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية نداءً قوياً من أجل تعليم الفتيات بوصفه القوة الدافعة لتغيير العالم، ولذلك فقد شددت على أهمية دعم الفتيات لتمكينهن من مواصلة التعليم من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية، وما لم يتحقق ذلك، فإن الفتيات قد يتعرضن لا محالة إلى "حياة من الاتكال والخوف والاستغلال"، كما قالت السيدة ميشيل أوباما، وأضافت أن ذلك يقتضى سن قوانين جديدة وإجراء تحولات فى المعايير الثقافية على المستوى الوطنى، فضلاً عن وضع خطة قوية على المستوى العالمى. وأردفت قائلة: "إن من الضرورى بمكان أن نبذل مزيداً من الكفاح لضمان إدراج تحقيق هدف توفير تعليم جيد للجميع فى خطة ما بعد عام 2015". وللمضى قُدماً فى هذا المضمار، ذكّرت السيدة ميشيل أوباما جميع المشاركين فى الحدث بما أبدته ملايين الفتيات من شجاعة فى بلدان مثل باكستان ونيجيريا وفى جميع أرجاء العالم. وقالت: "إن كان فى مقدورنا أن نتحلى بقدر يسير من هذه الشجاعة، فإننا سنتمكن من تغيير العالم". ومن جانبه، عبّر السيد يان إلياسون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، عن تقديره لوجود إرادة سياسية على أعلى المستويات لمناصرة الحدث المعنون "تعليم جيد من أجل العالم الذى نريده"، مشيراً إلى تعريف التعليم الجيد باعتباره لا يتمثل فى مجرد الدخول إلى سوق العمل، بل إنه يشكل أساساً لتحقيق الذات، والمساواة بين الجنسين، والمواطنة العالمية، فضلاً عن كونه حقاً أساسياً من حقوق الإنسان. أما إيرينا بوكوفا فقد أوضحت المخاطر التى يتعرض لها التعليم فى كلمتها الافتتاحية التى ألقتها أمام قادة العالم الحاضرين: "إن أزمة التعليم العالمية لا تقوض دعائم التماسك الاجتماعى وتهدد الاستقرار فحسب، وإنما تتمثل أيضاً فى انتهاك حقوق الإنسان الأساسية". وكما جاء فى كلمة المديرة العامة، فإن "التعليم يجب أن يأتى فى المقام الأول، بيد أن الأمر لا يتعلق بأى نوع من أنواع التعليم، بل إن المقصود هو توفير التعليم الجيد؛ أى التعليم الذى يرمى إلى تشكيل العالم ووضعه فى مكانة أفضل. وإن المبادرة العالمية "التعليم أولاً" هى دعوة إلى العمل؛ وإلى تسخير القوة التحويلية للتعليم، والقضاء على الفقر والجوع، فضلاً عن تحسين الصحة وحماية الكوكب الذى نعيش فيه. ولقد أكدنا على هذه الرسالة إبان الاجتماع العالمى لحركة التعليم للجميع المنعقد فى مسقط، عُمان، فى شهر مايو الماضى، وفى المؤتمر الدولى بشأن محو الأمية الذى عُقد فى بنجلاديش هذا الشهر، كما أن هذه الرسالة أُرسلت إلى مؤتمر القمة لمجموعة بلدان البريكس المنعقد فى البرازيل". جدير بالذكر أن هناك توافقاً دولياً قوياً يتمثل فى وجوب أن يتصدر التعليم خطة التنمية لما بعد عام 2015 وأنه سيكون له أهمية حاسمة لتحقيق نجاح هذه الخطة. وسوف تُناقش هذه الخطة المستقبلية فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام؛ كما سوف تتم بعد ذلك مناقشة الغاية العامة والهدف من التعليم، وذلك فى المنتدى العالمى للتربية الذى سيُعقد فى جمهورية كوريا فى شهر مايو 2015. أعلن رؤساء الدول يوم الأربعاء الماضى بالأممالمتحدة رسالة قوية مفادها أنه لكى يُطلق العنان للتداعيات التحويلية للتعليم فى مجال التنمية، فإن من واجب الحكومات أن تضاعف من جهودها الرامية إلى تعيين وتدريب المعلمين ودعمهم؛ فبدون المعلمين لا يمكن للأطفال أن يتلقوا تعليماً يتسم بالجودة. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال زيادة التمويل فى مجال التعليم الأساسى، وهو القطاع الذى يعانى فى الوقت الراهن من نقص فى التمويل يبلغ 26 مليار دولار سنوياً. وقالت المديرة العامة:"يجب علينا أن نبذل كل ما فى وسعنا لكى نضمن أن يكون فى مقدور كل فتاة وفتى الذهاب إلى المدارس، وتلقى التعليم السليم والمساهمة بالكامل فى بناء مجتمعاتهم". بدأت أعمال الحدث ببيانات من البلدان الرائدة فى تنفيذ المبادرة العالمية "التعليم أولا" تعلقت بالدور التحويلى للتعليم الجيد، ولاسيما فى ما يخص الجماعات المهمشة التى تعانى من مشكلات الفقر أو المكان الذى يعيشون فيه أو من مشكلات الجنسين أو الإعاقة أو الأصل العرقى. وأعقب ذلك ملاحظات أبداها أعضاء اللجنة التوجيهية التابعة للمبادرة المذكورة الذى شددوا على أهمية مواجهة التحديات التى تطرحها أزمة التعليم العالمية، وهى الأزمة التى أسفرت عن ترك 250 مليون طفل غير قادرين لا على القراءة ولا على الكتابة ولا على الحساب حتى بعد قضاء أربع سنوات فى التعليم المدرسى. أما صاحبة السعادة السيدة بارك غيون هيه، رئيسة جمهورية كوريا فقد تحدثت عن أهمية التعليم فى ما يتعلق بالتنمية. وقالت فى هذا الصدد:"إن السر وراء التنمية التى تحققت فى كوريا إنما يكمن فى استثمارات بلادنا فى الشعب وفى التعليم". وإذ ذكّرت صاحبة السعادة رئيسة جمهورية كوريا بجميع جوانب دور اليونسكو فى إطلاق برنامج التعليم للجميع، فإنها لفتت الانتباه إلى المنتدى العالمى للتربية الذى سوف تستضيفه جمهورية كوريا فى عام 2015. أما صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند، داعية المديرة العامة لتحقيق الهدف 2 من الأهداف الإنمائية للألفية، فقد أشارت إلى أوجه القصور فى التقدم صوب تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، داعيةً إلى ضرورة استخلاص الدروس فى ما يتعلق بالمضى إلى الأمام. وفى هذا الصدد، أبرزت صاحبة السمو الحاجة إلى حماية المدارس وجعلها بمثابة مرافئ آمنة فى أوضاع النزاع والطوارئ. ومن جانبه، بيّن السيد جيم كيم، رئيس البنك الدولى، أهمية التعليم فيما يخص النمو، مشيراً إلى أمثلة من جميع أرجاء العالم فى هذا الشأن. وقال السيد كيم:"إن التعليم هو أساس لتحقيق الازدهار والنمو الاقتصادى". أما السيد جوردون براون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعنى بالتعليم العالى، فقد قدم حججاً قوية مؤيدة للتعليم بوصفه الترياق الذى من شأنه مكافحة الزواج المبكر والعمل القسرى. ثم قال:"نحن نحتاج إلى التعليم أولاً، وإلى التعليم قبل كل شىء، وإلى التعليم إلى الأبد". بيّنت المداخلات الدروس المستفادة من جميع أرجاء العالم، واقترن ذلك بتقديم التزامات جديدة بالعمل. فقد تحدثت صاحبة السعادة الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنجلاديش، عن التزام بلادها طويل الأمد بتعزيز تعليم الفتيات، وعن قوة السياسات الصارمة والموارد المناسبة فى هذا السبيل. أما السيدة هيلى ثورنينغ شميث، رئيسة وزراء الدنمارك، فقد تعهدت بأن تقدم بلادها مبلغ 70 مليون دولار أمريكى سنوياً إلى الشراكة العالمية من أجل التعليم؛ فى حين التزمت النرويج بمضاعفة دعمها للمساعدة الإنمائية خلال السنوات الثلاث المقبلة. جرى تقديم هذه التعهدات أثناء مناقشة اتسمت بالهدوء والواقعية، ومع التسليم بالتحديات التى ما زالت قائمة، حسبما أكدت على ذلك إثيوبيا وجنوب أفريقيا. ضم هذا الحدث أيضاً السيدة جينا كاسار، المديرة المساعدة والأمينة العامة المساعدة لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى، والسيدة سوزان هوبجود، رئيسة الاتحاد الدولى للمعلمين، والسيدة كاميلا كروسو، رئيسة الحملة العالمية من أجل التعليم، والسيدة أليس أولبريت، المديرة التنفيذية للشراكة العالمية من أجل التعليم، فضلاً عن السيدة سمية سالوجا، التى مثلت فريق الشباب المعنى بالترويج. وفى ختام الحدث، توجهت المديرة العامة لليونسكو بالشكر إلى جميع المشاركين لما أبدوه من نشاط وما قدموه من التزامات من شأنها أن تضع التعليم فى المقام الأول. وقالت المديرة العامة: "نحن نحتاج إلى تبنى هذه الرؤية ذاتها، وإلى تحقيق هذا الالتزام ذاته، وإلى التحلى بهذه الطاقة ذاتها، وذلك لكى نستكمل العمل الذى لم يُنجز بعد، ولصياغة الخطة العالمية للتنمية لما بعد عام 2015 بحيث يتصدرها التعليم. فالتعليم هو حق من حقوق الإنسان، فضلاً عن كونه ضرورة لتحقيق التنمية والأمن والأمان".