سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السحابة السوداء "شبح" يطارد المصريين منذ أكثر من 600 عام.. 10 أسباب وراء ظهورها أبرزها التلوث الصناعى والسلوك البشرى وأزمة الطاقة.. و60 يوما طوارئ بالزراعة والبيئة لمواجهتها خلال موسم حصاد قش الأرز
السحابة السوداء هذا الشبح الأسود الذى يشكل هاجس خوف لكل المصريين مع بداية شهرى سبتمبر وأكتوبر، حيث يعدان بمثابة 60 يوما طوارئ على مستوى أجهزة الدولة فى وزارتى البيئة والزراعة والصحة. ولم تكن السحابة السوداء وليدة العصر الحديث كما يردد البعض، ولم يكن التطور الصناعى وحده السبب فى ظهورها، فالقارئ للخطط المقريزية التى كتبها المؤرخ تقى الدين المقريزى- الذى ولد فى 1364م وتوفى عام 1442م- لوصف مدن وقرى وأقاليم مصر فى القرون الوسطى سيجد أن الجزء الثانى من خطط المقريزى رصد السحابة السوداء قائلا "متى نظرت إلى الفسطاط من مكان عال رأيت وضعها فى غور ساخن محتقن البخار، لأن ما حوله من المواضع الحالية يعوق تحليل الرياح له، وفى خلالها مستوقدات عظيمة يصعد منها دخان مفرط، وهى أيضاً كثيرة الغبار لسخونة أرضها حتى إنك ترى الهواء فى أيام الصيف كدراً ويتسخ الثوب النظيف فى اليوم الواحد، وإذا مر الإنسان فى حاجة لم يرجع إلا وقد اجتمع فى وجهه ولحيته غبار كثير، ويعلوها فى العشيات بخار كدر أسود وأغبر لا سيما إذا كان الهواء سليماً من الرياح، فمن البيّن أن أهل هذه المدينة الكبرى بأرض مصر أسرع وقوعاً فى الأمراض من جميع أهل هذه الأرض". هذا الوصف هو نفسه ما نجد عليه القاهرة الكبرى، فى ذروة الفترة التى تظهر فيها السحابة السوداء مع بداية موسم الحصاد لقش الأرز، والغريب فى الأمر أن الخبراء البيئين يؤكدون دائما أن حرق قش الأرز ليس فقط هو السبب وإنما هناك أسباب عديدة لظهور هذه السحابة. فمن جهته قال الدكتور أحمد أبو السعود، الرئيس التنفيذى لجهاز البيئة، أن هناك عدة عوامل جوية تساعد على تركيز الملوثات وتسبب بقاءها قريبة من الأرض فى منطقة القاهرة الكبرى، مثل الرياح وتغير درجات الحرارة، ثم الطبيعة الطبوغرافية للقاهرة والتى تؤدى إلى حبس الملوثات وتحدد حركة الجسيمات العالقة فى الهواء، فوادى النيل بين الجيزة والمقطم محصور بين الهضاب الغربية والهضاب الشرقية والأبنية والعوامل المماثلة بالمدينة، إضافة إلى مصادر التلوث من داخل القاهرة أو تحملها الرياح الخفيفة من المحافظات المجاورة، مثل المركبات التى تعمل بالبنزين والسولار والصناعة المسابك والحديد والصلب ومصانع الأسمنت ومصادر حرق المازوت بمحطات الكهرباء وحرق المخلفات الصلبة والقمامة والمخلفات الزراعية. وأضاف أبو السعود أن أنواع تلوث الهواء تختلف فيما تواجه القاهرة عددا من هذه الأنواع، ويعد أوضح هذه الأنواع النوبات التى تحدث فى شهرى أكتوبر ونوفمبر عندما تكون الرياح شمالية فى الغالب، وتحدث غالبا فى أكتوبر ونوفمبر، وبالإضافة إلى مصادر التلوث بالقاهرة تأتى الرياح الشمالية (الشمالية الغربية والشمالية والشمالية الشرقية) وهى الرياح الغالبة على مدار السنة – بالملوثات من شمال القاهرة، ويتضمن ذلك الدخان الصادر عن حرق المخلفات الزراعية والمخلفات الصلبة حيث تتحد هذه الملوثات مع التلوث الموجود بالمدينة. وأكد أبو السعود أنه غالبا ما تحدث هذه النوبات فى الشتاء وبداية الربيع عندما تتحول الرياح وتأتى من الاتجاهات الجنوبية، وتحمل هذه الرياح الملوثات الصادرة عن مصانع الأسمنت والطوب والمصانع الأخرى بحلوان والتبين، مما يزيد من التلوث الموجود بالفعل فى القاهرة. ويمكن أن تؤدى الرياح الهادئة وتغير درجات الحرارة إلى نوبات حادة من التلوث تسببها الملوثات الموجودة بالفعل داخل القاهرة مثل عادم المركبات والتلوث الصادر عن المصانع وحرق المخلفات الصلبة داخل القاهرة، ولا تتضمن هذه النوبات مصادر التلوث الإضافية القادمة من خارج القاهرة، مثل تلك التى تحملها الرياح الشمالية أو الجنوبية، ويعتبر ضعف الرياح ووجود حالة من الاستقرار الجوى أهم العوامل التى تتعرض لها القاهرة فى توقيتات معينة من السنة، حيث تساعد على تركيز الملوثات وتتسبب فى بقائها قريبة من الأرض خلال فترات معينة من السن. وفى سياق متصل وضعت وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة البيئة بروتوكولات عدة للتخلص من قش الأرز وكيفية جمعه والاستفادة منه فى صناعات كادت أن تغلق فى مصر، فمنها صناعة السماد العضوى والورق حيث يؤكد خبراء البيئة أنه يمكن استعمال قش الأرز كعلف للماشية أو كسماد طبيعى أو فى صناعة الورق، وعلى الرغم من استعداد المزارعين لإعادة تدوير القش إلا أن المشكلة تكمن فى عدم وجود مكابس كافية على مستوى المحافظات مقارنة بكميات الأرز التى يتم زرعها سنويا. وفى السياق ذاته، تلعب انبعاثات السيارات دورا كبيرا فى التلوث الذى تعانى منه القاهرة، حيث يصل عدد السيارات بالمدينة إلى حوالى 2.1 مليون سيارة وتعمل وزارة البيئة على الحد من التلوث الناتج عن السيارات، بمشروع التحول لاستعمال الغاز الطبيعى كوقود للسيارات فهناك أكثر من 85 ألف سيارة تعمل بالغاز الطبيعى وأكثر من 115 محطة تزويد بالغاز الطبيعى فى 17 محافظة، وتشجيع الناس على استعمال وسائل النقل الجماعى، وتشجيع سائقى سيارات الأجرة على إخراج سياراتهم القديمة من الخدمة واستبدالها بأخرى جديدة مقدمين لهم حوافز مثل إعفائهم من الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات. وزير البيئة: توقعات بزيادة السحابة السوداء هذا العام بسبب التغيرات المناخية.. والمناخ ليس فى مصلحتنا.. ويكشف: القمر الصناعى رصد الحرق المبكر لقش الأرز فى كفر الشيخ والقليوبية