صدر حديثا عن دار الهلال كتاب تحت عنوان "الهوى المصرى فى خيال المغاربة"، للدكتور محمد مشبال، أستاذ التعليم العالى بكلية الآداب جامعة عبد المالك السعدى بتطوان. ويرصد الكاتب المغربى كيف كان الهوى المصرى والثقافة والفنون المصرية تمثل سطوة على وعى المغاربة ووجدانهم، نموذجا أعلى للإبداع فى كل مناحى الحياة، لم ينشأ ذلك عن احتكاك مباشر بين الشعبين، ولكنه كان نتيجة للصّور والتمثّلات التى ترسبت فى الوعى والوجدان، لما كان ينتجه المصريون من أفلام ومسلسلات وأغان وأعمال أدبية وفكرية ودينية تستحوذ على الألباب، ولما كانوا يصدّرونه للعالم العربى من أساتذة أفذاذ فى حقول شتى من المعرفة العلمية والأدبية والفنية، ولم يكن غريبا بعد هذا أن يتطلّع جيل من المثقفين وطلاّب الدين والفنانين المغاربة للدراسة فى أمّ الدنيا منذ فترة مبكّرة، فلعلّهم بعد عودتهم للدّيار يكونون قد أخذوا قبساً من نور المصريين المنتشر فى الآفاق. هذا كتاب فى المحبة، فى الهوى المصري، كما تجلى فى أربعة أعمال لأربعة كتاب مغاربة ينتمون لأربعة أجيال، تمثل أطوارا زمنية مختلفة فى العلاقة التاريخية والوجدانية التى ربطت الإنسان المغربى بمصر والثقافة المصرية، وهم عبد الكريم غلاب فى كتابه "القاهرة تبوح بأسرارها" فى الأربعينات، ومحمد برادة فى روايته "مثل صيف لن يتكرر" فى فترة الخمسينات، ومحمد أنقار فى رواية "المصري" عن فترة الستينات وما بعدها، رشيد يحياوى فى كتابه "القاهرة الأخرى" عن الثمانينات، ويرى مشبال أن هذه المراحل الزمنية تعكس تاريخ العلاقة الثقافية والوجدانية التى ربطت الإنسان المغربى بمصر. كما أن يتباين أصحاب هذه الأعمال فى الرؤية والأسلوب؛ فعبد الكريم غلاب ينتمى إلى المدرسة الكلاسية فى السرد الأدبى المغربي، بينما ينتمى محمد برادة ورشيد يحياوى إلى تيار التحديث فى الكتابة السردية، أما محمد أنقار فيبدو أنه نحت لنفسه أسلوبا متميزا يستفيد من أساليب السرد الحديثة ويحتفظ فى الوقت نفسه بكثير من ملامح السرد الكلاسى الرائع. ويقول فى مقدمة الكتاب "أردت أن أستوقف القارئ المغربى إزاء حقيقة تاريخية وثقافية، وهى أن الهوى المصرى يشكل جزءاً من كيانه الثقافى ومخيلته ووجدانه، وقد آن الأوان لكى يتدبر المثقف المغربى مختلف صيغ التواصل الكائنة والممكنة بين الثقافتين المغربية والمصرية، بعيدا عن أخلاقيات الإقصاء والتعالى واللامبالاة".