بمجرد سطوع الشمس تجدها جالسة إلى جوار فرنها البدائى فى مشهد قلما نراه فى شوارع العاصمة، أمامها إناء العجين الضخم الذى مثل لها رفيق الدرب وصاحبها خطوة بخطوة فى رحلة كفاحها من أسيوط إلى حوارى وأزقة مصر القديمة، تميل عليه وكأنها تغازل العجين بداخله، فى حركة رشيقة تكاد أن تنفذها وهى غامضة العينين، بعد أن تنتهى من مرحلة "الخبز" وتبدأ فى التشكيل لتجعل من رغيف الخبز الفلاحى الذى لا يتعدى سعره الجنيه، ما يكفى لإشباع 4 أفراد، وبعدها تبدأ مرحلة خبزه على "نار عالية". ورغم نيران الفرن المشتعلة التى تجعلها تتصبب عرقًا إلا أن وجهها الصبوح لم يفقد الأمل والتفاؤل، ما ميزها بين أهالى المنطقة وجعلهم ينادوها ب"أم الخير". تحكى "جزية" عن تجربتها فى نقل الأجواء الريفية والفرن الفلاحى إلى القاهرة بحثا عن باب رزق جديد ": أنا أصلا من أسيوط واتربيت على مساعدة أمى وستات العيلة فى عمايل العجين والخبز، وبالنسبة لى الموضوع مش مرهق، لأنى من صغرى وأنا واخدة على الوقوف قدام نار الفرن". تتابع سرد تفاصيل حكايتها بوجهها الصبوح "اتجوزت من صغرى وانتقلت للقاهرة واستقريت فى منطقة مصر القديمة، اتوقفت عن العادة دى سنين طويلة لأن القاهرة مليانة أفران عيش إلى ومش محتاجين خبيز، لكن مع مرض جوزى وعدم مقدرته على الرجوع للشغل، قررت إنى اشترى فرن صغير وارجع للخبز والعجن وأنا عشمانة فى ربنا إنى أكل لقمتى بعرق جبينى، والحمد لله الناس بدأت تحب العيش الفلاحى وأقبلوا عليه أكتر من عيش الأفران البلدى على الرغم من أنه بجنيه وعيش الأفران بشلن إلا أنهم لقوا فيه البركة، علشان كده سمونى أم الخير". الرغيف بعد تقطيه وفرده تمهيدًا لإدخاله الفرن المرحلة الثانية لفرد الرغيف على "المطرحة" "جزية" تقلب الرغيف داخل الفرن لينضج من جميع الجهات رغيف الخبز بعد أن نضج تمامًا