«كمن يضمد الجرح دون تنظيف ما به من صديد»، هذا هو تعليق المراقبين على اختيار الدكتور محمد بديع مرشداً عاماً لجماعة الإخوان المسلمين، والذى يأتى كمحاولة لإنهاء مرحلة الخلافات الأخيرة فى الجماعة والتى انتهت باستقالة الرجل الثانى فيها محمد حبيب، حيث يرى المراقبون أن حالة الهدوء التى تلت اختيار بديع ربما تستمر طويلاً لكن تظل احتمالات الخلافات قائمة، خصوصا مع لعب قيادات الجماعة على عامل الزمن والتربية الدينية والتجنيد العقائدى لأعضائها لامتصاص الأزمة. مهدى عاكف المرشد العام السابق ينفى أن يكون موقف حبيب أو حتى عشرة من أفراد الجماعة مؤثرا حيث يقول: «شرعيتنا نأخذها من مؤسسات وليس من أفراد، ولا يوجد لدينا أزمة شرعية فخروج واحد أو اعتراض عشرة ليس له تأثير فى جماعة الإخوان»، ويرى عاكف أن المرشد الحالى تم الإجماع عليه من جميع مؤسسات الجماعة لأكثر من مرة، حتى أن إخوان الخارج أرسلوا له بالإجماع ما يؤكد مبايعتهم بالإجماع. تنصيب بديع ليس سوى لعبة كراسى موسيقية، فهو قرار مجموعة تعبر عن الحالة التى تعيشها الجماعة منذ إصرار المرشد السابق مهدى عاكف التقاعد فى نهاية مدته الأولى. وما يؤكد التوازنات التى جاء من خلالها بديع هو خطاب التنصيب الذى ألقاه فى صورة رسالة عامة تعيد تعريف جماعة الإخوان فكرة وتنظيما من خلال 16 مبدأ، قدمها بديع فى صورة خطاب سياسى بالدرجة الأولى كما يرى ضياء رشوان الباحث فى شئون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، موضحا أن هذا يهدف إلى طمأنة الجميع سياسياً دون تقديم خطاب حركى أو تنظيمى، ليرد على من شكك فى إستراتيجية ومستقبل عمل الجماعة، لكن هل يحمل بديع تغييراً حقيقياً فى خطاب وإستراتيجية الجماعة، هذا ما ستكشف عنه طريقة عمل المكتب والقيادات الفترة المقبلة. الأزمة التى تواجهها الجماعة حالياً تتشابه فى بعض مقدماتها مع أزمات مرشدين سابقين، أمثال المرشد الثانى حسن الهضيبى والمرشد الرابع محمد حامد أبوالنصر والمرشد الخامس مصطفى مشهور، إلا أن تحديد النتائج ومدى ما تسفر عنه يعتمد على شخصية الجالس فى مقعد أرفع منصب بالجماعة والسياق والمناخ العام الذى يحيط بالجماعة ورؤية المجموعة التى تحيط بالمرشد كما يقول ضياء رشوان، وقبل كل هذا شخصية المرشد التى تنعكس على طريقة تعامله وينعكس تأثير الكرسى على الجالس فوقه. فالأزمة كما يراها حامد الدفراوى عضو مجلس شورى الجماعة أكبر من اختيار شخص أو تنصيب مرشد، لأنها تتعلق بالمؤسسة التى غابت عن الجماعة، فالخروج من الأزمة الداخلية يتطلب تحركاً جاداً قبل النظر للتعامل مع المشاكل أو التحركات الخارجية للجماعة، ولابد أن تأخذ الخلافات الداخلية وما أثارته الانتخابات وتجاوزات اللائحة وقتاً وجهداً من المرشد والمحيطين به ومن يسير الأمور، فبدون حلها ستستفحل الأزمة والخلافات التى قد تصل إلى حد الحديث عن المشروعية.