وزارة «العمل» تصدر قرارًا بتحديد الإجازات الدينية للمسيحيين    شُعبة الساعات تبحث تعاونًا جديدًا مع مديرية التموين بالقاهرة لزيادة استقرار السوق    السعودية: ندعو الإمارات إلى وقف أي دعم عسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن    روسيا تشدد موقفها في محادثات السلام بعد اتهام أوكرانيا بمهاجمة مقر إقامة بوتين    القاهرة الإخبارية: الجيش اللبناني يتسلم سلاحًا وذخائر من مخيم عين الحلوة    مدرب السودان: هدفنا الفوز في أمم أفريقيا حتى لو واجهنا البرازيل والأرجنتين    قائمة منتخب اليد لمعسكر الإعداد لبطولة إفريقيا    المقاولون العرب يحرز الهدف الثالث أمام الأهلي    بي إن سبورتس: برشلونة يقترب من ضم حمزة عبد الكريم بعد تقديم العرض الأخير    وزير التعليم يكلف نادية مستشارا ومشرفًا عامًا على شؤون المعلمين    كشف ملابسات إطلاق أعيرة نارية في الهواء بسوهاج    حصاد الأوبرا 2025.. مليون مشاهد وألف فعالية إبداعية على المسارح    منصور هندي عضو مجلس نقابة الموسيقيين يتعرض لحادث سير    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    محافظ الغربية يتفقد عيادتي التأمين الصحي بمدينة طنطا    محافظ الجيزة يعقد اللقاء الأسبوعي لبحث شكاوى المواطنين    عاجل.. المشدد 5 سنوات لل «العميل صفر» بتهمة التحريض على «ثورة المفاصل» والتهديد بقتل مرضى القلب    حصاد الشرقية 2025.. تنفيذ 209 مشروعات خدمية بتكلفة 2.6 مليار جنيه    ‌الإمارات تعلن إنهاء وجودها العسكري في اليمن    دينا وائل ترفض المواجهة وتهرب مجددًا فى الحلقة 17 من مسلسل ميد تيرم    تنظيم القاعدة يبحث في حضرموت عن ثغرة للعودة    التشكيل الرسمي لمباراة نيجيريا ضد أوغندا في كأس أمم أفريقيا 2025    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    مران الزمالك – الفريق يستأنف التدريبات بقيادة عبد الرؤوف.. وتصعيد عمار ياسر    خالد الجندى: العمر نعمة كبرى لأنها فرصة للتوبة قبل فوات الأوان    اختيار الدكتور جودة غانم بالأمانة الفنية للمجلس الوطنى للتعليم والبحث والابتكار    محافظ قنا يشارك في فعاليات اليوم العالمي لذوي الهمم بكورنيش النيل    حبس رمضان صبحي سنة مع الشغل    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    الرئيس الإيراني يتوعد برد "قاس ومؤسف" على تهديدات ترامب    بيراميدز يخطف حامد حمدان من الأهلي    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    وكيل صحة سوهاج يلتقى أطباء قسم العظام بمستشفى طهطا لبحث تطوير الخدمات    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    إصابة شخصين فى حادث تصادم سيارتين بقنا    الجامعة الأمريكية بالقاهرة في 2025، عام من الابتكارات والتأثير على المستوى العالمي    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحي شرق شبين الكوم    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤرة إجرامية ببني سويف    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    المركزي والتصدير الإفريقي يوقعان مذكرة لإنشاء بنك للذهب في مصر    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    «هتحبس ليه؟ فرحي باظ وبيتي اتخرب».. أول تعليق من كروان مشاكل بعد أنباء القبض عليه    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    التموين تعلن اعتزامها رفع قيمة الدعم التمويني: 50 جنيه لا تكفي    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسسات صناعة المثقفين
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 01 - 2010

هل يولد الإنسان مثقفاً مكتمل المعارف والتجارب والخبرات؟ وهل هناك مثقف يصنع ثقافته بنفسه دون الاستعانة بالآخرين؟ لا أعتقد أن أحدا مهما كانت قدراته الخاصة يستطيع أن يكتسب ثقافة ما معزولاً عن الآخرين الذى تراكمت من خلالهم الثقافة وانتقلت عبر أجيال وأجيال، صحيح أن العمل الفردى والجهد الذاتى هو الذى يسهم فى تأسيس الوعى الثقافى لدى الفرد، لكن هذا الجهد لابد من أن يحاط بعمل جماعى مؤسساتى، فهل يستطيع طفل أن يكتب دون أن تمتد أيدى معلمه أو والديه بالمساعدة؟ هل يمكن أن تتحرك أنامله بريشة يرسم بها لوحة ويخط بها ألوانا دون أن تقدم إليه أوراق بيضاء وأقلام وألوان؟، وهل يمكن أن تتفتح مداركه وتتطور معارفه وتتسع مهاراته دون أن يحتك ويتداخل مع كل ما حوله ومن حوله؟، ودون أن يجد عبارة مدح أو ثناء أو تشجيع من هنا أو هناك؟.
إننا لا نبدع منفردين ولا نفكر مستقلين، بل إن نجاح أفكارنا ورؤانا هى فى تلاحقها مع تلك الأفكار التى تطرح فى المجموعة التى ننتمى إليها رفضاً أو قبولاً، ونعنى بذلك هنا أن الثقافة جهد فردى لكنه لا يتم ولا يكتمل إلا بمظلة جماعية مؤسسية، وبدون الطرفين (الفردية والجماعية) لا تتكون الثقافة ولا يبرز المثقف الحقيقى.. فكم من مبدع وعبقرى ضل طريقه فى البداية وابتعد عن إضافة إنجاز حقيقى، لأنه لم يجد من يرسم له خريطة الطريق، ومن يزوده ببوصلة يتعرف من خلالها على الاتجاهات، ويجنبه العقبات والصعوبات.
ومفهوم المؤسسة التى ترعى المثقفين وتحتضنهم ليس مفهوماً حديثاً، بل هو قديم قدم الإبداع الإنسانى ذاته، وقد رأينا مثل هذا المفهوم فى تاريخنا القديم عند (القبيلة) التى كانت تفتخر بشعرائها وخطبائها وتجعلهم فى المقدمة، حتى إن القبيلة كانت تحتفل إذا ظهر فيها شاعر أو خطيب وتذبح الذبائح وتقيم الولائم، واستمر هذا المفهوم فى التطور والتنامى وأخذ أشكالاً مختلفة من خلال قصور الخلفاء وبيوت الوزراء والأمراء والمكتبات والمساجد ومجالس العلم، وغيرها من مؤسسات كانت تغدق بسخاء على أصحاب العلوم والمعارف والفكر والأدب.
وإذا سلمنا بأن المظلة أو الإطار الجماعى هو ضرورة لصناعة المثقفين فإننا مطالبون الآن أكثر من أى وقت مضى بتوسعة هذا الإطار وتطويره لكى يقوم بدوره، وبدون ذلك سيبقى الفرد وحده فى طريق طويل وشاق نحو تثقيف ذاته وتنمية ملكاتها وقدراتها، وإذا استطاع أن يفعل ذلك فسوف تنهكه العقبات ويجهده الزمن ويستنزفه الوقت، لأن ما قد ينجزه وحده فى عقود قد ينتهى منه فى شهور إذا تبنته مؤسسة أو شجعته ووفرت له ما يحتاج، ومن المؤسف أن هذا هو واقع الحال فى كثير من البلدان النامية ومنها أغلب دولنا العربية، حيث يسود اعتقاد لدى البعض بأن الثقافة والإبداع تعتمد على قدرات الفرد ومواهبه الذاتية وحدها، وأن عليه أن يثبت قدرته على مواجهة تحديات الواقع، وعليه فى الوقت ذاته أن يبتكر ويبدع ويسهم فى تطوير الحياة دون أن يعتمد على تلك المجموعة أو هذه المؤسسة.
وقد أسهم هذا الاعتقاد فى تراجع دور المثقف من ناحية، وفى زعزعة الثقة فى المؤسسات المعنية بالثقافة من ناحية أخرى، فأما دور المثقف فقد تضاءل نتيجة أسباب كثيرة مر بنا ذكرها، ومنها ما يتعلق بما نطرحه هنا وهو استعلاء المؤسسة الثقافية أحياناً على المثقف أو تعصيها عليه، نتيجة ما يوجد بها من قوانين ولوائح ونظم عقيمة وبالية، وهذا بدوره أضعف العلاقة بين المثقف وبين المؤسسات المعنية من ناحية وبينهما وبين الجمهور من ناحية أخرى.
وهنا يجب أن نطرح التساؤل الجوهرى: كيف تسهم المؤسسات المختلفة فى صناعة المثقف الحقيقى؟ وما تلك المؤسسات التى من الممكن أن تقوم بهذا الدور؟
وعلينا التأكيد هنا على أن المجتمع بأكمله معنى بالحراك الثقافى، فليس الفرد وحده وليست مؤسسات بعينها يناط بها مسئولية ذلك العمل، فالمجتمع كله يجب أن يكون حاضناً للإبداع راعياً للفكر ساعياً نحو توسيع وتعميق التنمية الثقافية، لكننا من أجل تقريب الصورة علينا أن نختار عدداً من هذه المؤسسات التى يجب أن تتولى المسئولية الكبرى فى رسم خريطة ثقافتنا العربية، فهناك مؤسسات يمكن أن نعتبرها رسمية وأخرى شعبية، فالمؤسسات الرسمية تعنى بها وتحتكرها الحكومات والأنظمة مثل (الجامعات – مؤسسات وزارة الثقافة – وسائل الإعلام) والمؤسسات الأخرى وهى جماهيرية تتحرك بعيداً عن الأطر الرسمية، وهذه المؤسسات الشعبية عديدة ومختلفة تبدأ من البيت ثم الشارع والمقهى.
وبقدر أهمية كل مؤسسة من هذه التى أشرنا إليها إلا أننا سنخص المؤسسات الرسمية التى تعنى بتأسيس الوعى الثقافى وبرعاية وتنمية مواهب المبدعين والمبتكرين وأصحاب الفكر.. وسوف نتناول كل واحدة من هذه المؤسسات فى مرات قادمة لنرى كيف تسهم فى صياغة مشروع مثقف حر ينهض بأعباء المرحلة التى يتحرك من خلالها، فهل الجامعات تقوم بهذا الدور؟ وماذا يحدث فيها ويتم من خلالها؟ ولماذا تخرج الجامعات سنوياً آلاف الخريجين ثم لا ينهض بالدور الحقيقى سوى عشرات منهم هنا وهناك؟ ما الخلل الذى أصاب منظومة التعليم الجامعى حتى صار دور الجامعات ينحصر فى حصول الطلاب على شهادات وأوراق ربما تزدان بها حوائط الجدران أكثر مما تنهض بها الأوطان!!
وماذا استطاعت مؤسسات وزراة الثقافة أن تفعل نحو إعداد جيل فاعل من المثقفين والمبدعين؟ وهل أسهمت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة فى وضع ملامح مثقف هذا الزمان؟
كل هذه التساؤلات وغيرها لابد أن تطرح وبقوة، ونحن فى مفترق الطرق باحثين عن موضع قدم فى مستقبل مزدحم بمشاريع وخطط يضعها الكبار الذين يملكون حاضراً مزدهراً زاخراً بإنجازاته أكثر مما يملكون ماض يتباكون عليه ويكتفون باجترار أمجاده.
* باحث وإعلامى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.