أكد الرئيس فلاديمير بوتين فى كلمة وجهها إلى شعب روسيا الجمعة بمناسبة اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها الأحد المقبل، أن البلاد مقبلة على مرحلة حاسمة لتداول السلطة العليا، مشدداً فى الوقت نفسه على أهمية مشاركة المواطنين الروس فى عملية التصويت لانتخاب الرئيس الجديد . ويتنافس فى الانتخابات الرئاسية الروسية أربعة مرشحين، هم:" ديمترى ميدفيديف" النائب الأول لرئيس الوزراء عن حزب روسيا الموحدة، و"جينادى زيوجانوف" زعيم الحزب الشيوعى الروسى، و"فلاديمير جيرينوفسكى" زعيم الحزب الليبرالى الديمقراطى، "وأندريه بوجدانوف" رئيس الحزب الديمقراطى. وقد دعت روسيا 32 منظمة دولية للإشراف ومراقبة الانتخابات، فى الوقت الذى أعلنت فيه عشرة منها رفضها القيام بهذه المهمة، مثل منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا التى رفضت إرسال مراقبين بسبب القيود التى وضعتها لجنة الانتخاب المركزية على حركة المراقبين الدوليين. والجدير بالذكر، أن الشعب الروسى يبدو وكأنه يعرف النتيجة مسبقاً منذ فوز "حزب روسيا الموحدة" بأغلبية مطلقة فى الانتخابات البرلمانية، وإعلانه ترشيح بوتين لمنصب النائب الأول لرئيس الوزراء "ديمترى ميدفيديف" فى حالة نجاحه فى الانتخابات الرئاسية. وبالنسبة ل"ميدفيديف"، فهو يتمتع بشعبية عالية كمرشح للرئاسة فى روسيا، حيث يحظى بتأييد الأحزاب المسيطرة على الكرملين وهى:" روسياالمتحدة" و"روسيا العادلة" وحزب" المدينة" و"حزب الخضر"، مما يساعده على تشكيل سلطة قوية وراسخة. ومما يدعم شعبيته أيضاً دوره فى الطفرة الاقتصادية التى شهدتها البلاد على مدار ثمانى سنوات خلال عهد بوتين. ويبلغ"ميدفيديف" من العمر 43 عاماً (مواليد 14 سبتمبر عام 1965)، ودرس فى كلية الحقوق جامعة ليننجراد، وحصل على شهادة الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1991، وعمل فى مجال التدريس بجامعة سان بطرسبرج وخبيراً فى لجنة الشئون الخارجية فى بلدية المدينة، ثم رئيساً لشركة "جاز بروم" العملاقة. ويتمتع "ميدفيديف" بذكاء شديد، إلا أنه يفتقد الكاريزما التى تمتع بها بوتين وتمتع بها سلفه بوريس يلتسين. وقد أعلن أنه فى حال انتخابه رئيساً سيضع القضايا الاجتماعية، ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والاقتصاد وحرية الإعلام على قمة أولوياته. على صعيد آخر، دعا "بوتين" لترشيح ميدفيديف لرئاسة روسيا فى تقليد روسى تاريخى قديم، عندما كان القياصرة يوصون بالعرش عادة لأبنائهم. كما نوه" بوتين" إلى أنه سوف يقبل منصب رئيس لوزراء إذا تم انتخاب ميدفيديف كرئيس، وهى خطوة اعتبرها المحللون ضمانة لحليف طويل الأمد للفوز فى الانتخابات. وقد أسهم ضعف المرشحين المنافسين مثل فجينادى زيوجانوف زعيم الحزب الشيوعى، الذى فشل فى الفوز فى الانتخابات الرئاسية حين خاضها ضد كل من يلتسين وبوتين. ويتوقع المحللون تفككاً فى معسكر اليساريين الروس بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، فرغم أن الحزب الشيوعى هو الوحيد بين أحزاب المعارضة الذى يمتلك رصيداً شعبياً وبرنامجاً متكاملاً لإدارة البلاد، إلا أن تطورات السنوات الأخيرة والتحالفات الجديدة التى أدارها الكرملين مع أحزاب يسار الوسط، بدأت تتخذ طابعاً يوحى بأن روسيا ستدخل المرحلة الجديدة دون الحزب الشيوعى. وعلى صعيد متصل، تحاول المعارضة أن تقتنص فرصة الانتخابات الرئاسية للسيطرة، على السلطة لكن تأثيرها محدود، وخاصة على المستوى الشعبى. وأخيراً، تظل هناك رؤية هامة يجب عدم إغفالها، تتمثل فى اتجاه معظم التحليلات للتأكيد على أن السياسة الروسية الحالية ستستمر على ما هى عليه دون تعديلات فى حالة تولى "ميدفيدف" المتوقع للرئاسة.