مصر أكتوبر: نستعد للانتخابات بعمل ميداني ولقاءات توعوية تستهدف كل فئات المجتمع    البورصة المصرية تربح 11.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    محافظ المنيا: توريد 390 ألف طن من القمح بصوامع المحافظة منذ بدء موسم 2025    موعد صرف معاشات يونيو 2025.. أماكن الصرف وخطوات الاستعلام وتفاصيل زيادة يوليو    «موديز» تخفض تصنيف أكبر البنوك الأمريكية بعد مراجعة التصنيف السيادي    نانت يُعلن رحيل المدير الفني أنطوان كومبواري    حفيدة نوال الدجوى بعد واقعة سرقة فيلا جدتها: ماما نوال نموذج للصبر والشموخ في مواجهة المحن    اليوم العالمي للمتاحف.. ثقافة بورسعيد تنظم عددا من الفعاليات لتعزيز الوعي المجتمعي بالتراث المتحفي    حملة لإغلاق المغاسل المخالفة فى جنوب الغردقة حفاظًا على مياه الشرب    في إطار اتفاقية التعاون.. وفد جامعة بنها في زيارة لجامعة بانونيا بالمجر    مؤسسات فلسطينية: الاحتلال يحاول تصفية مجموعة من رموز الحركة الأسيرة وقادتها    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    الجيش السوداني: نقترب من تطهير كامل الخرطوم    البرلمان العربى يعزى مصر فى استشهاد طاقم طائرة تدريب عسكرية نتيجة عطل فني    فنلندا: إصابة 3 طلاب فى هجوم بسكين داخل مدرسة واعتقال المنفذ    «السجيني» يطالب الحكومة بالاستماع إلى رؤية النواب حول ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات    النحاس يجهز كتيبة الأهلي لمواجهة الحسم أمام فاركو في الدوري    حسين الشحات: متحمسون للغاية لمواجهة ميسي الأفضل في العالم.. ونثق في حضور جماهيرنا    ثروت سويلم: تصريحاتي بشأن الأهلي والإسماعيلي في إلغاء الهبوط فُسرت خطئا    رئيس جامعة مطروح: انتظام سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني    وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات "ضرورة" تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025.. تفاصيل مواعيد الامتحانات لجميع الأنظمة التعليمية    تجاوزت سرعتها ال 42 كيلو.. رياح شديدة واضطراب حالة البحر بجنوب سيناء    أبو حطب يتابع انتظام الأعمال الميدانية بأشمون    "أمين عام مجمع اللغة العربية" يطلب من النواب تشريع لحماية لغة الضاد    محمد ثروت يحيي الذكرى الرابعة لوفاة سمير غانم برسالة مؤثرة    «ما يهزهم ريح».. 4 أبراج تتميز بثبات انفعالي مذهل في المواقف الصعبة    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    قبل امتحانات آخر السنة 2025.. ما هو الاختيار الأفضل لتحلية الحليب لطفلك؟ (أبيض ولا أسود)    حوار خاص| أحمد السبكى رئيس هيئة الرعاية الصحية ل«البوابة»: إطلاق المرحلة الثانية من منظومة «التأمين الصحى الشامل» بمطروح خلال سبتمبر وشمال سيناء في ديسمبر المقبل    مستشفى أطفال مصر يجرى عملية توسيع للصمام الأورطى بالبالون عن طريق القسطرة لطفلة حديثة الولادة    «جاب الفلوس منين».. شوبير يعلق على رفع القيد عن الزمالك    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    أونروا: إسرائيل تمنع المتطوعين من دخول قطاع غزة    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    الخميس.. فرقة الصحبجية تغني في قصر الأمير بشتاك    «سيدات يد الأهلي» يواجه فاب الكاميروني في ربع نهائي كأس الكؤوس    الأهلي يواجه الزمالك في مباراة فاصلة لحسم المتأهل لنهائي دوري سوبر السلة    خبر في الجول – جلسة بين الزمالك والسعيد لحسم التفاصيل المالية لتجديد عقده    الأمن يلقى القبض على المتهم بذبح والده المسن بأسوان    بحضور مدبولي.. رئيس سوميتومو العالمية: نحتفل بفخر بإنشاء أحدث مصانعنا المتطورة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل وتركيب الشعر الصناعي بالعجوزة للعمل دون ترخيص ويديرها منتحل صفة طبيب    وزير الري يبحث إضافة مواقع سياحية جديدة لمنظومة السد العالي -صور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    "تأهيل خريج الجامعة لمواجهة تحديات الحياة الأسرية".. ندوة بجامعة حلوان    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    المركزي الصيني يخفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    طريقة عمل الفراخ البانيه، بقرمشة لا مثيل لها    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    رابط جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 ب المحافظات الحدودية    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراسلة «اليوم السابع» بقنا تروى ساعات الحزن والخوف بعد مجزرة القداس
أول شهادة حية من داخل مصادمات «الفتنة» بنجع حمادى

◄◄كنت الفتاة المسلمة الوحيدة فى الشارع بين مئات الغاضبين.. والأمن نصحنى بالابتعاد عن قلب الحدث
◄◄المدينة تحولت إلى قطعة من جهنم فى لحظات والشباب المسلم والمسيحى حملوا الأسلحة البيضاء واحتلوا الشوارع مرددين هتافات طائفية
كنا جميعاً نعرف أن الغد هو يوم عيد الميلاد، ولأن ما يقرب من نصف سكان نجع حمادى من المسيحيين، كان العيد لنا جميعا لأن الحياة تتوقف، ويتبادل جميعنا التهانى، وسارت الأمور على طبيعتها، فبعد غروب شمس يوم السادس من يناير الجارى، بدأ الأقباط يتوافدون على مطرانية نجع حمادى للمشاركة فى صلاة قداس عيد الميلاد، كان 6 من هؤلاء على موعد مع اللحظات الأخيرة فى عمرهم، بينما يتثاءب أفراد الحراسة الواقفة أمام الكنيسة، وهم يعلمون أنها ستكون ليلة طويلة فغداً عيد الميلاد ولن ينفض الأقباط عن الكنيسة قبل منتصف الليل، قبل هذا الموعد بقليل بدأ الأقباط يخرجون من الكنيسة غير مبالين ببرودة الجو، فحرارة التهنئة بالعيد ألهتهم عنها، من بعيد تقترب سيارة «فيات» زيتية اللون تحمل أرقام 21576 ملاكى قنا قبل انتصاف الليل بقليل، يخرج من أحد نوافذها سلاح آلى ليحصد فى ثوان معدودة أرواح 6 أقباط: أبانوب كمال (20 سنة)، ودينا حلمى (17 سنة)، ورفيق رفعت (28 سنة)، وأيمن زكريا (25 سنة)، وبولا عاطف (18 سنة)، وبيشوى فريد (17 سنة)، وأمين شرطة مسلم من أفراد الخدمة على الكنيسة (28 سنة) هو أيمن هاشم سيد، ويصيب 9 أقباط آخرين.
اختلط ظلام الليل حينها بألوان الدماء وسادت الفوضى أمام المطرانية، حيث هرع بعضهم داخل الكنيسة هربا من الرصاص، فيما ظل من بقى حيا ممن ظلوا خارج الكنيسة مصدوما للحظات ليفوق على الفاجعة، وحاول بعض من كانوا بالخدمة من أفراد الأمن مطاردة سيارة الجناة، ولكنها كانت قد اختفت فى سواد الليل، وأسرع الناس من خارج الكنيسة لحصر القتلى، وتم نقل المصابين إلى مستشفيات نجع حمادى العام، وإحالة أصحاب الحالات الحرجة إلى مستشفيات سوهاج وأسيوط، وذهبت أذهان الجميع حينها إلى أحداث طائفية لم يمر عليها أكثر من شهرين، حينما اتهم شاب قبطى باغتصاب فتاة مسلمة.
فى صبيحة عيد الميلاد وصل الغضب قمته، وجدت نفسى فتاة مسلمة محجبة تقف بين عدد من الأقباط الغاضبين، ولكننا فى الحزن سويا فالموت لا يفرق بين الأديان، كانت قمة المأساة حينما بدأ نور الشمس يكشف حجم الفاجعة: دماء متناثرة على جدران المطرانية وتواجد أمنى أصبح كثيفاً، فسدت فرحة العيد وظل الجناة مجهولين، وبدأت التكهنات حول سبب الجريمة هل هى ثأر أم جريمة شرف أم عبث أيد خارجية؟ تجمع أهالى المصابين والقتلى من الأقباط يرفعون راية الغضب وفشلت المحاولات المضنية للأمن فى تفريقهم.
كان الغضب هو عنوان كل شىء فتنبأت لنفسى بأن العمل فى هذه الظروف لن يكون سهلا، وقد صدقت نبوءتى فقد تعرضت للخطر أكثر من مرة نتيجة متابعتى للحادث، فعقب إجراء حوار مع المصابين وأسرهم داخل مستشفى نجع حمادى ومتابعة خروج جنازة ضحايا الأحداث وقعت أحداث شغب بسبب غضب وثورة أهالى الضحايا الذين حطموا وكسروا المستشفى، وكان عددهم أكثر من 100 شخص، بعضهم كان ينظر لى بعدائية ونصحنى البعض بالانصراف، كما أكد لى بعض أفراد الأمن «قد تتعرضين للأذى من جانب الأقباط الثائرين بسبب حجابك الذى يدل على أنك مسلمة فى هذا الوقت الحساس».
بعد ذلك تطور الأمر إلى أن الاشتباكات امتدت لقرية الرحمانية التى تبعد 5 كيلومترات جنوب نجع حمادى، انفعال الأقباط دفع المئات للخروج إلى الشوارع معلنين عن غضبهم، وقد انزلق قلة منهم لترديد هتافات معادية للمسلمين وتصرفات استفزازية، وقد دفع هذا عددا من الشباب المسلمين بالمدينة للخروج إلى الشوارع وعدم مراعاة وقع المأساة على إخوانهم الأقباط، وغير مدركين لخطورة الأحداث وحساسيتها، وكادت تحدث مواجهات دامية لولا تدخل الأمن بقوة وتهدئة الأوضاع من العقلاء على الجانبين.
لم يجد الأمن بداً من فرض حظر التجوال منعا لتجدد الاشتباكات وإقامة عدد من الأكمنة على الطرق وتمشيط الشوارع لمنع أى محاولة لتجدد إطلاق النيران من الطرفين، لتتوصل وزارة الداخلية خلال ساعات إلى مرتكب الحادث وهو محمد أحمد الكمونى وشهرته «حمام الكمونى» ساعده فى الجريمة هنداوى محمد سيد، وقرشى أبوالحجاج، ووصفتهم الداخلية بأنهم «من العناصر المسجلة خطر والسابق ارتكابهم لحوادث جنائية».
وكان التفسير الأولى للحادث، هو الانتقام من عدم التوصل لقبطى مغتصب الفتاة المسلمة ذات ال12 عاماً من العمر فى فرشوط، ثم ظهرت بعد ذلك تلميحات عن تربيطات سياسية وراء الحادث، وفى كلتا الحالتين كان الأمن متهما بالتقصير والتواطؤ، لكن تصاعد الأحداث بعد ذلك لم يعط أحدا فرصة البحث عن تفسيرات، ففى اليوم التالى كانت هناك مسيرة للأقباط، وعلى الجانب الآخر من الشارع بدأت معاينة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود لموقع الحادث، وأنا أتنقل بين الجانبين لتغطية الأحداث، وأثناء وقوفى أمام المطرانية تجددت المظاهرات، ومع تزايد غضب المتظاهرين قام أحد الأشخاص بالهتاف ضد المسلمين ووصلتنى تحذيرات أن الأقباط غاضبون ويجب علىّ أن أترك المكان فوراً منعاً للتعرض للخطر، وابتعدت عن المكان بعد التقاط الصور اللازمة.
وفى المساء تجدد الصدام مرة أخرى.. عدد كبير من الشباب المسلمين بمنطقة الساحل قاموا بأعمال شغب وأشهروا الأسلحة البيضاء فى وجوه الجميع، وكنت أصطحب أخى لتصوير الأحداث فتمكن بعضهم من تحطيم الكاميرا وإتلاف كارت الذاكرة الذى كان يحوى صورا لعدد من المشاغبين اثناء تحطيمهم للمحلات والسيارات بالشوارع.
داخل مطرانية نجع حمادى كان الأمر مختلفا عن الغليان الذى يدور بالخارج، فقد استقبلنى الجميع مرحبا بى ومقدرين للدور الذى يقوم به الاعلام، فمكثت فيها آخر مرة لأكثر من 4 ساعات بينما كنت أرى الدهشة والاستغراب من كل الوافدين على المطرانية، وهم يتبادلون السؤال عن الفتاة المحجبة داخل المطرانية فى ظل هذه الأحداث.
هذه التجربة التى عشتها فى تغطية أحداث نجع حمادى كانت الأشد قسوة فى حياتى الصحفية القصيرة، واكتشفت فيها أنه من السهولة أن يتحول العالم من حولك فى لحظة إلى دائرة دماء مجنونة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.