أهلا رمضان شهر الخير والبركات، شهر الطاعة والعبادات، شهر الصوم والصلوات، شهر النجوى والدعوات، شهر الفرحة والمسرات، شهر الحاضر والعادات، هل علينا رمضان ومعه الكثير من المظاهر الجميلة التى ترتبط بهذا الشهر المعظم ويكون لهذه المظاهر مذاقا خاصا فى مصر، وتيمنا بالمثل القائل "على الأصل دور" أردت أن ألقى الضوء على بعض هذه المظاهر، وما هو أصلها فلو بدأنا بالمسحراتى ففى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان بلال (رضى الله عنه) يؤذن لصلاة الفجر، ومن بعده عبد الله ابن أم مكتوم للإمساك وبعد ثلاثمائة وثمانية وثلاثين عاما من الهجرة، كان والى مصر عنتبة بن إسحق يسير على قدميه إلى جامع عمرو بن العاص فى مدينة الفسطاط القاهرة حاليا مناديا الناس تسحروا فإن فى السحور بركة، وكان ذلك بمثابة إعلان عن السحور، وكادت هذه الظاهرة أن تندثر لولا أن السلطان الظاهر بيبرس أعاد تجديدها مرة أخرى، حيث قام بتعيين بعض الناس من العامة، ومعهم بعض الشيوخ لتكون مهمتهم هى إيقاظ الناس للسحور مرددين كلمات يا مسلمين قوموا اتسحروا فكانت ليالى رمضان احتفالية جميلة فى وقت السحور، حيث الأطفال والكبار إلى أن أصبحت مهنة المسحراتى مهنة يمتهنها بعض الناس كمصدر للدخل لتبقى حتى الآن لنسمع أجمل الكلمات المقتبسة أحيانا والمرتجلة أحيانا أخرى (واصحى يا نايم وحد الرزاق وحتة من بلدى حتة من كبدى حتة من موال والرجل تدب مطرح ما تحب، وأنا صنعتى مسحراتى فى البلد جوال). وهناك أيضا مدفع الإفطار هذا المدفع الذى يرتبط صوته بلم شمل الأسر، وجلوسها حول السفره فكلمات مدفع الإفطار اضرب لها مذاق خاص فى مصر، والغريب أن مدفع الإفطار ارتبط بوقت الإفطار فى شهر رمضان بالصدفة فيقال أن السلطان المملوكى خشقدم استلم مدفعا حربيا فأراد عمل تجربة، لذلك المدفع وصادف هذه التجربة وقت آذان المغرب، حيث كان يعم الصمت بالقاهرة انتظارا للأذان وقت الإفطار فاعتقد المصريون أن الخليفة ابتدع هذه الظاهرة لتنبيه المصريين بوقت الإفطار، ويقال أيضا أنه فى عهد الخديوى إسماعيل كان الجنود ينظفون أحد المدافع فانطلقت منه قذيفه رجت أركان العاصمة، وكان ذلك وقت الغروب فأعجبت هذه الفكرة فاطمة بنت الخديوى فصدر فرمانا أن يكون المدفع هو صوت إعلان وقت الإفطار وسواء كانت هذه المقولة أو تلك فان الصدفة كانت عاملا مشتركا فى الحالتين، ليظل جبل المقطم هو مكان مدفع الإفطار ليسمعه المصريون فى كل مكان من خلال الإذاعة والتليفزيون، مدفع الإفطار اضرب، وصوما مقبولا وإفطارا شهيا وكل عام والأمة الإسلامية بخير ورمضان كريم .