أرست محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة قاعدة جديدة ترسخ فيها الأولويات التى يجب أن تضعها لجنة الإصلاح التشريعى منهاجا لها وعلى قمة أجندتها المرتقبة ما يعد نموذجا للإصلاح التشريعى المنشود لحماية آلاف الأسر المصرية من التشرد والضياع نتيجة إصدار الحكومة قرارات بإخلاء مساكنهم المصلحية التى عاشوا فيها طوال حياتهم الوظيفية حتى بلوغهم سن المعاش أو الوفاة وقد أيدت المحكمة قرارات الحكومة بطردهم من تلك المساكن إيمانا منها باحترام القانون الواجب عليها تطبيقه لكنها ناشدت فيه رئيس الجمهورية أن يجد لهؤلاء الآلاف من الأسر مساكن بديلة بوسيلة تشريعية سليمة ريثما يتناول إعادة تنظيم القرار الجمهورى الذى أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1969و الخاص بمساكن المنشآت الحكومية ليتفق مع أحكام الدستور الجديد المعدل الصادر 2014 والذى جعل من المسكن الملائم الآمن والصحى من الحقوق الدستورية للمواطنين وأكدت المحكمة أن تعليمات رئيس الوزراء بتوفير مساكن بديلة مقرر بأداة غير سليمة لأنها مجرد توجيهات سياسية لا ترقى لمستوى القرار الجمهورى. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين نائبى رئيس مجلس الدولة بتأييد قرارات الحكومة المصرية بإخلاء المدعين من مساكنهم المصلحية وطردهم من تلك المساكن استنادا إلى قرار الرئيس جمال عبد الناصر رقم 2095 الصادر فى عام 1969 بشأن المساكن الملحقة بالمنشآت الحكومية ( المحكمة ملزمة بتطبيق نصوص القرار الجمهورى بطرد هؤلاء الأسر عند انتهاء خدمتهم أو الوفاة). وقالت المحكمة إن "الإدارية العليا" استقرت على أن قرار الترخيص بشغل الوحدات السكنية التابعة للحكومة والهيئات العامة يقوم على سبب معين هو قيام العلاقة الوظيفية بين الحكومة والعامل المرخص له بشغل العين ويترتب على زوال هذه العلاقة بين المنتفع والحكومة أثرا معينا هو انتهاء الترخيص بشغل الوحدة السكنية ويتعين إخلاء العين بعد زوال سبب الانتفاع أى أنه إذا ما انقضت العلاقة الوظيفية بين العامل والحكومة بسبب الوفاة أو الإحالة إلى المعاش انقضى السند القانونى للبقاء فى شغل المسكن حتى يتوفر المسكن خاليا لمن يحل محله فى الإسهام فى تسيير الإدارة وتعليمات رئيس الوزراء للمحافظين بتوفير مساكن بديلة لا تعدو أن تكون توجيهات سياسية لا ترقى لمستوى القرار الجمهورى ولا يملكه رئيس الوزراء وأضافت المحكمة أن التعليمات الصادرة من رئيس مجلس الوزراء للمحافظين بعدم إخلاء العاملين الذين انتهت خدمتهم من المساكن التى يشغلونها من الجهة الإدارية قبل أن توفر لهم مسكنا آخر هى مجرد تعليمات من جهة أدنى مرتبة من السلطة التى نظمت شغل هذه المساكن المتمثلة فى رئيس الجمهورية فضلا عن أن هذه التعليمات بمنح مساكن بديلة للمساكن المصلحية لا تعدو أن تكون توجيهات سياسية من رئيس الوزراء لا ترقى إلى مستوى القرار الجمهورى ويعد مقررا بأداة غير سليمة قانونا هو مالا يملكه رئيس الوزراء والمحكمة تناشد أيضا رئيس الجمهورية إيجاد وسيلة تشريعية سليمة بقرار منه تكفل لآلاف الأسر مساكن بديلة حتى لا يتم تشريدهم فى الشوارع وإعادة تنظيم القرار الجمهورى الصادر من 45 سنة ليتفق مع أحكام الدستور الجديد . وأضافت المحكمة، أنه إيمانا منها بواجبها الدستورى فى بسط العدالة الإدارية على جموع الشعب تدعو رئيس الجمهورية إلى سرعة التدخل التشريعى الحاسم للنظر فى إيجاد وسيلة تشريعية صحيحة تكفل لهؤلاء الأسر وآلاف مثلهم مساكن بديلة حتى لا يتم تشريدهم فى الشوارع، وذلك ريثما ينظر رئيس الجمهورية إلى القرار الجمهورى رقم 2095 لسنة 1969 الخاص بالمساكن المصلحية لإعادة تنظيمه من جديد وقد مضى عليه ما يقرب من 45 عاما دون أن تتناوله يد التعديل والتبديل طبقا لسنة التطور والتجديد وبما يجعله متفقا مع أحكام الدستور الجديد المعدل الصادر 18 يناير 2014 فى المادة 78 منه التى نصت على أن تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى بما يحفظ الكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتزام الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين ويحفظ حقوق الأجيال القادمة حماية الأسر من التشرد وإعادة تنظيم القرار الجمهورى الصادر عام 1969 ليتفق مع الحق الدستورى فى المسكن الآمن هو لب الإصلاح التشريعى ويجب أن يكون من أولى اهتمامات اللجنة العليا للإصلاح التشريعى. وأضافت المحكمة، أن توفير مساكن بديلة لهؤلاء الأسر وحمايتهم من التشرد وإعادة تنظيم القرار الجمهورى الصادر عام 1969 ليتفق مع أحكام الدستور الجديد الذى جعل من الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى بما يحفظ الكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية هو لب الإصلاح التشريعى ويجب أن يكون من أولى اهتمامات اللجنة العليا للإصلاح التشريعى الذى ينشده الشعب فى القضايا المتصلة بالحقوق الدستورية كالمسكن الآمن الذى يجد فيه الإنسان سكينته ويحفظ عليه آدميته خاصة إذا اتصل هذا الحق بالفقراء ومحدودى الدخل من الشعب الكادح، وذلك أنه ما من ريب أن طرد آلاف الأسر من المساكن المصلحية وقد عاشوا فيها عشرات السنين استغرقت عمرهم الوظيفى كله بأسرهم الذين ولدوا وتربوا فى تلك الأمكنة وفى ظل أزمة الإسكان الطاحنة ودون أن توفر الدولة لهم مساكن بديلة بأداة تشريعية سليمة من رئيس الدولة يتصادم مع القانون الأسمى فى البلاد وهو الدستور مجافيا بالتبعية لمبدأ العدالة الاجتماعية متعارضا مع روح التطور والتجديد متجاهلا للواقع المرير الذى يعيشه معظم الفقراء ومحدودى الدخل من العاملين من أبناء هذا الوطن للحيلولة من تشريد هؤلاء الأسر بأطفالها ونسائها بما يناقض الأهداف التى سعت من أجلها ثورة الشعب فى 25 يناير 2011 وبما يحفظ لهؤلاء المواطنين كرامتهم الإنسانية والعدالة الاجتماعية وحتى لا يقع النظام الجديد فيما وقع فيه النظام السابق الذى لم يجعل من نصوص دستور 2012 سوى مجرد حقوق نظرية دون تطبيق فعلى مما ثار عليه الشعب فى 30 يونيه 2013 و لا يخفى على رئيس الجمهورية أن القرار الجمهورى المنظم للمساكن المصلحية صدر منذ 45 سنة وقت أن كانت مصر أقل من نصف عدد سكانها الآن ولم تعانى حينذاك من أزمة إسكان والمشرع الدستورى لم يحرص عليه حتى دستور 1971 وأدركه فى دستور 2012 وتعديله 2014 . واختتمت المحكمة حكمها، أنه لا يخفى على ذهن السلطة المختصة وهو رئيس الجمهورية، أن القرار الجمهورى المنظم للمساكن المصلحية رقم 2095 صدر منذ عام 1969 أى منذ ما يقرب من 45 سنة وقت أن كانت مصر لم تعانى المشكلة السكانية التى تعانيها اليوم، وكان عدد سكانها حينذاك أقل من نصف سكانها لذا كان طبيعيا أن يتفتق ذهن رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت إلى فكرة المساكن الحكومية حرصا على سير المرافق العامة التى يتطلب نظام العمل فيها البعد عن الحيز العمرانى وهذا ما يفسره أن المشرع الدستورى ذاته لم يحرص على التزام الدولة بتوفير المسكن الملائم الآمن حتى دستور عام 1971 لعدم معاناة الشعب فى تلك الآونة من المشكلة السكانية وهو الأمر الذى أيقنه المشرع الدستورى وتناوله بالتنظيم وجعله حقا مكفولا للمواطنين فى الدستور الصادر عام 2012 وتعديل هذا الدستور الصادر عام 2014 .