ما من أحد فى هذه الحياة إلا وأخذ نصيبه من التعاسة والألم والوحدة والقلق والحيرة والتوتر، وكان مردود كل منا مغايرا للحدث الذى أصابنا، فهناك من استسلموا لفخ الحزن واجتروا ألمهم وحكاياتهم، وهناك من قرروا أن يغيروا من طريقة حياتهم ويضعوا حدا لما يمرون به فغيروا من طريقة تفكيرهم ورؤية نظرتهم للأحداث. فالسعادة تتوقف على ما تفكر فيه وما قد ينعكس عليك من جراء ذلك التفكير، فالتفكير فى الأشياء الجيدة والسارة واتجاهك نحو رؤية السعادة فى وجوه من حولك بأعمالك الطيبة، كل ذلك من شأنه يجعلك تستشعر السعادة فى أمور ورؤى وفكر جديد لم تعهده من قبل. من الخطأ الجسيم هو اللهث وراء أمور وأشياء وهمية نبدد فيها كل ما نملك بغرض أن نكون سعداء، مع أن السعادة لا تتوقف على شىء بعينه، فمن السهل أن تجلب لنفسك السعادة بأفكار وأفعال قد تبدو بسيطة، ولكن يبدو أثرها عظيماً فيما بعد، فلابد أن تؤمن أنك الوحيد مصدر رقى ذاتك وتطهيرها برقى نظرتك وتفكيرك للحياة. يقول إيرنى زيلنسكى: «إن كل ما أنجز من أمور عظيمة فى تاريخ الإنسانية بدأ بفكرة صغيرة. نحن جميعاً نملك مثل هذه الأفكار. لكن قلة قليلة من الناس يفعلون شيئاً بها. ماذا تنوى أن تفعل بأفكارك؟». لذلك ليس كافياً أن تفكر فى تحقيق أهدافك وأحلامك لتجلب لك السعادة، فهناك الكثير ممن وصلوا إلى أهدافهم ورغم ذلك تجدهم تعساء، لذلك اسأل نفسك ما المعنى الذى سوف يعود عليك من تحقيق هدفك؟، فليست كل الأهداف بذات الأهمية التى تحقق لك الشعور بالسعادة، فهناك قلة قليلة من الناس من يتوقفون للحظات للتفكير بهذا المنطق، لذلك أسعى وراء الأفكار والأهداف التى تستشعر قيمتها ورد فعلها بداخلك ويستشعرها من حولك، فالنجاح والغنى وأشياء أخرى ليست مقياسا للسعادة بل أحيانا تجدها تلهيك عن أشياء أخرى، كانت سوف تحقق لك السعادة الغامرة، ولكن نتيجة انشغالنا بما فى أيدينا ففقدنا فى الحياة أشياء قد يصعب تعويضها وفقدنا معها أجمل أيام عمرنا، وفقدنا معها أغلى الناس فى حياتنا ومن الصعب إيجاد لها بدل فائد، يعوضك عن ما فقدته. يقول هنرى ديفد ثورو: «ليس كافياً أن تكون مشغولاً.. السؤال:ما الذى يشغلك؟». الناس الآن قد تجدهم يتكلمون لغة واحدة وهى لغة المال وحب الامتلاك، ورغم أنهم يجيدونها إلا أنها لا تجسد السعادة بداخلهم، فبمرور العمر واكتساب التجربة والخبرة نجد القليل من أصحاب الاستشعار من يدركون أنها كانت سعادة زائفة ووقتية، بل قد كانت محصلتها النهائية الكثير من التعاسة. يقول آين راند: «الغنى هو نتاج قدرة الإنسان على التفكير». لذلك لا تجعل السعادة تتوقف على شىء بعينه، وليكن حب امتلاك المال وتحقيق المزيد من الشهرة والغنى وغيرها من الأشياء التى تشتهيها، فإنك مهما حققت لن تحصل إلا على القليل منها والمكتوب لك الاستفادة منه، فرزقك بما تنتفع به والباقى نتركه لمن حولنا، وقد ننتبه لذلك فى أواخر عمرنا ولكن قد يكون بعد فوات الأوان. إذا أردت أن تستشعر السعادة الخالصة وتنعم بها، اجعل أى عمل تقوم به خالصا لوجه الله، وأى خطوة تخطوها تسير فى اتجاه حب الله سبحانه وتعالى.