رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فى مقالها الإفتتاحى اليوم الجمعة أن حكومة "الوحدة" الفلسطينية الجديدة التى تترأسها حركة فتح تمزج بين جنباتها العديد من التناقضات فهى تريد تسوية قضية السلام مع إسرائيل، وفى نفس الوقت تضم للحكومة حركة حماس، التى لا تزال عاقدة النية على تدمير الدولة اليهودية. غير أن الحكومة الأمريكية لم تخطئ فى إعطاء الحكومة الجديدة فرصة وقررت دعمها لما قد تحدثه هذه الحكومة من تغيير وتجديد. وقالت الصحيفة الأمريكية -فى تقرير على موقعها الإلكترونى اليوم الجمعة- إن هذا الانقسام الأيديولوجى قد تم رأبه بتعيين حكومة مؤقتة من التكنوقراط ووضع خطة لإجراء انتخابات طال انتظارها هذا العام. واختارت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما دعم هذا التحالف الهش، بسيرها على النهج الواقعى، فى الوقت الذى أدانت فيه إسرائيل كلا من الحكومة الجديدة وقبول دول الغرب به. وأضافت الصحيفة أن عدة محاولات سابقة للقادة الفلسطينيين من قبل لرأب الانقسام الذى استمر سبع سنوات بين الضفة الغربية التى تسيطر عليها فتح وقطاع غزة الذى تسيطر عليه حماس قد فشلت، وذلك بسبب انقسام وجهات النظر فى السياسات مع إسرائيل ورفض حماس التخلى عن جناحها المسلح. وبموافقة حماس على دعم مجلس الوزراء الفلسطينى المعترف بإسرائيل والاتفاقات السابقة معها تعكس ضعفها فى إدارة قطاع غزة وانخفاض شعبيتها بين الفلسطينيين أنفسهم. وتابعت الصحيفة إلا أن الاتفاق جعل من مواصلة عملية السلام أمرا غير محتمل، وهذا ما حدث مع رفض إسرائيل التفاوض مع القيادة الفلسطينية التى مدت يدها لحماس ولذا من غير المحتمل أن يحدث أى تقدم فى عملية تسوية السلام فى ظل القائدين الحاليين. ومن ناحية أخرى تقدم الصفقة- وفقا للصحيفة- فاصل لشن حماس هجمات على إسرائيل وكذلك إجراء الانتخابات التى قد تقدم جيلا جديدا من القادة إلى السلطة. وقد ظهر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "79 عاما" بانه غير قادر وغير راغب فى حشد الإجماع الفلسطينى للموافقة على شروط سلام واقعية؛ ولذا سيكون تقاعده خطوة ضرورية للمضى قدما. واستطردت الصحيفة، أن إسرائيل وحلفائها فى الكونجرس الأمريكى يبحثون قضية إجبار الولاياتالمتحدة عباس على أن يختار بين التحالف مع حماس أو المساعدات الأمريكية. إلا أن قطع المساعدات الأمريكية سيشكل خطرا قد يؤدى إلى انهيار قوات الأمن الفلسطينية التى لعبت دورا حاسما فى الحفاظ على السلام فى الضفة الغربية. وبعد الإصرار على أن تلبية الحكومة المؤقتة الشروط الغربية، فما على إدارة أوباما فعله هو التركيز على دبلوماسيتها فى تعزيز الانتخابات التى قد تسفر عن سلطة فلسطينية موحدة قادرة على الحفاظ على السلام والمفاوضة بجدية مع إسرائيل. ومضت الصحيفة تقول قد يستغرق الأمر وقتا طويلا وبناء عليه يتبقى لحماس شرطان وهما إما تغيير النهج أو استبعادها من الانتخابات على أساس أنها فشلت فى نزع سلاحها أو نبذ العنف. هذه الشروط التى عجز عباس عن فرضها قبل انتخابات عام 2006، لوثوقه من فوز حزبه ، إلا أنه صدم بفوز حماس. وعلى الرغم من تدنى شعبية حماس فمن الأهمية أن يفرض الفلسطينيون مبدأ "سلاح واحد وقانون واحد" إذا أرادو بالفعل إظهار مصداقية الدولة. وأما عن البديل فهو خلق لبنان "قبيحة" آخرى، حيث يحقق حزب الله أهدافه السياسية بقوة السلاح. وأشارت الصحيفة إلى أن التناقضات الداخلية للائتلاف الفلسطينى قد تؤدى إما إلى انهياره أو إلى تكوين حكومة غير متقبلة لإسرائيل والولاياتالمتحدة. ولأن السياسة الفلسطينية قد وصلت إلى طريق مسدود فى ظل حماس وعباس لذا يبقى السؤال هل ينبغى أن تتضافر الجهود الدولية للعمل مع القيادة الفلسطينية المنقسمة. وتختتم لصحيفة قائلة قد تقدم حركة الوحدة إمكانية التغيير والتجديد؛ ولذا لم يخطئ الرئيس الأمريكى فى إعطائها فرصة.