رأي محللون صينيون أن تعثر محادثات السلام بشأن القضية الفلسطينية، هو أحد أسباب إعلان حركتا فتح وحماس عن اتفاق للمصالحة الوطنية والذي من شأنه أن ينهي زهاء سبعة أعوام من الانقسام الفلسطيني وقوبل بردود فعل إقليمية ودولية متباينة .. موضحين أنه رغم تباين الآراء حول دوافع اتفاق المصالحة الفلسطينية، ثمة إجماع على أن الفيصل في نجاحه هو التطبيق . وقال الخبراء الصينيون، فى تقرير نشرته وسائل الاعلام الصينية الرسمية، إن تعثر مفاوضات السلام من بين دوافع اتفاق المصالحة الفلسطينية، وأن الفيصل في نجاح الاتفاق هو التطبيق على الأرض، معربين عن أملهم في أن يؤدي الاتفاق إلى تعزيز التضامن الداخلي الفلسطيني ويساعد في التعايش السلمي بين إسرائيل وفلسطين.
وقد جاء اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، والذي يشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال خمسة أسابيع وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون ستة أشهر، في حين تستشعر كل من فتح وحماس خطرا وتتلاقى مصالحهما في تنفيذ المصالحة .
وفي هذا الصدد، قال لي قوه فو، الباحث في معهد الصين للدراسات الدولية، إن الاتفاق في المقام الأول يتعلق بتوحيد الصف الفلسطيني، في ظل سيطرة حماس على قطاع غزة وسيطرة فتح على الضفة الغربية، كما أن تعثر مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية مرتبط ارتباطا وثيقا بالوصول إلى هذا الاتفاق".
وأضاف لي قوه فوه أنه "على الرغم من أن إسرائيل ترفض التفاوض مع حماس، اضطرت فتح إلى وضع يدها في يد حماس وتنفيذ المصالحة بدافع تعثر المفاوضات وللضغط على تل أبيب وواشنطن في ظل استشعارها خطر على وضعها، كممثل للشعب الفلسطيني ككل دوليا، وسط الرغبة الشعبية في المصالحة وإجراء انتخابات".
وأضاف "أما حماس، التي تعتبرها إسرائيل والولاياتالمتحدة منظمة إرهابية، "فتواجه هي الأخرى ضغطا شعبيا لتنفيذ المصالحة إضافة إلى الضغوط الخارجية والوضع الاقتصادي المتدهور بقطاع غزة الذي تسيطر عليه، وتغير ميزان تحالفاتها بالمنطقة في ظل التقلبات السياسية الأخيرة"، موضحا أن "حماس ربما ترغب في العودة إلى الساحة السياسية الشرعية من باب المصالحة لاسيما بعد الوضع الذي باتت عليه جماعة الأخوان، التي تنتمي إليها، بالمنطقة مؤخرا".
وأضافوا أنه على الرغم من أن الاتفاق بشرى جيدة للفلسطينيين، ورغم ردود الفعل المرحبة تارة والمنددة تارة أخرى، يجمع المراقبون على أن العبرة بالتطبيق، في وقت أكد وفدا فتح وحماس، أنهما ماضيان في تنفيذ المصالحة برغم التهديدات الأمريكية والإسرائيلية، تبقى التناقضات بين الحركتين قوية وثمة حاجة إلى جسر هوة الخلافات.
وفي هذا السياق، يرى يو قوه تشينغ، الباحث بالمعهد الصيني للعلوم والدراسات الاجتماعية، أن "هناك صعوبات كثيرة أمام تطبيق الاتفاق، وأبرزها الخلافات بين فتح وحماس على قضايا رئيسية لاسيما المفاوضات مع إسرائيل، فيما لا تزال الولاياتالمتحدة، حليف إسرائيل والوسيط الرئيسي في محادثات السلام، تعتبر حماس منظمة إرهابية، وبذلك سيظل هناك حالة من الحذر في التعامل مع حركة المقاومة "الإسلامية" حماس .
وأضاف يو قوه تشينغ قائلا "إذا استطاع الجانبان اتخاذ إجراءات حقيقية لتطبيق الاتفاق، انطلاقا من المصالح الطويلة الأجل للشعب الفلسطيني ولتعزيز وحدة الصف الفلسطيني، فهذا يصب في صالح الفلسطينيين جميعا، أما إذا لم يتم تطبيق الاتفاق ، كما كانت الحال مع اتفاقات مصالحة عديدة بين الجانبين بما فيها تلك التي تمت بوساطة السعودية وقطر ومصر، لن يكون من السهل القضاء على التناقضات داخل الصف الفلسطيني في ظل الخلافات بين فتح وحماس، وبالتالي يظل الاتفاق مجرد حبر على ورق".
ورغم صعوبة التطبيق، يأمل الخبراء الصينيون أن يؤدي الاتفاق إلى"المساعدة في بناء التضامن الداخلي لفلسطين، وتحقيق حلم بناء دولة فلسطينية والتعايش السلمي بين إسرائيل وفلسطين .. مشيرين إلى أن الصين قد رحبت بالاتفاق، وأكدت أن المفاوضات هي الحل الوحيد لتحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل.
ويقول لي أنه رغم تاكيد الرئيسي الفلسطيني محمود عباس أن اتفاق المصالحة "خطوة لتعزيز قدرة المفاوض الفلسطيني على إنجاز حل الدولتين"، نافيا أن يكون متعارضا مع المفاوضات مع إسرائيل، في حين خير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني بين "السلام مع حماس، والسلام مع إسرائيل"، فإنه لا يمكن استنتاج أن المفاوضات انهارت .
وأضاف أن الوسيط الرئيسي الولاياتالمتحدة لا تزال راغبة في استمرار المفاوضات وتبذل أقصى ما بوسعها لتمديدها، وأن "إسرائيل تتفهم بلا شك أن المفاوضات مع الفلسطينيين تخفف ضغوط المجتمع الدولي عليها، ولذا لن ترغب في التخلي عن المفاوضات. بينما لم يستعبد عباس إمكانية إجراء مفاوضات بعد انتهاء الموعد النهائي المحدد في نهاية ابريل الجاري".
وتابع الخبير الصيني قائلا "على الرغم من أن هناك أقل من أسبوع على الموعد النهائي للمفاوضات, لدى كل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الرغبة في المفاوضات, إذ يعلم كل منهما أن انهيارها ليس في صالحه. فإسرائيل سوف تواجه ضغوطا سياسية أكبر، بينما سيواجه الفلسطينيون ضغوطا كبيرة من جانب الولاياتالمتحدة فضلا عن الضغوط الاقتصادية، حال فشل المفاوضات".
وأشار يو قوه تشينغ إلى أنه بعد نهاية ابريل الجارى تحتاج المفاوضات بين فلسطين واسرائيل إلى دفعة من جانب المجتمع الدولي، ولاسيما الولاياتالمتحدة باعتبارها الوسيط الرئيسي بين الجانبين...ؤكدا ان معالجة الخلافات الداخلية الفلسطينية يعد شرطا مهما لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات وتحقيق تقدم ملموس.