يعد ملف العلاقات المصرية الأمريكية واحدا من أصعب التحديات الخارجية التى تواجه الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسى، فالمشير عليه التأسيس لعلاقة جديدة مع إدارة أوباما، وهذه العلاقة سترتكز وفقا لتصريحات السيسى على المصالح المتبادلة بين البلدين، ودون التدخل فى شؤون مصر الداخلية، أما واشنطن فقد أعلنت موقفها من الرئيس المصرى الجديد، عبر التصريحات التى صدرت عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية، منذ الإطاحة بالرئيس الإخوانى محمد مرسى وجماعته من السلطة، حيث كررت الإدارة الأمريكية التأكيد على أنها لن تدعم أى مرشح أو جماعة وستتعاون مع الرئيس الجديد الذى يختاره المصريون، بغض النظر عن شخصه أو خلفيته سواء كانت مدنية أو عسكرية. المصالح المتبادلة التى أشار لها السيسى فى أكثر من مناسبة قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، تدور حول ما أعلنه الرئيس أوباما خلال خطابه الأخير فى أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية، فى نيويورك، حيث قال، إن علاقة بلاده مع مصر ترتكز على المصالح الأمنية، المتمثلة فى الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، والجهود المشتركة بين واشنطنوالقاهرة لمحاربة التطرف والإرهاب، أما المصالح المصرية فتتلخص فى رسالة وجهها السيسى إلى نظيره الأمريكى منذ أيام، خلال حوار انفردت به وكالة «رويترز» للأنباء، حيث قال، إن مصر تخوض حربا ضد الإرهاب وجيشها ينفذ عمليات عسكرية كبيرة من أجل منع تحول سيناء إلى قاعدة للإرهابيين، مما يشكل تهديدا على جيران مصر، وعلى استقرارها. وأضاف موجها كلامه للرئيس أوباما: «مصر تحتاج الدعم الأمريكى والمعدات الأمريكية من أجل مكافحة الإرهاب». لكن أهم ما يميز مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية أن «مصر لأول مرة منذ عقود تتحكم فى سير العلاقة وليس واشنطن»، كما يرى الدكتور منذر سليمان، مدير مركز الدراسات الأمريكية والعربية فى واشنطن، الذى قال ل«اليوم السابع»: إن الإدارة الأمريكية تمر بحالة ضعف وتراجع قوتها وتأثيرها الدولى، وانعكس ذلك على سياستها المرتبكة فى التعامل مع الملف المصرى. ويرى سليمان أن واشنطن تراهن على استمرار دور مصر كدولة تخدم مصالح الأمن القومى الأمريكى، عبر التزامها باتفاقية كامب ديفيد وحماية أمن إسرائيل، لكن «السيسى لديه فرصة قوية لإعادة صياغة العلاقات بين القاهرةوواشنطن»، بحسب سليمان، الذى شدد على ضرورة أن يعمل المشير من أجل استعادة الدور الإقليمى لمصر، كقائدة للدول العربية، فوقتها فقط ستتمكن مصر من مواجهة جميع التحديات الدولية التى تواجهها. من جانبه قال ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون الأمريكية، إن العلاقات بين حكومتى واشنطنوالقاهرة استمرت خلال جميع التغيرات السياسية التى وقعت فى مصر خلال العام الماضى، مشيرا إلى أن هناك توترا فى العلاقات «ولنكن واقعيين ليس فقط على السطح»، على حد قوله. وأوضح براون، فى تصريحات خاصة ل«اليوم السابع» أنه منذ 3 يوليو، على ما يبدو تقتنع القيادة المصرية بأن القيادة الأمريكية لديها فهم غير دقيق للسياسة المصرية، فيما تخشى الإدارة الأمريكية أن تقود نظيرتها المصرية البلاد إلى بلبلة سياسية، ويستمر الجمود الاقتصادى، فى الوقت الذى تتعرض فيه حقوق الإنسان إلى الانتهاكات. ومع ذلك، يرى الخبير الأمريكى، أن هذا التوتر لم يمنع وجود مجموعة من المصالح الاستراتيجية المشتركة والاحترام المتبادل، كما أن هناك مجموعة من الروابط بين مؤسسات الولاياتالمتحدة ومصر فى المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية. وحول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستتقبل المشير السيسى رئيسا لمصر، وستدعمه، قال براون، إن إدارة الرئيس باراك أوباما ستتقبله «فالولاياتالمتحدة تقبلت مبارك ومرسى وستتقبل السيسى، ولم ألتق أحدا فى الحكومة الأمريكية يعتقد أن الولاياتالمتحدة لديها المقدرة على تحديد من سيرأس مصر».