توجهت أنظار العالم نحو مصر قبل حرب 5 يونيه 1967، كانت القاهرة مركز الأحداث، وكان الجميع كما يقول الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه "الانفجار" على اتصال بمصر بين ناصح ومحذر، وفى مثل هذا اليوم "1 يونيه 1967" دخل الرئيس الفرنسى "شارل ديجول" على خط الأزمة، كان هناك رسالة يريد إرسالها إلى "عبد الناصر"، فاستدعى السفير المصرى بقصر الإليزيه لنقلها، ويتحدث عنها "هيكل" فى كتابه، ويعطى ملمحا فيها عن طبيعة شخصية "ديجول": "كان يؤثر الاختصار فيما يقول ويلقى بخطوط عريضة تاركا لسامعيه أن يفسروها على النحو الذى يشاءون". لم تزد مقابلة "ديجول" ل"النجار" عن عشرة دقائق، وشملت بندين فقط، الأول، أنه يرى ضرورة عقد مؤتمر قمة رباعى، للسيطرة على اندفاع الحوادث، ويود أن يؤكد للرئيس عبد الناصر أن هدفه من ذلك ليس فرض وصاية على العالم لحساب الدول الأربع الكبرى، وإنما رأيه أن عملا على مستوى القمة الدولية، هو وحده الذى يستطيع أن يحرك "فرامل السيارة المندفعة بأقصى قوتها إلى المجهول". وقال فى البند الثانى، أنه يريد أن يتصل الرئيس "ناصر" بالاتحاد السوفيتى لكى يغير رأيه فى معارضة اجتماع على مستوى القمة، وفى تقديره أن موافقة الاتحاد السوفيتى على "قمة عربية" سوف يكون مفيدا للطرف العربى، فليس من صالحه أن يجرى علاج الأزمة فى الشرق الأوسط على القمة بين القوتين الأعظم وحدهما، لأن ذلك إذا حدث سوف يجعل علاج الأزمة مرهونا بالعلاقات بين القوتين الكبيرتين، وبالتالى يدخلها إلى مجال المساومات والتوازنات مع مناطق أخرى للتوتر فى العالم، وبالتالى فإنه يجعل علاجها مسألة صفقات مسألة صفقات أكثر منه أى شىء آخر. خرج السفير المصرى من مقابلة "ديجول"، ليجلس بعض الوقت مع مدير مكتبه الذى شرح له تفصيلا سياسة "ديجول" إزاء الأزمة، ناصحا بأن تقوم مصر بإبلاغ مصر بأن تقوم مصر باهتمام أكبر بأوربا وفرنسا بالذات. فى حديث مدير مكتب ديجول مع "السفير" أثار نقطة مهمة مازالت تشغلنا حتى الآن، وهى كيفية مخاطبة الغرب، حيث نصح بتعزيز الجهود للوصول إلى الرأى العام الفرنسى، واقترح تنظيم حملات إعلام تواجه الحملة الإسرائيلية التى تقوم على توجيهها مجموعة من اليهود المتعاطفين مع إسرائيل وعلى رأسهم البارون "دى روتشيلد"، واقترح إرسال مبعوثين مصريين إلى فرنسا للاتصال بكل القوى الشعبية بما فى ذلك الحزب الشيوعى، والاشتراكيون بقيادة "فرانسو ميتران" (الرئيس الفرنسى فيما بعد). وأضاف مدير مكتب ديجول قائلا: "لا تتصوروا أن هؤلاء سوف يأخذون الخط مع موسكو"، وقال أيضا:" فى حملتنا الانتخابية للرئاسة، ورغم سمعة ديجول وهيبته، استعنا بمكتب للعلاقات العامة، تولى كل شئون الصحافة والتليفزيون والفنانين وغيرهم، ونفس الشىء يفعله الإسرائيليون أيضا، رغم كل ما لهم هنا من قواعد" أرسل السفير المصرى رسالة بكل ما حدث إلى مصر لكن الساعة كانت تدخل للانفجار.