ألقى الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، كلمة أثناء استقبال ملك البحرين للمشاركين بمؤتمر حوار الحضارات فيما يلى نصها: "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أصحاب المعالى الوزراء أصحاب السماحة والفضيلة والسعادة، أيها الحفل الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. استسمحكم جلالة الملك أن أعبر وفى مجلسكم المحفوف بهيبة الملك ووقار العلم وأريحية اللقاء عن غيض من فيض مما يجيش فى نفسى وخاطرى من مشاعر الود والأخوة الحميمة التى تربط الأزهر الشريف ومصر بشخصكم الكريم وبمملكتكم الطيبة، وإذا كان لبعض الأماكن خصوصية من التفرد والامتياز يشعر المرء معها بنشوة روحية خاصة فلدولة البحرين موقع متميز بين هذه الأماكن كيف لا وقد درسنا ونحن صغار فى المعهد الدينى بالأزهر الشريف فيما يرويه الأمام البخارى عن ابن عباس رضى الله عنه: أنه قال "إن أول جمعة جمعت بين جمعة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد عبد قيس بجواثى من البحرين" كما درسنا ما رواه الأمام أحمد بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "اللهم اغفر لعبد قيس إذ اسلموا طائعين غير كارهين... وقال إن خير المشرق عبد قيس" وفى مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: "لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب إلا ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد المدينةوالبحرين". وقد كانت البحرين مصدر خير للإسلام والمسلمين فى عهد الرسالة والخلافة الراشدة كما ورد فى المصادر الصحيحة. ولاشك فى أن هذه النصوص النبوية والآثار المعتبرة تعد وسامًا على صدور أبناء البحرين عبر التاريخ وتؤكد هذا الرصيد الكبير من الإيمان والخير والبركة فى نفوس أهلها وفى هذا من الفضل والمزية ما لا يخفى على كل من خالط شعب هذا البلد الطيب وخبر أخلاقهم وسجاياهم. وقد أثبت التاريخ أن الشعب البحرينى رغم الأزمات والعواصف التى تعرض لها عبر تاريخه الطويل فأنه ظل على سمحة معتدلة وفكر واعٍ متيقظ لا تزيده الأيام إلا صلابة وتماسكًا. وحق لأبناء البحرين أن يذكروا تاريخهم ويعتزوا به ويفخروا بماضيهم وحاضرهم فلا يزال تاريخهم العريق يوحى إليهم بالثبات ويمدهم بالقوة والصمود وسيبقى كذلك فى حاضره ومستقبله بإذن الله تعالى قويًا قادرًا على تخطى الصعاب ومعالجة الأزمات بالحكمة البالغة والسياسة الرشيدة والانتماء الخالص للعروبة الرشيدة والانتماء الخالص للعروبة والإسلام. إن مملكة البحرين بما حباها الله من موقع استراتيجى متميز وشعب أصيل متحضر قدمت عبر تاريخها المجيد نموذجًا للتعايش والسماحة والسلم والمحبة بين أطياف المجتمع على اختلافها وتنوعها كذلك كانت البحرين وكذلك هى الآن فى سيرها قدمًا نحو عزة الوطن ورفعته بقلوب عامرة بالإيمان ومملوءة بالخير وداعية إلى الإخاء الصادق والسلم الاجتماعى العادل. فأنتم يا أحفاد الصحابة والتابعين قد أورثكم الله هذه الأرض الطاهرة فأقمتم فيها الحق والعدل بالميزان والقسط وكنتم دائما مشاعل علم ومعرفة ومبعث إشعاع ثقافى نير وملتقى حضارات عريقة ومحور ارتكاز للعلاقات الثقافية والتجارية بين الشرق والغرب، تلك التى جعلت من البحرين معلمًا بارزًا فى تاريخ العروبة والإسلام وجعلت من شعبها نموذجًا حضاريًا راقيًا تجاورت فيه الأديان وتعارفت وامتزجت فيه الثقافات وتلاقحت. وما نتمناه ونحن نلبى دعوة جلالتكم لزيارة رحابكم الكريمة هو أن يديم عليكم جلالة الملك وعلى شعبكم الكريم الطيب نعمة الاستقرار والوفاق والمحبة وأن يطيل الله بقاءكم ويمتعكم بالصحة والعافية ويمدكم بروح من عنده ويحقق على أيديكم آمال العرب والمسلمين. وأرجو أن تتفضلوا جلالتكم بقبول وافر الشكر والإعزاز والتبجيل بالأصالة عن نفسى وبالنيابة عن وفد الأزهر المرافق لكل ما لقيناه من كرم وحفاوة وحسن استقبال وبخاصة لما يلقاه الأزهر الشريف من جلالتكم شخصيًا من دعم ومساندة وتقدير، شكرًا لكم جلالة الملك وشكرًا لشعب المملكة الشقيق".