تحرك برلماني عاجل بشأن ما تردد عن تحويل قصور الثقافة إلى «رياض أطفال»    قيادي ب«مستقبل وطن»: حزمة التسهيلات الضريبية تدعم الاقتصاد وتُيسر على الممولين    الخارجية الأمريكية: رفع العقوبات عن سوريا تم بطلب سعودي    وزير الرياضة الأسبق يطالب بإلغاء الهبوط: فعلتها من قبل    بمشاركة تريزيجيه.. الريان يتأهل لنصف نهائي كأس أمير قطر    الأهلي يبدأ تجهيز صفقاته الجديدة ببرنامج تأهيلي خاص    ضبط طن وربع لحوم مجهولة المصدر ودواجن غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنوفية    سقطت في برميل مياه.. وفاة طفلة غرقًا بسوهاج    الخارجية: تشكيل غرفة عمليات بالوزارة لمتابعة التطورات في ليبيا    نجوم هوليوود يتألقون على السجادة الحمراء بالعرض العالمي الأول ل"مهمة مستحيلة"    مصطفى كامل يطرح أولى أغانى ألبومه بعنوان "قولولى مبروك"    كاتب أمريكي: تحركات ترامب الحالية إذا اتخذها بايدن كان سينظر له كبطل    جمعية رعاية مرضى الكبد عضو التحالف الوطني تنظم قافلة طبية مجانية بجامعة المنصورة    أول تعليق لوكيل صحة الشرقية عقب إجرائه خياطة جرح لطفل بمستشفي أبوحماد: الدكتور مكنش وتم معاقبته    حالات يحق للمرأة من خلالها إنهاء عقد العمل وفقا للقانون الجديد    علي زين يحتفل بالتتويج بالسوبر الأفريقي لليد ويؤكد: هدفنا تحقيق سداسية تاريخية    طريقة عمل المنسف الأردني بالخطوات الأصلية    أمين الفتوى: صلاة المرأة في المنزل خلف إمام المسجد في المنزل غير صحيحة شرعًا    بتوجيهات رئاسية.. استراتيجية تعليمية متطورة وجيل قادر على مواجهة التحديات    أهمها النوم جيدا.. نصائح طبية ليلة الامتحان لزيادة تركيز الطلاب بمختلف المراحل التعليمية    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة مطروح    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    هاري كين يُخلد أولى بطولاته في متحف بايرن ميونخ .. صور    مسئول أممي: منع وصول المساعدات إلى غزة «يُفضي إلى الموت»    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    «زراعة النواب» توافق علي موازنة «الطب البيطرى» للعام المالي الجديد    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    مصدر عسكري ليبي: سقوط 3 ضحايا على الأقل من المدنيين جراء الاشتباكات في طرابلس    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    إحالة مخالفات امتحانية بإحدى المدارس الفنية في دمياط للتحقيق    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    السبت ببيت السناري.. انطلاق أمسية شعرية في افتتاح فعاليات ملتقى «القاهرة .. أصوات متناغمة»    لاستقبال ضيوف الرحمن.. رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج (صور)    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    أدعية يستحب ترديدها وقت وقوع الزلازل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النساء يجنين حرقة القلب فى"أسوان"..أرامل وثكالى «الدابودية والهلايل» يروين أسرار المعركة.. «أم أحمد»: تخفينا بأكياس حفظ الموتى.. ووالدة أحد الضحايا: «ابنى رموه من الدور التالت بعد ما موتوه»


نقلاً عن العدد اليومى
◄◄ «سوما»: نقل الجثث على العربة «الكارو» أشعرنا بأننا فى حرب وقتلانا من الأعداء
◄◄آمال: الأهالى لجأوا لقسم الشرطة فرفضت التدخل والضباط طالبوا الشباب بأخذ حقهم بأياديهم
يجلسن فى صمت يستقبلن عزاءً فى عزيز باغتهم بموت لا يعرفن له سبباً، نساء صامتات تبكين أبناءً وأزواجا فقدوهن فى صراع قبلى أشعلته عبارات مسيئة، وأججه خلاف ثقافى وبطء أمنى.
هذا هو المشهد الذى سيقابلك إذا حاولت الحديث مع النساء من أمهات وزوجات المتوفين فى أحداث اشتباكات أسوان التى وقعت الأسبوع الماضى بين أهل قرية «دابود» النوبية و«الهلايل» بعد كتابة عبارات مسيئة على جدران أحد المدارس تسببت فى وقوع اشتباكات عنيفة وصل عدد المتوفين فيها ل 26 قتيلا وعشرات المصابين.
الفاجعة التى تلت أحداث أسوان لا تقتصر فقط على قتلى سقطوا من الجانبين ولكنها تركت فى نفوس ذويها «حرقة قلب» لأمهات وزوجات وأطفال فقدوا ذويهم، كما أنها تمثل ذكرى من الصعب أن يمحوها الزمن وحفرت فى قلوب أبناء الجنوب «دابود» النوبيين و«بنى هلال» الصعايدة شرخا ليس من السهل علاجه.
«اليوم السابع» قابلت أرامل وأمهات وأيتام الصراع القبلى فى مشهد يعبر بصورة مصغرة عن ضحايا لم يقترفوا ذنبا، دفعوا ثمن أمر ليس لهم دخل به.
فى بيت بسيط يتوسطه رجل مسن مريض، لا يدرك بحكم مرضه أنه فقد فلذة كبده، تجلس أرملة «عبدالظاهر» أحد المتوفين من أبناء «دابود» النوبية، والذى قتل برصاصة، بينما يتفقد محل الأدوات الصحية الذى يملكه.
لا تقتصر مظاهر الحزن بمنزل عبدالظاهر فاروق على نساء يبكين وآخرين يتلقون العزاء، لكنه يمتد إلى نجله الذى يجلس مطأطأ الرأس، ويجد صعوبة فى الحديث، وزوجته التى تلتزم الصمت.
منى حسان، زوجة «عبدالظاهر» قالت: مات زوجى يوم الأحد الماضى فى الاشتباكات، على الرغم من أنه لم يكن طرفًا فى المشكلة، لكنه سقط خلال محاولته إنقاذ المحل.
وتابعت قائلة: كنا نجلس فى منزلنا وقت الاشتباكات، وأخرجنى زوجى أنا وأبنائى من المنزل عندما زادت، ونقلنا لبيت أهلى خوفًا من تعرضنا لأذى، ثم اتجه للشباب محاولًا تهدئتهم ومنعهم من الشجار، وعندما أبلغوه بأن محله يحترق هرول إليه مسرعًا لإنقاذه، فإذا برصاصة تأتيه من أعلى وتستقر برأسه وتسقطه قتيلا.
تقول شقيقته: نتخوف من الاحتكاك بين أبنائه وأبناء «الهلايل» فى المدرسة حتى أننى طالبت المدرسين بالفصل بين الطرفين فى الفصول الدراسية، ومنع التلاميذ من الحديث عن وفياتهم.
ويقطع كلمات شقيقة «عبدالظاهر» صوت نحيب زوجة والده وهى تردد: «الحنين مات»، وتقول: كان الفقيد معروفًا بحنانه ومساعدته للجميع، فكان يساعد والده المريض ويساعدنى وأشقاءه الصغار، والآن تركنا جميعًا.
من منزل «عبدالظاهر» لمنزل آمال ونادية اللتين فقدتا أبناءهما، لم يختلف الأمر كثيرًا، فصوت القرآن الذى يصعب معه تمييز صوت آخر، وأصوات النحيب تقابلك بالمنزل بمجرد أن تدخله.
تقول «آمال» التى فقدت نجلها الطالب بالصف الثالث الثانوى: ابنى راح ضحية لضعف الأمن، ورفضه التدخل للفصل بين الطرفين، موضحة أنه بعد وقوع الحادث بيوم سقط ابن عم نجلها «ماهر» قتيلًا، وعندما ذهب «ماهر» إلى الشرطة ومعه مجموعة من الشباب يطالبونهم بالتدخل، رفضوا قائلين: اذهبوا واحصلوا على حقكم بأيديكم.
وتضيف «آمال» التى تعمل مدرسة بمدرسة محمود عثمان الابتدائية إنها لا تستطيع التدريس مرة أخرى فى المدرسة التى توجد بها أغلبية من «الهلايل»، موضحة أنه من الصعب عليها التعامل معهم، أو التدريس لهم بعد وفاة نجلها.
«آمال» التى بدت متماسكة أمام وفاة نجلها الشاب تريد أن تنهى الصراع خوفًا من سقوط ضحايا جدد من الطرفين، مطالبة الأمن بالقيام بدوره، ووقف هذا النوع من المجازر.
نادية حنفى محمود التى فقدت نجلها مصطفى حسين، الطالب بالمدرسة موقع الاشتباكات، وابن عم «ماهر»، قالت وهى تتذكر نجلها: «كان طيب وملوش فى المشاكل» مضيفة: ذهب نجلى لصلاة الجمعة، وأثناء خروجه من المسجد كان الطرفان قد بدأوا النزاع.
لم تكن تتخيل «أم أحمد» النوبية من عزبة «الشوشاب» أنها ستفقد نجلها، وتتخفى فى أكياس حفظ الموتى لتخرج من بيتها حية هى وبقية أبنائها. «أم أحمد» قالت: كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلًا عندما بدأ الشجار ليلة الجمعة، وبالمصادفة بات زوجى خارج المنزل، وكان نجلى نائمًا عندما زادت الاشتباكات، وسمعت صراخ ابنة أخ لزوجى، فأيقظت «أحمد» الذى هرول مسرعًا ووقف خلف الباب مع زوجة عمه لمنع «الهلايل» من اقتحام المنزل. فقاموا بإطلاق النيران عليه بشكل كبير، فسقط أحمد وزوجة عمه قتيلين.
واستكملت: فى هذا الوقت تسللت أنا وأختاه الصغيرتان إلى سطح المنزل، حيث اختبأت ب«عشة» تربية الدجاج، وظللت مختبئة 8 ساعات، خوفًا من أن يرانى أحد من «الهلايل»، وبعد اتصالات قام بها الجيران نجحوا فى إرسال عربة إسعاف أنزلتنا متخفين فى أكياس موتى خوفًا من الأذى.
بصوت مبحوح، ولسان مل من الحديث عن حادث صعب، استقبلتنا صباح فهمى، والدة الفقيد أحمد عبدالمجيد الدابودى، قائلة: توفى «أحمد» يوم الجمعة بعد صلاة الظهر أثناء الاشتباكات التى وقعت بين الجانبين، ومات بعدها مباشرة.
«أميرة»، يتيمة فقدت والدتها أمام عينيها وأخاها الصغير، وعن ذلك قالت: فقدت أمى أمام عينى وأخى الصغير ذا ال15 عامًا فى أثناء محاولة «الهلايل» اقتحام منزلنا، وإطلاق النيران علينا، ثم سرقوا كل ما فيه من ذهب وملابس وأجهزة ونقود وتركوه ورحلوا.
«أميرة» كانت واحدة ممن قام «الهلايل» بخطفها كرهينة فى أثناء الصراع، ثم أطلقوا سراحها.
فاجعة «الهلايل» فى زوجاتهم وأبنائهم لم تختلف عن «الدابودية»، ومن بينهم زينب درى، أرملة عبدالعزيز صلاح، الشاب الثلاثينى الذى سقط هو واثنان من إخوته فى أثناء اعتداء النوبيين على منزلهم بالسيل الريفى.
داخل منزل «عبدالعزيز» تجلس زوجته مع أبيه الذى لا يتوقف عن ترديد كلمة واحدة «حسبى الله ونعم الوكيل، وحق ابنى مش هيروح»، أما والدته فتكتفى بالصمت والبكاء، مرددة «هقول إيه.. التلاتة ماتوا».
وتقول «زينب»: لن أسامح من قتل زوجى ويتم أبنائى، فهم هجموا علينا كأننا فى حرب، وليس مجرد مشاجرة، وتعاملوا معنا بعنف غير مسبوق، وحرقوا منازلنا عن آخرها، وخرجنا منها هاربين بصعوبة.
وتضيف وهى تتذكر يوم قتل زوجها: كانت الساعة تقترب من الثالثة فجر يوم السبت، عندما سمعناهم يهجمون على منازلنا، وقتلوا زوجى وحرقوا جثته، واستطعت بصعوبة الهروب من المنزل مع أبنائى الذين شاهدوا أباهم يموت أمام أعينهم.
وفى منزل تخيم عليه أجواء الحزن، وتعلوه أصوات الصراخ، تجلس «سوما» المرأة العشرينية، أرملة علاء سيد الذى توفى وترك طفلين صغيرين، قائلة: «مفيش حاجة هتعوضنى عن دخلة جوزى عليا، وعلى عيالى»، ويقطع حديث «سوما» صوت والدة زوجها صارخة: «ابنى رموه من الدور التالت بعد ما موتوه، ده يرضى مين».
أصوات النحيب وملامح الغضب فى بيت زوجة «علاء» لا تتوقف، فالجميع لا يعترف بالصلح مع الطرف الآخر، ويطالب بالقصاص، ومعاقبة الجناة، وأولهم- كما يؤكدون- مدير أمن أسوان.
تعود «سوما» لحديثها ثانية، وهى تحتضن ابنها قائلة: «ابنى بيسألنى كل يوم بابا راح المظاهرات ليه، ومات هناك»، ولا أستطيع إخباره بأن والده مات مقتولًا، وتم التمثيل بجثته.
استخدام العربة «الكارو» فى نقل جثث «الهلايل» أمر لم تنسه «سوما»، وترى فيه إهانة كبيرة لأمواتهم، قائلة: نقل الجثث بهذه الصورة جعلنا نحس بأننا فى حرب وقتلانا من الأعداء، رفضوا فى المستشفى حفظهم فى الثلاجات، وقاموا برميهم على الأرض، وقام مجموعة من أهل الخير بدفنهم إكرامًا لهم.
«أميمة»، فتاة صغيرة شاءت الأقدار أن ترى أباها وأخاها يقتلان أمام عينيها فى ذكرى لن تستطع نسيانها.
«أميمة» قالت: كنا نائمين ليل يوم الجمعة، واستيقظنا فجأة على أصوات الصراخ من البيوت المجاورة، وإذا بهم يهجمون على منزلنا، ويأخذون أبى يقتلونه ويحرقونه ومعه أخى. وكانت «سيدة» بدورها تتلقى العزاء فى أبنائها وأشقائها عندما توجهنا لها، وبصعوبة بالغة فى الحديث، قالت: «اتنين من ولادى ماتوا وأخواتى، وولاد عمى خدوهم غدر وضربوهم ووضعوا جثثهم على عربة كارو».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.