خلال ساعات.. نتيجة تنسيق المرحلة الثانية للجامعات 2025 (الرابط الرسمي)    التعليم: كتاب رياضيات أولى ابتدائي خطوة غير مسبوقة في تاريخ التعاون مع اليابان    المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في النسخة الأولى من بطولة العلمين للجامعات    وزير الري يتابع تطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي وصيانة خزان أسوان وبواباته    انخفاض الأربو والروس، أسعار الكتاكيت والبط اليوم الإثنين في بورصة الدواجن    إطلاق دفعة من يرقات الجمبري في بحيرة قارون لإعادة تأهيلها    انخفاض عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025 (الجرام يبدأ من3067)    البورصة تتلون بالأحمر في مستهل تعاملات الإثنين    كامل الوزير يستقبل السفير الياباني بالقاهرة لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات المشتركة    رئيس الوزراء يتابع جهود توفير التغذية الكهربائية لمشروعات التنمية الزراعية بالدلتا الجديدة    مصر ترحب بإعلان أستراليا اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    حاكم مقاطعة نيجني نوفجورود الروسية يؤكد مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في هجوم أوكراني بطائرات مسيرة    فيريرا يحسم موقف عمرو ناصر من لقاء المقاولون    بالأسماء.. 3 تغييرات في تشكيل الأهلي أمام فاركو (تفاصيل)    حالة الطقس اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025.. موجة شديدة الحرارة والعظمى تصل ل45    إحالة 5 عاطلين بتهمة سرقة الشقق السكنية والمحلات بالقاهرة للمحاكمة    الصور الأولى لحريق نشب بسيارة ملاكي في نفق السلام (صور)    «الداخلية»: ضبط متهم بتهمة انتحال صفة صاحب شركة للنصب على مواطن بالقاهرة    «الشهيد محمد مبروك والعبور إلى المستقبل».. موضوعات مادة اللغة العربية بالصف الثاني الإعدادي 2025- 2026    ضبط 144 ألف مخالفة مرورية و176 حالة تعاطي مخدرات بين السائقين    معرض دولي للكاريكاتير يحتفي بالنيل في عيده    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    ضمن دوري المكتبات.. لقاءات عن سيناء بقصر ثقافة الغربية    وزير الصحة يستقبل مستشار الرئيس الكولومبي لبحث تقديم المساعدات الطبية للفلسطينيين    تقديم مليون 975 ألف خدمة طبية ضمن حملة «100 يوم صحة» بالشرقية    الدفاع الجوي الروسي يُسقط 5 طائرات مسيرة أوكرانية فوق موسكو    الأمم المتحدة: خطة إسرائيل بشأن غزة "فصل مروع" من الصراع    المالية: دعم جهود تمكين القطاع الخاص المصري مع والتوسع بالأسواق الأفريقية    تحرير 950 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    11 أغسطس 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    تعرف على مباريات اليوم في الدور الرئيسي ببطولة العالم تحت 19 عامًا    محافظ المنيا: المعلم سيظل رمزًا للعطاء وصانعًا للأجيال    السياحة والآثار: وادي الملوك بالأقصر آمن والمقابر لم تتأثر بالحريق    محمد شاهين: ظهرت في كليب إيهاب توفيق وطفولتي كانت مع جدتي    مؤتمر صحفي لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.. الثلاثاء    إعلام إسرائيلي: الجيش سيعرض خلال أسبوعين خطة شاملة لاحتلال غزة    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    من التشخيص للعلاج .. خطوات لمواجهة سرطان المبيض    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    أحرج " يويفا "بتعليقه علي استشهاد سليمان العبيد. .. محمد صلاح صوت فلسطين فى ملاعب أوروبا    انطلاق فعاليات مبادرة "أنا أيضا مسئول" بجامعة جنوب الوادى    شيري عادل تخطف الأضواء وتعتلي منصة التكريم في مهرجان إبداع بحضور وزير الشباب والرياضة وكبار المحافظين    د.حماد عبدالله يكتب: "الفن" والحركة السياسية !!    التيك توكر "داني تاتو" أمام النيابة: مهنة رسم التاتو عالمية ولم أجبر أي سيدة على الظهور معي    تعرَّف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 11 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    بعد قرار جون إدوارد.. عبدالله السعيد يتدخل لحل أزمة نجم الزمالك (تفاصيل)    إجمالى إيرادات الفيلم فى 11 ليلة.. تصدر شباك التذاكرب«28» مليون جنيه    فلسطين تطالب بتحرك عربى فعّال لمواجهة جرائم الاحتلال    جمال العدل: الزمالك هو الحياة.. ولا نية للترشح في الانتخابات المقبلة    نجم الزمالك السابق لمصراوي: الفريق قدم مباراة جيدة أمام سيراميكا.. ومن الصعب الحكم على الصفقات الجديدة الآن    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    يحسن وظائف الكبد ويخفض الكوليسترول بالدم، فوائد عصير الدوم    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجدد القتال فى فتنة الجنوب.. ومخاوف من مذبحة جديدة
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 04 - 2014

فريق «الشروق» فى أسوان: حمادة بعزق وأحمد البردينى
اشتعلت فتنة أسوان مرة أخرى بعد تجدد الاشتباكات بين قبيلتى بنى هلال والدابودية النوبية، أمس، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة آخرين، وسط مخاوف من تكرار المذبحة الأولى فيما طالب رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب من وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بتقديم تقرير عاجل عن أسباب تجدد الاشتباكات.
وقال مدير مستشفى أسوان الجامعى الدكتور مصطفى حجازى، إن الاشتباكات التى تجددت ظهر أمس، أسفرت عن مقتل وإصابة 4 أشخاص بطلقات نارية، وإنه يجرى علاج المصابين، من دون أن يحدد مدى خطورة إصابتهم.
وانتهت نيابة أسوان برئاسة أحمد قناوى، أمس من معاينة جثث قتلى المذبحة التى وقعت، أمس الأول، تبين أن 4 جثث مصابة بطلقات نارية، و4 بحروق، و14 بحالات ذبح وطعن، فيما لم يتم العثور على الجثة رقم 23.
كما انتهى الطب الشرعى من تشريح 7 جثث فى مشرحة أسوان العمومية، أمس، ومن المنتظر أن يتم استكمال باقى الجثث اليوم، تمهيدا لإصدار قرار النيابة بدفن الجثث.
وأكد مصدر طبى مسئول أن هناك جثتان متفحمتان فى منطقة سوق القش بالقرب من مدخل منطقة خور عواضة شرق أسوان، ولم ينقلا حتى الآن بسبب عدم وجود قوات من الشرطة لتأمين عملية النقل.
وفى السياق ذاته، طلب رئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، تقريرا عاجلا ومفصلا من وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، لمعرفة الأسباب التى أدت إلى عودة الاشتباكات بين الهلايلة والدابودية، أمس، بعد استقرار الأوضاع ليلة أمس الأول.
وكان رئيس الوزراء قد سافر أمس الأول بصحبة وزيرى الداخلية والتنمية المحلية إلى أسوان، واجتمع بكبار رجال القبيلتين، وتعهد بإنهاء الحالة الثأرية.
وقالت مصادر مسئولة ل«الشروق» إن رئيس الوزراء تلقى العديد من الاستغاثات من القيادات التنفيذية والشعبية بأسوان بتجدد الاشتباكات أمس، وأن التقارير المبدئية التى تلقاها تشير إلى انسحاب مفاجئ، للأمن من دون ترتيب مع رئيس الوزراء، بعد تطبيق قرار حظر التجول، الذى أدى إلى الهدوء خلال الليل، لكن الانسحاب المفاجئ للشرطة، فى ظل تخوف كل قبيلة من عدم السيطرة على شبابها، أدى لنشوب معركة جديدة.
وقالت المصادر إن كبار العقلاء فى القبيلتين وجهوا انتقادات حادة للحكومة بسبب مغادرة رئيس الوزراء ووزيرى الداخلية والتنمية المحلية لأسوان، دون وضع آليات مستمرة للسيطرة على الأوضاع.
أبناء «الدابودية» و«الهلايل» وجهًا لوجه
فى الصعيد تبدأ الفتنة والأحداث الكبار، بخلاف عادى لا يتوقع أحد أن يصل إلى مذبحة، إلا بعدما تسيل الدماء ويسقط القتلى والجرحى، وفى أسوان انفجر الوضع بطريقة مشابهة، خلاف بين شابين ينتهى بمذبحة بين قبيلتى بنى هلال والدابودية.. القبلية والعصبية فى أى مكان فى الصعيد، وعندما تشتعل فتنتها لا تفرق بين الأرض الطيبة والأرض غير الطيبة.
«الشروق» تسأل أبناء العائلتين عن المذبحة التى راح ضحيتها 23 قتيلا وأصيب 32 آخرون.
فى البداية قال محمد عبدالله من أبناء النوبة، وأحد شهود العيان، إن المشكلة كانت بسيطة ومحدودة، وقعت أحداثها فى المدرسة الفنية الميكانيكية نظام الخمس سنوات، عندما وجد طلاب القبيلتين كتابات مسيئة على جدران المدرسة، بسبب المواقف السياسية للقبيلتين.
وأضاف عبدالله أن الطرفين تبادلا الاتهامات بسبب تلك الكتابات، وتطور الأمر إلى اشتباكات داخل المدرسة، وتدخل الأمن، الذى تمكن من السيطرة على الموقف، بمساعدة العقلاء من الجانبين، وانتهى الأمر على ذلك وتم توزيع بيان على الجميع، وطلب كبار القبيلتين من الأمن التواجد فى المنطقة لاحتواء أى أحداث قد تستجد، لكن الأمن تجاهل مطلبهم.
وأشار عبدالله إلى أن أحد أبناء قبيلة الدابودية، أثناء توجهه لشراء مستلزمات منزله، بعد صلاة الجمعة الماضية، اعترضه 3 من أبناء قبيلة بنى هلال، ووجهوا له الاتهامات بالإساءة لهم، ورغم أنه أكد لهم أنه لم يفعل إلا أن الثلاثة اعتدوا عليه بالضرب المبرح، الذى نقل على أثره إلى مستشفى أسوان الجامعى.
وأضاف عبدالله أن والد المصاب توجه لعتاب أبناء قبيلة بنى هلال، إلا أنهم اعتدوا عليه بالضرب أيضا، ما أثار غضب شباب الدابودية، الذين تجمعوا وتوجهوا إلى منطقة بنى هلال لمعاتبتهم على تصرفهم. وعند وصولهم فوجئوا بوابل من الرصاص، حيث تم قتل سيدة كانت تقف فى شرفة منزلها، وطفل وشاب وهم من أبناء الدابودية.
وأكد عبدالله أن العقلاء تدخلوا وتمكنوا من السيطرة على الموقف، حيث قام أبناء الدابودية باستلام جثث الثلاثة، وأثناء الدفن وصلتهم أنباء عن مقتل شاب منهم على يد بنى هلال، وهو ما دفعهم إلى تجميع أنفسهم وسلاحهم، ووقعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، وذلك فى ظل غياب التواجد الأمنى، الذى اكتفى بموقف المتفرج رغم استغاثة الأهالى.
وأشار إلى أن هناك عددا من أبناء الدابودية، يسكنون بمنطقة خور عواضة، التى يعيش بها أبناء الهلايل، حيث قاموا بقتل السيدات والأطفال وحرق المنازل، وأيضا فى ظل غياب التواجد الأمنى.
وأوضح أن قبيلة بنى هلال لديها خصومة ثأرية مع عدد كبير من قبائل أسوان، كانت آخرها خصومة مع قبيلة أبو مناع، بعد مقتل شخص منها على يد هلالى.
من جهته قال عادل محمود من أبناء قبيلة بنى هلال، إن أكثر شىء أحزننا وأحزن الجميع هو «التمثيل بجثث أبنائنا»، بعد وقوع الاشتباكات الدموية.
وأكد أن تقاعس الأمن عن الاستجابة لمطلب الأهالى، باحتواء الموقف منذ اندلاعه بين طلاب المدرسة بسبب الكتابات المسيئة، وراء تفاقم المشكلة، ووصولها إلى المذبحة، مضيفا: طالبنا مرارا وتكرارا بتدخل الأمن، الذى تجاهل الاستجابة بتوفير قوة أمنية لتأمين المنطقة، ما ترتب عليه وصول الأمر إلى المذبحة.
وأشار إلى أن «هناك أمورا نجهلها ويجهلها الأمن نفسه، وقعت خلال الاشتباكات، ورغم ذلك فإن هناك مساعى للصلح بين القبيلتين بعد تدخل الدولة وزيارة رئيس الوزراء، ووزيرى الداخلية والتنمية المحلية، موضحا أننا أبناء محافظة واحدة ونعيش معا على الخير والشر، لأن الفتنة دائما تأكل الأخضر واليابس.
تصوير: صبرى خالد
سواتر بشرية على أبواب «حدود» لحماية النوبيين خلال الاشتباكات
على مسافة أمتار قليلة من منطقة السيل الريفى، شرق مدينة أسوان، التى تشهد اشتباكات دامية بين الهلايل والدابودية، على مدار الأيام الماضية، تجمع النوبيون من أبناء الدابودية، رجالا وأطفالا ونساء، فى مركز حدود النوبى، يحرسهم من الجهة اليمنى للمركز أبراج الحمام التى استقلها أفراد منهم، بالإضافة لسواتر بشرية، ومن جهة اليسار وقفت اللجان الشعبية لاستيقاف المارة، والتحقق من هوياتهم، تحسبا لاندساس غرباء.
وفى الحديقة الوسطى الخاصة بالمركز، الذى اتشح رواده من العرب والنوبيين بالسواد، خيم الحزن والوجوم على وجوه كبار العائلات، الذين تجمعوا استعدادا لخروج جثامين 4 قتلى فى الأحداث من المشرحة، وسط حذر شديد من هجمات غادرة على الجنازة، ووقف الشباب حائرين ومترقبين لرصد ما يدور على أرض النادى.
وعلى حصيرة داخل المركز، جلس محمد موسى، 74 عاما، الذى ينتمى إلى «الدابودية»، متحسرا على حاله بعد مقتل ابن شقيقته، وإشعال النار فى زوجته وابنته أمام منزله، وقال «الشباب الجديد حطم قيم وأخلاقيات الأجيال القديمة»، فى إشارة إلى الجيرة التى جمعت النوبيين مع الهلايل منذ قدومهم إلى أسوان فى ستينيات القرن الماضى، مؤكدا «هذه أرض أجدادنا قبل أبنائنا، وما يحدث حاليا يضر العلاقات القديمة التى بناها الرعيل الأول من النوبيين، الذين أقاموا هنا بعد بناء السد العالى».
وأضاف بأسى «ابن شقيقتى أدريس كان مستهدفا، والهلايل تعمدوا إحراق زوجته وابنته، بعد خلافات قديمة، لكونه كان يعيش وسطهم طيلة الفترة الأخيرة، بعكس غيره من أبناء النوبة، الذين يستقلون بأنفسهم فى السيل الريفى».
وبجانب مسجد بلال بن رباح، التابع للمركز النوبى، وقف عز الدين صبرى، أحد كبار رجال العائلات النوبية فى المنطقة، وقال ل«الشروق»، إن «منطقة الحدود تأسست فى عام 1904، قبل استيلاء شركة كيما أسوان على الأرض، وقبل أن يأتى لنا الهلايل من جنوب الصعيد، بعدما كانوا أقليات محدودة»، مضيفا «التعاون الزراعى خلق مساحة للاتحاد بين النوبيين والهلايل، لكن فى السنوات الأخيرة ظهرت مشاكل الجيرة على السطح، ورغم ذلك لم تصل إلى الخلاف الدامى».
وفى محاولة لتهدئة الشباب النوبى الغاضب، قال علاء عبدالعزيز، إن «الثأر ظاهرة مستحدثة على النوبة، ودائما كانت الخلافات تنتهى بجلسات الصلح، وتدخل عقلاء القبائل، ولا نعلم من أين جاء كل هذا السلاح؟»، وأضاف «نريد أن نعرف أين الدولة؟، فالنوبيون لا يعرفون معنى العنف وحمل السلاح، ورغم ذلك انسحبت الحكومة مع سقوط القتلى، وإلى متى تنتظر الدولة حتى تتدخل لحل الأزمة».
وعند تجول «الشروق» فى منطقة السيل الريفى، كانت مظاهر الصراع السياسى المسجلة على الحوائط لافتة للنظر، ما بين تأييد الهلايل للرئيس المعزول محمد محمد مرسى، ومشاركتهم فى مسيرات الإخوان لحمايتها، وبين تأييد أبناء الدابودية للجيش والشرطة فى مواجهة الإخوان، ليتحول الصراع بينهما إلى خلافات أعمق بين الجانبين، ويقول أحد النوبيين «نحن ندعم الدولة مهما اختلف شخص الحاكم»، معربا عن استغرابه من دعم الهلايل ل«الإخوان»، رغم اسخدام الشرطة لهم فى قمع المظاهرات، على حد قوله.
تصوير: صبرى خالد
«الشروق» ترصد روايات الأهالى عن حرب القبائل فى أسوان
«معظم النار من مستصغر الشرر».. تجسد هذه المقولة أسباب المذبحة القبلية التى راح ضحيتها 23 قتيلا من أبناء قبلتى الهلايل ودابود النوبية، بالسيل الريفى فى أسوان، بعد تكشف الحقائق المحيطة بالاقتتال الأهلى الذى وقع فى الجنوب المصرى، الجمعة الماضى، إثر تبادل عبارات مسيئة بين شباب القبيلتين أمام إحدى مدارس المرحلة الثانوية بالمنطقة.
الروايات المتداولة عن الحادث، فور وقوعه، تشير بأصابع الاتهام إلى «أيادٍ خفية»، غير معلوم هويتها لأبناء البلد حتى الآن، تسببت فى وقوع الاشتباكات بين أبناء القبيلتين، وهو ما اتفق عليه الشارع الأسوانى خلال جولاتنا فى المدينة عقب الهدوء الهش وفرض قوات الأمن مدعومة بالجيش كردونا أمنيا للفصل بين الطرفين.
فى شارع كلية التربية الرياضية، تقع مدرسة محمد صالح حرب الثانوية الصناعية الميكانيكية، التى فجرت الفتنة بين الطرفين، حيث أغلقت المدرسة أبوابها أمام الطلاب واكتفت باستقبال المعلمين، تنفيذا لقرار وكيل التربية والتعليم بأسوان بأغلاق المدارس المحيطة بالاشتباكات لمدة يومين، خوفا من تجدد الاشتباكات.
المدرسة بدا عليها آثار الحطام بعد اقتحامها من قبل عناصر مسلحة من أبناء قبيلة الهلايل، بحسب ما أدلى به شهود عيان ومسئولون بالمدرسة، والذين قالوا إن سبب الاشتباكات يعود إلى مشاجرة صبيانية تطورت إلى اشتباكات عنيفة دارت رحاها فى محيط المدرسة، وتصاعدت حدتها باقتحامها وتكسير أبوابها وتحطيم واجهتها.
«عبارات مسيئة للقبيلتين كتبت بخط لشخص واحد، لم يستدل على أوصافه حتى الآن»، العبارة قالها جميع ممن كانوا بالمدرسة، فقد كتب أحدهم عبارات بها سباب للسيدات، مؤكدين أن الطلبة ليسوا من جماعة الإخوان كما أدعى البعض، ويقول مختار فتحى، مدير المدرسة، إن «الذين اقتحموا المدرسة بالسنج والأسلحة ليسوا من طلبة المدرسة، وهو ما أكدته جميع الروايات».
مدير الإدارة التعليمة بأسوان، محمد عبده، قال إن المؤشرات الأولية تؤكد أن سبب المشاجرة معاكسة إحدى الفتيات، وتطور الأمر بعده لسباب كتب على الحوائط، ما أغضب الطرفين ونشبت على إثرها الاشتباكات المسلحة أودت بحياة شابين وسيدة من النوبيين، مشيرا إلى أن الإدارة أرجأت الدراسة ليومين فى 24 مدرسة إلى أن يعود الأمن للمنطقة».
الروايات المتشابهة حول بداية المشاجرة بسبب تدوين عبارات مسيئة على جدران مدرسة صالح حرب، يؤكدها صاحب المحل المُطل على المدرسة، الذى أشار إلى أن تباطؤ الشرطة ادى إلى استمرار الاشتباكات دون محاولة جادة لحقن دماء القبيلتين، نافيا أن يكون الخلاف بينهما سياسيا أو أن سببه عبارات تؤيد الجيش وأخرى ترفضه.
تفاصيل 5 ساعات من زيارة محلب لاحتواء فتنة أسوان
فى زيارة طارئة استمرت 5 ساعات بهدف احتواء الفتنة التى ضربت أسوان، اجتمع رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب، أمس الأول، برموز قبيلتى «دابود» النوبية، وبنى هلال، واستمع إلى مطالبهم بعد الاشتباكات التى خلفت نحو 23 قتيلا.
وقرر رئيس الوزراء تشكيل لجنة تقصى حقائق عاجلة للوقوف على أسباب الفتنة التى اندلعت بين القبيلتين، إضافة إلى حصر التلفيات، والتعرف على المتسببين فى إشعال الفتنة والقبض على الجناة.
وشارك فى الاجتماعات التى عقدت بديوان المحافظة، وحضرها وزيرا الداخلية اللواء محمد ابراهيم والتنمية المحلية اللواء عادل لبيب واللواء مصطفى يسرى محافظ أسوان، العواقل والأجاويد من رموز القبائل العربية للمشاركة فى عمليات المصالحة.
وطالب أبناء قبيلة الدابودية فى لقاء منفرد برئيس الوزراء بفرض حظر التجول بمنطقة السيل الريفى، التى شهدت الاشتباكات، ومحاسبة رجال الأمن المتورطين فى الاشتباكات إلى جانب تكثيف الأمن بالمنطقة.
فيما طالب أبناء بنى هلال بأن تنصف التحقيقات كل ذى حق، مؤكدين أن محاسبة رجال الأمن فى الأزمة أمر لا يعنيهم.
بينما طالب قيادات القبائل الأسوانية رئيس الوزراء بفرض السيطرة الأمنية ومواجهة أوكار المخدرات وتجارة السلاح، مع العمل على تطهير مدن وقرى المحافظة من جميع أنواع الأسلحة التى بحوزة بعض العائلات، لبسط الأمن والاستقرار والسلام المجتمعى، مؤكدين أهمية دعم الحكومة لجهود التنمية الحقيقية على أرض المحافظة من خلال إزالة العشوائيات والقضاء على البطالة سواء بطرح الأراضى على الشباب لزراعتها، أو ضخ المزيد من الاستثمارات لتوفير فرص عمل حقيقية لأبناء المحافظة.
وزار محلب منطقة السيل الريفى للتأكد من تكثيف الأمن عبر تشكيلات القوات المسلحة والشرطة، وقبل مغادرته المنطقة فوجئ بعدد من الشباب وقد نظموا وقفة فى منطقة خور عواضة احتجاجا على الأحداث.
وأكد محلب أن تحركه الفورى إلى أسوان بصحبة وزيرى الداخلية والتنمية المحلية جاء لإخماد نار الفتنة وحقن الدماء، «بعد استدراج الشباب من القبيلتين لهذا المخطط الخبيث» وبهدف استرجاع الود والتكاتف والتعاون بين قبائل وفئات المجتمع، لتعود أسوان واحة للأمن والأمان كما كانت، مشيرا إلى أن أهل أسوان يتسمون بالأخلاق الرفيعة وبشاشة الوجوه وحسن التعامل وتحدى الصعاب، ووصفهم بأنهم مثل «جبال الجرانيت التى يمتاز بها هذا الإقليم الذى يعتبر مصدر النماء لمصر كلها، وأحد المقاصد السياحية المهمة على خريطة السياحة الدولية».
من جانبه، قرر محافظ أسوان تعليق الدراسة لمدة يومين ب25 مدرسة ومعهد أزهرى تقع فى محيط الأحداث والمناوشات بين القبيلتين، مشيرا إلى أن ذلك هذا الإجراء الاحترازى يهدف إلى الحفاظ على أرواح وسلامة الطلاب والعاملين بالمدارس والمعاهد، ومنع حدوث أى مناوشات أو احتكاكات بين الطرفين مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.