كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب    فيضانات مدمّرة تجتاح ألاسكا وحاكمها يطالب ترامب بإعلان حالة كوارث كبرى (صور)    ياسين منصور: سيد عبد الحفيظ رجل المرحلة وابتعدت أيام حسن حمدي لأنهم اعتبروني "شوال فلوس"    فالنسيا يتعادل مع ألافيس سلبيا في الدوري الإسباني    ديربي لندن، وست هام يسقط بثنائة أمام برينتفرود في صراع البقاء بالدوري الإنجليزي    قرار عاجل ضد المتورطين في قضية شيكات المطربة بوسي    أول تحرك من أوقاف الإسكندرية في محاولة سرقة مكتب بريد عبر حفر نفق من داخل مسجد    هل تفكر هنا الزاهد في تكرار تجربة الزواج مرة أخرى؟ الفنانة ترد    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    قائمة بيراميدز في مواجهة فاركو بالدوري    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    النواب البحريني: نتطلع لتهيئة مسار سلام يعيد الحقوق المشروعة لشعب فلسطين    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    مصطفى الشهدى حكما لمباراة الأهلى والاتحاد.. ووفا للمصرى وسموحة    الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. حماس: ملتزمون بوقف إطلاق النار والاحتلال لديه ثوابت لاختراق الاتفاق.. ترامب يهدد بفرض رسوم على الصين تصل ل175%.. جهود لإنقاذ ناقلة نفط تشتعل بها النيران في خليج عدن    أخبار 24 ساعة.. صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    إرسال عينات الدم المعثور عليها فى مسرح جريمة تلميذ الإسماعيلية للطب الشرعى    على طريقة فيلم لصوص لكن ظرفاء.. حفروا نفقا داخل مسجد لسرقة مكتب بريد "فيديو"    وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة    بسمة داوود تكشف لتليفزيون اليوم السابع سبب توترها على الريدكاربت بالجونة    الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل    بالصور.. وزير الثقافة يقدم واجب العزاء في والدة أمير عيد    متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    تحالف مصرفي يمنح تمويل إسلامي بقيمة 5.2 مليار جنيه لشركة إنرشيا    توم براك يحذر لبنان من احتمال مهاجمة إسرائيل إذا لم ينزع سلاح حزب الله    أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة    ترامب: الولايات المتحدة تمتلك أسلحة متطورة لا يعلم الآخرون بوجودها    فى عيدها ال 58.. اللواء بحرى أ.ح. محمود عادل فوزى قائد القوات البحرية :العقيدة القتالية المصرية.. سر تفوق مقاتلينا    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    الخطيب يهنئ «رجال يد الأهلي» ببطولة إفريقيا    أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    متحدث الحكومة: سنبحث تعميم الإجازة يوم افتتاح المتحف الكبير    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    على الطريقة الأجنبية.. جددي من طريقة عمل شوربة العدس (مكون إضافي سيغير الطعم)    نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    ضربه من الخلف وقطّعه 7 ساعات.. اعترافات المتهم بقتل زميله وتقطيعه بمنشار في الإسماعيلية    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



48 ساعة قضتها «الصباح » وسط الدماء والنيران بأسوان شهادة نوبية: قتلنا 15 هلاليا فى السروقبيلتهم أخفت جثثهم خوفا من العار
نشر في الصباح يوم 14 - 04 - 2014

- عائلات أسوانية تبدأ رحلة «هروب جماعى» إلى القاهرة والإسكندرية للقفز من سفينة الموت فى الجنوب
الظلام ينسج خيوطه على أسوان، يُعبر عن حالة غطت فيها البلاد فى الأيام الأخيرة، الشوارع خالية إلا من سيارات الشرطة ومدرعات الجيش، والأجواء معبقة برياح باردة تأتى من قرية الأحزان، مشاهد كانت الأخيرة فى وداعنا للمدينة، بعد 48 ساعة قضتها «الصباح» فى الجنوب الهادئ.. أو هكذا كان قبل أن يشتعل فتيل الفتنة بين قبيلتى «بنى هلال» و«الدابودية» فى قرية «السيل الريفى» بمحافظة أسوان.

خلال هذين اليومين رأينا الخطر المحدق، والشر الكامن فى القلوب، والنيران المندلعة تحت رماد زائف، بما يوحى أن معركة ما آتية لا محالة.. القطار وسيلة المغادرة من تلك التفاصيل كان معبأ عن آخره بالوجوه السمراء، «أول مرة أشوف عددا كبيرا جدا من النوبيين مغادرين أسوان»، جملة خرجت من «الكمسرى» مُعبرة عن أمر ما ظهر جليا على ملامحهم الحزينة، والأمهات اللاتى حملن أطفالهن فى أحضانهن، يظهر عليهن الخوف من مصير بات مجهولاً.
«أنا باهرب بأولادى من الجحيم». قالتها «أم باسم» السيدة النوبية الأربعينة إحدى قاطنات السيل الريفي- أرض المعركة- تشى بأن الصلح بين قبيلتى «الدابودية» و«الهلايل» لن يدوم وأن ثمة قلوب تستعر بالكراهية والغضب، قد تطفح حربا جديدة تأكل الأخضر واليابس على حد قولها.
تلك كانت النهاية.. أما البداية التى ظهرت فى جميع وسائل الإعلام من مقتل 26 شخصا وإصابة العشرات ليست هى الحقيقة الوحيدة ولا الكاملة، فثمة تفاصيل أخرى مهمة وحيوية وخطيرة حصلنا عليها خلال مغامراتنا فى أرض الغضب والدم، لا يمكن أبدًا أن تظل حبيسة الجنوب أو ممنوعة من العرض.. فالحقيقة لا يمكن أبدًا حجبها عن القراء.. ومن أجلها كانت الرحلة الطويلة الخطيرة.
المشهد الأول: منذ أن وطئت أقدامنا مدينة أسوان حيث كنا على موعد مع بعض الأشخاص المنتمين للقبيلتين المتناحرتين، لكن انقطاع الشبكات الثلاث للهاتف المحمول والإنترنت لمدة 3 ساعات بسبب تواجد النائب العام المستشار هشام بركات فى منطقة الأحداث بالسيل الريفى، جعلنا نفقد الرؤية واستحالة لقاء المصادر.. زملاء المهن من الصحفيين المكلفين من صحفهم بتغطية الأحداث يغادرون المنطقة بسبب اشتعال الأمور واحتمالية تجدد الاشتباكات وسوء خدمة الاتصالات، فى الوقت ذاته الذى بدأ دخولنا دون تردد إلى أرض المعركة.
المشهد الثاني: كانت البداية بلقائنا مع النوبيين من أبناء قبيلة «الدابودية» الذين رفضوا الحديث إلا بعد محاولات مضنية، حيث رفضوا العزاء وظلوا يتواجدون بقرية «الحدود» المجاورة لمنطقة السيل الريفى حيث كانت الأحداث الدامية، حيث التقينا بالحاج سمير فارس أحد كبار «الدابودية»، مؤكدًا أن «دابود» ليست قبيلة ولكنها بلدة أسوانية قديمة، كان فيها أكثر من قبيلة، وتهجرت بشكل جزئى لشرق مدينة أسوان، بسبب تعلية خزان أسوان، قبل ما تهجر بشكل كامل من مكانها فى جنوب أسوان، مع بناء السد العالى، إلى قرية فى الشمال، موضحًا أنهم أكبر وأعرق القبائل منذ نشأت أسوان ومعهم قبائل أخرى مثل الجعافرة والأسوانية، أما الهلايل فليسوا من أسوان ونازحين من محافظات مجاورة وتقبلناهم رغم عنفهم وخلافاتهم مع كثير من القبائل لأنهم شرسين بطباعهم لكن هذا لا يمنع أن منهم عقلاء وحكماء، ويروى بداية المجزرة ل«الصباح»: «هناك طرف غير معروف حتى الآن قام بكتابة عبارات مسيئة لنا ولهم بنفس الخط والبنط واللون، وذلك على جدران مدرسة محمد صالح الثانوية الصناعية، وبعد مشاجرات نشبت بين الطلاب وبعضهم تدخل - الطرف غير المعروف حتى الآن- لتأجيج الموقف وقام بفتح بوابة المدرسة ليخرج التلاميذ وتتأزم الأمور وتبادوا إلقاء الحجارة على بعضهم لكن الحكماء من القبيلتين تدخول واحتووا الموقف يوم الأربعاء قبل الماضى، وتم إغلاق المدرسة، وصبيحة يوم الجمعة اعتدى أبناء الهلايلة على 3 من أبناء دابود وقتلوهم بالإضافة إلى سيدة دابودية حامل ذهبت للبحث عن ابنها فتم قتلها والتمثيل بجثتها وبدماء أحد الشباب التى وضعه على حوائط مكان الحادث، ثم تدخلت الجهات الأمنية وطلبت منا دفن الجثث، وخلال الدفن انهالوا علينا بالنيران، وتحول الأمر إلى معركة حربية وخرجت الشرطة تهرول وتركتنا نقطع بعضنا، والإسعاف رفضت الدخول لحمل الجثث فاستخدمنا العربة الكارو.
ويضيف الحاج سمير: فوجئنا بمنطقة «السيل البحرى» الذى يقطنها الهلايل ومعهم ما يقرب من 20 أسرة نوبية دابودية وقاموا بحرق تلك المنازل وسرقة ما بها وذبح ساكنيها، وبعد ذلك تدخل الجيش والمحافظ والقبائل العربية وتم الإتفاق على هدنه لمدة 3 أيام.
طه هلال، رجل خمسينى ينتمى لأبناء دابود، يعمل مديرًا لإحدى مدارس السيل الريفي، فقد 4 من ذويه هم نجله أحمد، وعبد الله ابن أخيه، وزوجة أخيه ووالدتها المسنة، يروى كيف تم قتل ابنه أمام عينه دون أن يفعل شيئا: «كنت أشارك فى دفن أحد أبناء العائلة المقتولين وعندما عدت حدثتنى زوجتى فى التليفون من منزلنا الموجود بمنطقة (خور عويضة) تستغيث من اقتحام الهلايل لهم وكان معها ولدان وبنت، وفى الشقة التى تليها تسكن زوجة أخى ومعها والدتها وابنها وابنتها، فذهبت لأغيثهم لكنى وجدت الطريق إلى منزلى تحت سيطرة الهلايل الحاملين للأسلحة الآلية والرشاشات، فحاولت الاستغاثة بالشرطة ولم أجد ردا، وفوجئت بزوجتى تحدثنى تليفونيًا وتؤكد أن ابنى أحمد مات، فطلبت زوجة أجى تليفونيًا فوجدتها الأخرى تستغيث قائلة (أنت راجل تضرب مرة) وبعد ساعتين ذهبت لهناك فوجدت العمارة محروقة بشكل كامل وسيارات المطافى لا تستطيع الدخول للمنطقة حيث منعنا بنى هلال، ووجدت جثث زوجة أخى ووالدتها وابنها الطفل الذى لا يتعدى عمره 12 عامًا مقتولين ومتفحمة جثثهم، فى حين قامت زوجتى وبنتى وولدى الآخر تخفوا فى عشش السطوح واستطاعوا الهرب، كما أن الهلايلة خطفوا بنت أخى التى تدعى أميرة ذات العشرين عاماً».
طه يؤكد أنه لا يعرف السبب الذى جعلهم يقتلون ابنه وذويه بتلك الطريقة البشعة قائلا: «بأى قلب وبأى قانون ومنطق يقتلون نساءنا وأطفالنا»، مضيفًا: «مستنى القانون يجيب لي حقى علشان الغل اللى فى قلبى يخف»، باكيًا على نجله أحمد الذى كان مجندًا بالقوات المسلحة بسلاح المهندسين فى سيناء الذى وصفه بالطيب، لكنه جذم بأنه إن لم يتم القبض على الجانى فستقوم نار تأكل الأخضر واليابس- على حد وصفه.
يتدخل أحمد الكنزى، أحد أبناء دابود الذى ترك بيته ضمن مجموعة كبيرة من أقاربه بمنطقة «خور عواضه» بعدما تم حرقها وقتل من فيها، قائلا: «جينا عند ولاد عمنا نحتمى فيهم، ومستنيين نرجع بيوتنا لما نشوف الحكومة هتعمل أيه؟! مبررًا قتلهم لما يقرب من 16 هلاليا بأنه دفاع عن الشرف، لأن المجتمع الأسوانى كان ينعتنا بالجنباء والخائفين من الهلايل، كما يوضح أن معظم الهلايلة تجار مخدرات وسلاح وبلطجية ويقوم بحمايتهم ضابط بمكافحة المخدرات فى أسوان حيث أنه قريب لهم، موضحًا أنهم يفرشون المخدرات فى الشوارع أمام الجميع ولا يستطيع أحد أن يفعل شيئاً، خاتمًا بجملته: «هنا لا يوجد دولة.. ونعيش فى غابة»، وأنهم لم يجلسوا مع أحد ممن يقال عنهم فى الإعلام كرجال الدين التابعين للأزهر أو من القبائل العربية".
المشهد الثالث: سائق السيارة يقف فجأه بمنطقة «خور عواضة» قائلا: «ده أخرى لو دخلت هموت»، وبمجرد النزول فى منطقة الهلايلة التف حولنا كثيرون يسألوننا عن هويتنا ووسيلتنا الصحفية، لكن الدليل الذى هاتفهم وخصص لنا أحدًا منهم لاصطحابنا وفر عنا الكثير من المتاعب، وبدخولنا لمبنى كبير يسمونه «جمعية بنى هلال» حيث تتجمع القبيلة، وجدنا بعضهم يحتجز 3 مصورين صحفيين لأنهم لم يأتوا مع دليل من القبيلة، حمدى حجاج شاب أربعينى ينتمى للهلايلة والذى أصر على أن يؤكد لنا أن قبيلة الهلايلة لها أصول عربية موجودة بأسوان ومحافظات الصعيد وعددهم يقترب من 120 ألف نسمة، ولهم علاقات طيبة مع النوبيين والقبائل الأخرى، ويقول عن المعركة: «أبناء دابود كتبوا عبارات مسيئة لنا على الحوائط، فقام شبابنا بمسحها وكتابة عبارات ضدهم، وقام أحد المدرسين بفتح البوابة لتتحول الساحة إلى حرب بالحجارة حتى هدأت المعركة ببيان مصالحة بين كبار العائلتين، ثم فوجئنا بانتقال العبارات المسيئة من جديد على جدران منازلنا، فذهبنا نشكو لرئيس جمعية النوبيين والذى قال لنا «اللى تلقوه بيكتب عندكم اضربوه».
مضيفًا بأنه مع بداية المعركة ووفاة 3 من أبناء دابود، الذين قاموا بخطف 4 رهائن من نسائنا وأبنائنا، وكان بحوزتنا أيضًا أسرى من نسائهم وأبنائهم، وتدخلت الجهات الأمنية وقمنا بتبادل الأسرى على أرض محايدة، ثم بدأت المعركة وقتلوا منا 15 شخصا وتم التمثيل بجثثهم منهم 12 مذبوحين وجماجمهم مهشمة، ولذلك اتصلنا بالمطافى والإسعاف الذين رفضوا التدخل، فقام أبناء دابود بتحميلهم على عربة كارو وقاموا بتصويرهم وطافوا بهم وزغردت نساؤهم، متسائلا: هل لو كنا من تجار السلاح والمخدرات ولنا علاقات أمنية.. فهل كان يقتل منا 15، ونصمت على ذلك؟!
يتدخل معا فى الحديث، محمد بلمون، تاجر، وأحد كبار عائلة الهلايلة، ويقول: إن النوبيين دخلوا المقابر خلال دفن الجثث ومعهم أسلحة جرينوف، مضيفًا بأنهم لن يشفى غليل أبناء بنى هلال إلا بتقديم القتله للقضاء، متوعدًا بأنه لن تضيع نقطة دم هدراً، حتى لو قدم أبناء دابود لهم «دية» مؤكدًا بأنهم لو جمعوا أموال العالم لدفع الدية عن واحد فقط من قبيلته، فلن يقبلوا تلك الأموال «الدية»، وعن مستقبل الهدنة واحتمال مدها لشهر آخر، يقول «لو التزموا فنحن ملتزمون، ولو حدث غير ذلك فلا يلومنا أحد».
رجب حسين الهلالى، رجل خمسينى من كبار قبيلة الهلايلة، يوضح أنه لن يسمح للداخلية ولا لأى أحد آخر أن يتم القبض على فرد من أفراد عائلته، قائلا «لو أرادوا لأخذوا القبيلة بأجمعها»، لأن أبناءهم دافعوا عن شرفهم.
يتدخل شاب عشرينى بصوت ثقيل وجهورى ويقاطع الجميع قائلا «كنا بناكل عيش، ودلوقتى هناكل جثث»، ثم يخرجه الجميع من المكان لكى لا يتحدث من جديد.
محمد النوبى – وهذا اسمه كما طلب أن نذكره- يقول إنه كان أحد المشاركين فى المعركة انتقامًا للشرف، ويؤكد بأن هناك ما يقترب من 15 جثة أخرى لا يعلم الإعلام أو السلطات أو الكثيرون من أهالى المنطقة عنهم شيئاً، حيث قام الهلايلة بدفنهم بسرعة دون الإعلان عنهم لكى لا يزيد أرقام قتلاهم وتكون فضيحة كبرى لهم بين القبائل ويحل العار عليهم، كما أنه يوضح بأن الهلايلة يجهزون لمعركة كبرى بعد انتهاء الهدنة وأنهم يمتلكون ثلاث قطع جرنوف أعلى منازلهم بمنطقة «زرزارة» التى يسكنوها، لكنه أوضح أنهم لم يصمتوا عليهم كثيرًا وأنهم يقومون فى الوقت الحالى بتجميع أقاربهم من مراكز كلابشه وإدفو وكوم امبو بأسوان لطرد قبائل الهلايلة من أسوان نهائيًا فى حال بداية المعركة من جديد.
المشهد الرابع: «سلمت إبنى بإيدى للشرطة خوفًا من قتله والتمثيل بجثته» لفظتها «أم بسام» سيدة نوبية تنتمى لقبيلة «بركاب» التى تسكن بين بنى دابود وبنى هلال، والتى التقينها فى قطار العودة، حيث أكدت أن الفقر والجهل والتكدس والبطالة هى أسباب تلك المعركة، وأنها تحاول الآن أن تنجو بالباقين من أبنائها قبل نشوب المعركة من جديد، وسردت قائلة أن نجلها بسام ذا 18 عامًا غواه واصطحبه بعض الشباب لجمع السلاح المتساقط من المعركة لتسليمه لأصحابه، لكنه طمع فى السلاح لنفسه وجاء به فى المنزل ليحمينا مما قد يفتك بنا، لكن الهلايلة تتبعوه وحاولوا الإمساك به وقتله إلا أن عائلتنا منعتهم، فاتصلت بالشرطة وأبلغت عن ابنى وأخذوه بالسلاح أمام عينى كى لا يقتله الهلايلة لأنه معه سلاح عدوهم من أولاد دابود، وتم حبسه والتحقيق معه، ولا أعرف عنه شيئًا الآن.
أم بسام تؤكد أن المعركة والحرب ستأتى لا محالة بين القبيلتين مهما طالت الهدنة، وتؤكد أن ثلثى راكبى القطار نوبيين من منطقة السيل الريفى والشعبية وتعرفهم بالاسم أخذوا أبناءهم وهربوا بهم راحلين إلى الإسكندرية والقاهرة خوفًا عليهم من النيران القادمة، قائلة إنه لا مستقبل فى القرية من جديد فالأطفال سيتصارعون مع بعضهم من جديد فى المدارس وستحدث مجازر جديدة، لذلك حملت ابنيها الباقيين ورحلت بهما عند أقارب لها بالقاهرة لتتركهما وتعود بعد ذلك بمفردها، موضحة بأنه منذ بداية المجزرة وكل المنازل فى أسوان يعتليها شباب يحملون السلاح ويعمل بدوريات خوفًا من السرقات ومما قد يحدث فى أى لحظة.
الحاله «26» هل تعيد المجزرة من جديد
بعدما علم الجميع أن عدد الضحايا من العائلتين 25 قتيلاً، إلا أن شبح الموت أراد أن يكون هناك مزيد من الموتى، فقد ارتفعت الحصيلة إلى 26 قتيلا بعد وفاة أحد المصابين المنتمى لقبيلة «الهلايلة» متأثرا بإصابته بحروق بلغت أكثر من 90% خلال تواجده بمستشى أسوان الجامعى، والذى يدعى «شاذلى شحات خليل» ويبلغ من العمر 22 سنة، وبذلك يكون عدد ضحايا الهلايلة 17 فردا، وضحايا بنى دابود 7 أفراد.

من جانبه أعلن وكيل وزارة التربية والتعليم فى أسوان، محمد عبده، إغلاق 80 مدرسة بصورة تامة، من ضمنهم 25 مدرسة متواجدة بمحيط الاشتباكات بالسيل الريفى والمنطقة الشعبية، مضيفًا أن ال55 مدرسة الباقية سيكون المدرسون هم الحاضرين فقط بلا تلاميذ، وتم تأجيل امتحانات الميت ترم للأسبوع المقبل، بالإضافة إلى توزيع أعمال السنة على شهرين فقط وليس 3 شهور كما كان يحدث فى الماضي، ليس هذا فقط، بل أيضًا سيتم وضع الامتحانات طبقًا لظروف كل مدرسة على حدة ولن تكون الامتحانات موحدة على مستوى المركز أو المحافظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.