منذ عصر الأربعاء الماضي، وأسوان تعيش كابوسا ثقيلا، تجرعت مرارته مصر كلها.. خلاف عابر بين أسرتين بسبب عبارات مسيئة كتبها بعض الصبية من هنا وهناك، تحولت إلى شرارة حارقة أشعلت النار بين الجانبين، وراح ضحيتها من الأسرتين 25 قتيلا و35 مصابا، ومازالت النار تكمن تحت الرماد حتى الآن!. ورغم الجهود الحكومية والأمنية المكثفة، فإن الأزمة تريد حلا آخر.. حلا غير تقليدى لا تأتى به لجنة تقصى حقائق.، أو جلسة عرف، وإنما مكاشفة واضحة لجذور الخلاف، وطرح المشكلة من باب الفتنة بعيدا عن الثأر أو النزاع القبلي!«الأهرام» من جانبها تفتح ملف هذه الأزمة، من خلال شهود العيان هناك، ورؤية الأجهزة المسئولة الممثلة فى محافظ أسوان، فضلا عن الجذور العرقية للأطراف المتنازعة، إلى جانب صورة قلمية للدكتور مأمور فندي، إيمانا منها أن المعلومة الدقيقة لحقيقة ما جرى تساعد كثيرا فى الوصول إلى حل، خاصة وأن ما يجرى بين الهلايل والدابودية فى أسوان هو فتنة وطن الكتابات المسيئة ..عنوان المذبحة .. عبارات مهينة طعنت شرف العائلتين وأشعلت النيران فى أسوان عبارات مسيئة تطعن فى شرف عائلتين بمدينة أسوان كانت عنوانا كتبه طلاب مدارس لاتتجاوز أعمارهم العشرين عاما، لتحفر بركا من الدم بين رجال ونساء وأطفال. كابوس طويل عاشته محافظة أسوان وتجرعت مرارته مصر بأكملها فى أحداث ومشاهد لن تنسى من الذاكرة بسهولة بسبب بشاعتها. هذا الكابوس المتمثل فى الاشتباكات والمجزرة بين عائلتى الهلايل والدابودية فى أسوان بمنطقة «السيل الريفي» إحدى المناطق الشعبية أو بمعنى أدق فى عشوائيات شرق أسوان. ذلك المشهد المأساوى الذى أصاب أبناء مصر بالذهول التام بسبب كثرة الدماء التى أريقت والتى نزفتها جثث وأجسام قتلى وجرحى من طرفى الاشتباكات بلغت 25 قتيلا وأكثر من 55 مصابا، باستخدام المولوتوف وطلقات الرصاص الحى والذبح بالسلاح الأبيض. الاشتباكات التى بدأت بعد صلاة الجمعة الماضية وكانت بداية المجزرة انطلقت شرارتها الأولى قبلها بيومين (فى الأربعاء الماضي) عندما كتب بعض طلاب عائلة «الدابودية» عبارات مسيئة على جدران مدرسة الثانوية الصناعية «الخمس سنوات» التى تضم طلابا من عائلتى الهلايل والدابودية وذلك بكتابة عبارات ضد طلبة عائلة الهلايل تطعن فى شرف الأسرة (منها على ما يتردد بين أهالى قبائل أسوان من أن فئة من الهلايل يطلق عليهم «الجمص» يعملون فى الأعمال المتدنية منذ قدومهم من محافظتى سوهاج وقنا منذ سنوات طويلة، حيث يعملون فى بيع البرسيم والألبان وهى الأعمال التى إشتهروا بها). ولكى يرد الهلايلة على الألفاظ الجارحة قاموا بتجميع بعض الشباب من خارج المدرسة إلى جانب من هم يتبعونهم داخل المدرسة وهاجموا طلاب الدابودية بالطوب والحجارة فى معركة أدت إلى توقف الدراسة منذ ذلك اليوم. ولم يكتف شباب الهلايلة بذلك بعد هدوء الأجواء مرة أخرى مساء الأربعاء حتى صباح الجمعة تجمعوا عقب صلاة الجمعة وأطلقوا الرصاص الحى على جميع الخارجين من المساجد من عائلة الدابودية مما تسبب فى مقتل ثلاثة أشخاص منهم سيدة وإصابة نحو 23 شخصا تم نقلهم لمستشفى أسوان العام. وهناك بدأ يتجمع أفراد العائلة الأخرى فى نجع (منطقة) الشعبية وتخطوا الحواجز الأمنية وجميع الكردونات التى فرضها الأمن وأيضا على كل المبادرات التى طرحت من قيادات الأمن تجنبا لتجدد الاشتباكات مرة أخرى. المحافظ يتدخل وفى صباح السبت الماضى عقد محافظ أسوان يسرى مصطفى اجتماعا عاجلا مع القيادات العسكرية والأمنية والشعبية لسرعة إحتواء الاشتباكات، حيث أجرى المحافظ اتصالا هاتفيا بالفريق أول صدقى صبحى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربى طالبه بالدفع بتشكيلات القوات المسلحة فى منطقة الاشتباكات لمساندة جهود الشرطة فى السيطرة على الموقف. وأكد الجميع هناك أن هذه الفتنة وراءها أياد فنية قاموا بإشعالها من خلال استغلال حداثة السن للنشء والشباب، وهو الأمر الذى يحتاج إلى المحاكمة وتوخى الحذر مع أى محاولات لتفتيت الجبهة الداخلية ووحدة الصف. ومن جانبها قامت قوات الشرطة بفرض كردون أمنى بمنطقة الأحداث وحاولت استدعاء كبار العائلتين لانهاء الأزمة وتمكنت من ضبط ثلاثة أشخاص ينتمون لقبيلة «بنى هلال» وعاينت النيابة جثث المتوفين، وصرحت بدفنها بعد استدعاء الطب الشرعى لتشريح الجثث. معركة فجر السبت لم تهدأ نار الثأر لدى عائلة الدابودية، حيث استغل شباب العائلة انشغال كبار عائلتهم بدفن جثث الضحايا، وقاموا بتجميع أنفسهم بالعشرات وهجموا قبل فجر السبت بالأسلحة النارية، وزجاجات المولوتوف على منازل بنى هلال واستمرت الاشتباكات حتى الساعات الأولى من الصباح وانتهت بمصرع عدد 14 شخصا من الهلايل وشخص واحد من الدابوديين وتنوعت أسباب الوفاة ما بين طلقات نارية وطعنات وذبح بين الرجال والنساء والأطفال. وفى نحو الثامنة صباح السبت أشعل الهلايل فى محاولة للأخذ بالثأر مرة أخري، حيث أشعلوا النيران فى منزل مكون من ثلاثة طوابق لمنزل من دابود، ونتج عن تجدد الاشتباكات وقوع 3 قتلى جدد لترتفع الحصيلة النهائية إلى 24 قتيلا واصابة 52 آخرين واحتراق 16 منزلا. وفى صباح اليوم التالى أبلغ قسم شرطة ثان أسوان بحدوث مشاجرة بشارع كلية التربية والمدارس بسبب معاكسة فتاة والتحرش بها لفظيا، وبانتقال القوات والفحص تبين حدوث مشاجرة بين طلبة ينتمون إلى الدابوديين من أبناء النوبة و آخرين من الهلايل بسبب معاكسة إحدى الفتيات وقيام كل من الطرفين بكتابة عبارات مسئية ضد الطرف الآخر. وتمكنت قوات الشرطة من الفصل بينهم، كما تم احتواء الموقف من خلال التنسيق مع القيادات الشعبية وكبار رءوس العائلات من الطرفين. ولكنه بتاريخ 4 أبريل رصدت المتابعات الأمنية قيام الطرفين بعقد جلسة عرفية بمنطقة غرب السيل حدثت مشادة تطورت إلى مشاجرة تبادلوا فيها إطلاق الأعيرة النارية، مما أسفر عن وفاة 4 وإصابة 9 وتمكنت قوات الشرطة من ضبط 3 متهمين. شاهد عيان وقال محمد عزمى المحامى والحقوقى وشاهد عيان على مجزرة أسوان إن المشكلة كانت بين الهلايلة النازحين الجدد لمحافظة أسوان الذين سكنوا المناطق العشوائية وبين طلاب من أهالى دابود فى أسوان. وأضاف انه على أثر ذلك قام شخص من الهلايلة بإطلاق نار عشوائى على الطلبة مما أدى إلى سقوط امرأة نوبية، وهو ما أشعل حالة الاحتقان فى القبيلة النوبية، فذهبوا إلى بيوت الهلايلة وأشعلوا النيران فيها. وفى اليوم الثانى هجم الهلايلة على منزل أحد النوبيين وذبحوا من فيه.. ولم تستطع الشرطة أن تفعل شيئا.