أول جمعة من شهر إبريل، تتجمع كل القلوب الخيّرة والرحيمة لتحتفل مع الطفل اليتيم بعيده الذى أصبح مناسبة سنوية وعيدا خاصا له، تحتفل معهم فى جو ملىء بالحب والحنان والسعادة، وسط الهدايا واللعب والعروض المسرحية والأغانى والأراجوز، ومشاركتهم الغداء على طاولة واحدة تعبيراً عن حق اليتيم علينا فى هذا اليوم الذى نحتفل به جميعاً مع كل يتيم. وبعد انتهاء اليوم، وانتهاء الاحتفال السنوى، تُغلق الأنوار وتُسدل الستار مع أحضان الزوار للأطفال لتوديعهم بدموع الحنان والحب ومشاركتهم ظروفهم، وتمنياتهم القلبية بالنجاح فى حياتهم والتفوق فى دراستهم، على أمل أن يلتقوا مرة أخرى العام القادم فى نفس الموعد (يوم اليتيم). ويعود الطفل اليتيم حيث كان، يعود إلى فراشه يتذكر أحداث اليوم من لعب وضحك وسعادة وشعور بالحب والاهتمام من غيره، ويتمنى أن تمر هذه السنة سريعاً حتى يأتى هذا اليوم مجدداً ويتكرر الاحتفال بعيده مرة أخرى. من هنا نبدأ الحكاية.. حكاية الطفل اليتيم الذى استيقظ يوماً ووجد والديه رحلوا عن الدنيا وكل أهله قد تخلوا عنه، وألقوا به فى الطريق بلا مأوى أو شىء يدل على هُويته، وتلقته القطط والكلاب فى ظلام الليل، وكاد أن يكون عشاءها، لولا أن امتدت يد القدر لتنتشله من بين أنيابها وتذهب به إلى مكان آخر، وهو قسم الشرطة، ليحرروا له محضر العثور عليه، ويضعوا له اسماً لأب مجهول وأم لن يجدها أبدا. لا يسأل أحد عليه وإن جاء وتعلق به، يتركه ظناً أنهم يسعدونه ولا يعلمون أنهم يتعسونه ويشعرونه أنه سلعة يرونها ثم يدفعون ثمن رؤيتها ويرجعون بعد عام أو يذهبون بلا رجعة. ورغم ذلك يحارب حتى ينتصر على ظروفه، وكلما يضع أحد عقبة فى طريقه، حاول الوقوف مرة أخرى ليصنع له مكانه بالمجتمع الذى لم يرحم ضعفه صغيراً ولا انكساره كبيرا، وعندما ظن أنه وصل بعد طول الطريق يجدهم يقولون له عفواً ليس لك مكاناً بيننا فأنت لا أصل لك! هل تستطيع أن تصف لى إحساسك ومدى الظلم الذى تشعر به فى هذه اللحظة؟ هل من الممكن أن تكون إنسانا صالحا منتجا يحب مجتمعه؟ هل ستكتفى بيوم واحد فى العام؟ سؤال نقف عنده ونترك الإجابة لقلبك وإحساسك، فإن شعرت إنه لا يستحق سوى يوم واحد فقط فى السنة، فداوم على هذا اليوم, وإن شعرت باحتياجه لعطفك وحنانك أكثر من هذا اليوم، فزد من عدد الأيام, وإن شعرت باحتياجه لحبك واحتوائك وإحساس الأسرة معك، كل يوم، فانطلق معه ولا تتردد, حتى تعوضه عما فقده من رعاية وحنان وإحساس بالأمان. فمن سيقوم بدور الأسرة فى تنشيط هذا الطفل، وتقويم هذا الشاب وتعليمه دينه وعادات وتقاليد مجتمعه, فإذا ذهبت الأسرة ولم يقم بديل بدورها, فماذا ننتظر من هذا الطفل سوى العدوان؟ وفى النهاية تذكر معى إنها كلمة مش بتتقال، ولكن على القلب بتتحس، بتروحوا تزوروا الأطفال والهدف يوم واحد وبس. كل سنة وأنت يتيم