اهتم الكاتب الأمريكى اليهودى الشهير روجر كوهين فى مقاله على صفحات جريدة نيويورك تايمز المعنون "هدنة الشرق الأوسط" بالتعليق على جمود عملية السلام وتعثر جهود الإدارة الأمريكية للتوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين. واعترف كوهين فى مستهل مقاله، بأنه أصبح يشعر بالتشاؤم إزاء فض الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، وبدأ يتفق مع تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلى، أفيجدور ليبرمان التى تقول "من يقول إنه يمكن التوصل إلى اتفاق خلال السنوات القليلة المقبلة لتضع نهاية للصراع، لا يعى بكل بساطة الموقف بل وينشر الأوهام". ويقول كوهين إن أوباما أخطأ عندما اعتقد أنه يستطيع إكمال مسيرة الرئيس الأمريكى الأسبق، بيل كلينتون فى عام 2000، وأن فكرة الأرض مقابل السلام ستنجح. حاول الرئيس الأمريكى، باراك أوباما جاهداً ضخ الحياة مجدداً إلى مباحثات السلام عن طريق مواجهة إسرائيل ومطالبتها بوقف بناء المستوطنات، ومن ناحية أخرى إقناع الفلسطينيين باستئناف المفاوضات، والتواصل مع العالم الإسلامى، ولكن مع الأسف فشلت هذه الجهود، بل وأسفرت عن إبعاد إسرائيل، وفقدان أوباما لشعبيته هناك، ودفع محمود عباس، زعيم السلطة الفلسطينية، إلى الاستقالة. لذا يرى الكاتب أن الوقت قد حان لوضع إستراتيجية أمريكية جديدة لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط. ويرى كوهين أن هناك أخطاء تكتيكية بينهما تردد الولاياتالمتحدةالأمريكية فى قبول "ضبط النفس" الإسرائيلى بشأن بناء المزيد من المستوطنات بدلا من وقف بنائها بالكامل، ولكن الخطأ الأعمق كان خطأ إستراتيجياً، والمتمثل فى اعتقاد أوباما أنه يستطيع تحقيق حل الدولتين، وذلك لأن هذا المنهج تغاضى عن ندوب العقد السابق العميقة والمتمثلة فى قتل 992 إسرائيلى و3399 فلسطينى فى الوقت بين اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 وعام 2006، واحتلال الجيش الإسرائيلى القاسى لمعظم أراضى الضفة الغربية، واستيلاء حماس العنيف على مقاليد السلطة فى غزة وانتشار المستوطنات فى الضفة الغربية، وبناء إسرائيل للجدار العازل لحمايتها من الهجمات الانتحارية، ولكنه أسفر فى نهاية الأمر عن تدمير حياة الفلسطينيين وأصبح، بكلمات المحامى الإسرائيلى مايكل سفارد، "جزء لا يتجزأ من خطة التسوية الموضوعة للضفة الغربية". ويقول الكاتب إن هذه التطورات لم تكن صغيرة، فهى غيرت شكل الشرق الأوسط الخارجى، ولكن الأهم من ذلك، فقد غيرت سيكولوجية الأنصار نفسهم، فالإسرائيليون أحاطوا أنفسهم بسور وأبعدوا أنفسهم عن الفلسطينيين، لذا فهم ليسوا مهتمين بعقد اتفاق مع شعب قلما يرونه. ويعتقد كوهين أن أوباما يغفل عبرات التاريخ، التى تؤكد أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى اليمنى، بنامين نتانياهو لن تحيد عن نمط بناء المزيد من المستوطنات الذى بدأته إسرائيل عام 1967. لذا يخلص الكاتب إلى أن السلام والجدار لا يتفقان معاً، ولكن التوصل إلى هدنة مع وجود الجدار أمر قد ينجح، بل أفضل ما يمكن التوصل إليه فى الوقت الراهن، على حد قول الكاتب. وينصح الرئيس أوباما بالتوقف عن التحدث عن السلام الذى لا يغنى ولا يسمن من جوع، وأن يبدأ بالتحدث عن انفراجة جديدة. ويختم روجر كوهين مقاله ناقلاً قول المؤلف الإسرائيلى، ديفيد جروسمان "نحن نمتلك عشرات القنابل الذرية، والدبابات، والطائرات، ونقوم بمواجهة هؤلاء الذين لا يمتلكون أى من هذه الأسلحة. ومع ذلك، نبقى فى أذهاننا الضحايا. وعدم القدرة هذه على إدراك أنفسنا بالمقارنة مع الآخرين هو ضعفنا الرئيسى". للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.