قدمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فى 13 مارس 2014، تقريرها عن مصر للعرض الدورى الشامل للمجلس الدولى لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة لسنة 2014، وذلك لمناقشته فى جلسته الخاصة بمصر فى أكتوبر المقبل. يذكر أن المجلس، كان قد ناقش التقرير الدولى الخاص بمصر لسنة 2010، حيث اعتمد العديد من التوصيات بشأنها، بلغ عددها 165 توصية قبلت الحكومة 140 توصية، وذلك فى فبراير 2010، إلا أنه مع ذلك لم تلتزم الحكومة المصرية بمعظم هذه التوصيات، إذ أنها لم تقم بتعديل قانون الجمعيات الأهلية، أو تلتزم بأغلب التوصيات المتعلقة بحقوق المرأة، كما لم تلتزم الحكومة بالتوصيات الخاصة بإصلاح المواد الخاصة بالتعذيب فى قانون العقوبات، حيث ماازال هناك حاجة إلى تعديل التشريعات المعنية بالتعذيب لتتفق مع اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب، ومع دستور 2014. ويأتى تقرير المنظمة لهذا العام متناولًا عدة نقاط أساسية حول الوضع الحقوقى فى مصر، لاسيما منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وحتى تاريخ كتابته، ومن أهم هذه النقاط التطور التشريعى، وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، والحق فى سلامة الجسد من التعذيب، وأوضاع السجون، والتوسع فى الحبس الاحتياطى، والاختفاء القسرى. وأكد تقرير المنظمة أنه من التطورات الإيجابية إصدار القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر، الذى يتبنى منهجًا شاملًا فى التصدى لهذه الجريمة، إلغاء العمل بقانون الطوارئ، وصدور دستور 2014 الذى تضمن حزمة من المواد الخاصة بحقوق الإنسان، إلا أنه حتى الآن وتاريخ التقرير لم يتم تعديل التشريعات والقوانين لتعزيز حقوق الإنسان ومنها قانون مكافحة التعذيب. وأعربت عن إدانتها الشديدة لمجموعة الأحداث الإرهابية التى شهدتها مصر لا سيما خلال الفترة التى عقبت ثلاثين يونيو 2013 وحدوث العديد من الأعمال الإرهابية، ومن ثم طالبت المنظمة الحكومة الالتزام بالقانون والمعايير الدولية فى إصدار قرارات خاصة بتصنيف المنظمات الإرهابية. وقالت إنه لم يحدث تطور تشريعى مناسب يضع التدابير والإجراءات الفعالة لحماية الأشخاص من التعرض للتعذيب، بل لازالت التشريعات القائمة والإجراءات قاصرة، وكانت قد رصدت المنظمة حوالى (53) حالة تعذيب فى عام 2010، و(694) حالة تعذيب فى عام 2011، وبعد الثورة وخلال عام 2012 رصدت المنظمة نحو (165) حالة لتعذيب المواطنين داخل أقسام الشرطة، وقد ارتفعت هذه الظاهرة إلى حد بعيد فى عهد الرئيس المعزول، فقد توفى أكثر من 143 قتيلا. وعن أوضاع السجون، أشارت المنظمة إلى أن هناك بعض العوامل الأساسية التى أسهمت فى تردى أوضاع السجناء ومن بينها "سوء التغذية- التكدس داخل الزنازين – عدم توافر التهوية الكافية- انتشار بعض الأمراض الوبائية والصدرية – المنع من الزيارة – المنع من التعليم – سوء المعاملة – معاناة أسر النزلاء أثناء الزيارات". كما أكدت أن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 يشكل اعتداءً على ضمانات وحقوق المتهم التى نصت عليها وراعتها المواثيق والتشريعات الدولية, التى أكدت على ضرورة تقييد الحبس الاحتياطى باعتباره تدبيرا احترازيا لضمان سلامة التحقيقات. وعن الاختفاء القسرى، قال التقرير إن القانون المصرى لا يتضمن نصاً قانونياً مباشراً بتعريف الاختفاء القسرى أو تجريمه وفرض العقاب على مرتكبى أعمال الاختفاء القسرى،كما أن العقوبات المنصوص عليها فى حالة القبض على الشخص أو احتجازه بدن وجه حق ضعيفة. وأشار إلى أنه لا زال العمل بالقانون رقم(84) لسنة 2002 ولائحته التنفيذية قائمًا ويستمر العمل بهما، الأمر الذى لا يضيف أى تطور على ساحة المجتمع المدنى بل ويعيق حركتها وحقها فى القيام بأنشطتها من خلال ما بفرضة القانون من قيود تحول دون ذلك. وأضاف أن العديد من القوانين فى المنظومة التشريعية تمثل إعاقة كبرى لهذا الحق، منها قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 ,قانون الاحتجاجات والمظاهرات رقم 14 لسنة 1923، القرار بقانون رقم 107لسنة 2013 بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية فى نوفمبر 2013 لينظم الحق فى التجمع السلمى والتظاهر وهو مايعصف بالمبادئ الدستورية الواردة فى دستور 2014. وأوضح التقرير الحقوقى، أن الأعوام السابقة شهدت حوادث تطرف دينى ضد الأقباط أو الشيعة كان يجب على الحكومة أن تعالج هذه الأمور وهى فى طور مهدها قبل أن تتفاقم على الساحة، كما شهد عام 2011 انتهاكات واضحة لحرية الرأى والتعبير وخاصة خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير، وبعد تولى الرئيس السابق محمد مرسى الحكم ازدادت الصورة قتامة، إذ كان هناك صياغة لدستور لتقييد حرية التعبير. وعن الحق فى المحاكمة العادلة والمنصفة قال التقرير:" نظام مبارك دأب على استخدام سلاح المحاكم العسكرية فى وجه خصومه، وبعد سقوط النظام استمرت إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وكان قد نص دستور 2014 على إمكانية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، لكن المادة الحالية تحدد بشكل أكثر دقة الجرائم التى يحال فيها مدنيون إلى محاكم عسكرية". وأوضح التقرير، أن الترسانة التشريعية على الصعيد المصرى مازالت تعج بالعديد من التشريعات التى تكرس التمييز ضد المرأة، وعلى رأسها قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003، إلا أن دستور2014 ينص على منح المرأة مزيد من الحقوق السياسية للمرأة. وفى مجال مكافحة الإتجار بالبشر، أوضح أن المهاجرين الأفارقة إلى مصر يتعرضون لانتهاكات شتى بدءاً من الاحتيال من عصابات التهريب مروراً بقسوة الصحراء، وصولاً لانتظار الوقت الملائم إلى إسرائيل واحتمال قتلهم بالرصاص، أو اعتقالهم فى مصر وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للبند الثانى من المادة 33 من اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين. وشددت المنظمة على ضرورة تعديل قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية فيما يخص الجرائم الانتخابية، بما يتيح إمكانية رفع الدعوى المباشرة ضد الموظفين العموميين الذين يرتكبون الجرائم أثناء سير العملية الانتخابية أو المتعلقة بها للتأثير على نزاهة الانتخابات.