فى مشهد فنى بديع، تتقابل فيه أرض الأجداد، بالسماء الصافية، بالطبيعة الخلابة من البحيرات والخضرة، والجبال، تقف أعمالاً فنية غاية فى الإبداع، هى المنحوتات الصخرية، التى شكلها الفنانين المصريين والأجانب، فى محاولة رائعة لإعادة إحياء هذا الفن الرفيع الذى تميزت به الحضارة المصرية القديمة، وذلك من خلال سيمبوزيوم أسوان الدولى لفن النحت، الذى تنظمه صندوق التنمية الثقافية بشكل سنوى بهدف معايشة فن النحت القديم بالحديث وإحتكاك الفن المصرى بالأجنبى، والذى يسهم فى استلهام فنون التاريخ القديم وربطه بالفن الحديث، بالإضافة إلى الترويج السياحى لمدينة أسوان التى تعد أحد أهم المدن السياحية والأثرية فى مصر والعالم. وفى المتحف المفتوح بأسوان، تستقر المنحوتات التى حصرها السيمبوزيوم فى الأعوام الماضية إلى جانب الصخور الطبيعية الموجودة التى لم يمسها يد البشر، لتتعايش فى سلام مع هذه المنحوتات الحديثة دون تنافر، بل وتعمل إلى درجة كبيرة على استيعابها وتوحدها، مثلما وصفها الفنان المبدع آدم حنين. هذا المتحف الممتد فى الفراغ من جميع الجهات، لا يحده سور أو جدار، يقع فى طريق الشلال بمدينة أسوان، مطلاً على البحيرة القديمة المحصورة بين خزان أسوان، والسد العالى، وكما يقول عنه الفنان عصام درويش، صنعته أيادى الفنانين من جميع أنحاء العالم بإبداعاتهم المختلفة بدافع من الرغبة والحب، وبأمل أن تستقر أعمالهم على أرض مصر، وخاصة مدينة أسوان سحر الزمان وسحر المكان. هذا المكان لا تستطيع أن تقف فيه وتتجول، إلا وتنتابك مشاعر البهجة، والانبهار بما صنعه الفنانون من تحويل كتل حجرية صماء إلى أشكالا فنية غاية فى الجمال، فتقول بداخلك سبحان الذى جعل هؤلاء الفنانون الذين واجهوا صعوبات وبذلوا جهدًا كبيرًا لصنع هذه المنحوتات. والجميل فى الأمر أن المتحف المفتوح شاهدًا على جهد متواصل ومستمر على مدار 19 عامًا، هى محصلة أكثر من 250 عملاً نحتياً متنوعًا، منها 137 عملاً فى أرضه، و27 فى بعض الميادين والطريق المؤدى ليه، و24 عملاً موزعة على 7 مدن من شمال القنطرة إلى جنوبه. هذه الأعمال أبدعها فنانون مصريون وعرب وأجانب، إذ اشترك من الفنانين المصريين أكثر من 50 نحاتًا على الجرانيت فى سابقة تعد الأولى من نوعها فى تاريخ النحت المصرى الحديث، لتعود حركة النحت المصرى المعاصر إلى الساحة العالمية قوية ومتألقة من جديد، مثلما يؤكد الفنان عصام درويش. وتنبهر عندما تعلم أنه شارك فى نحت هذه الأعمال من الفنانين الأجانب حوالى 132 فنانًا من أهم فنانى العالم فى النحت يمثلون 44 دولة، آملين بذلك أن تشهد مصر متحفًا من أكبر وأهم متاحف العالم للنحت المعاصر فى مدينة أسوان.