المؤكد فى الأزمة المصرية القطرية، أن القاهرة لم تتأخر فى قرار استدعاء سفيرها لدى الدوحة، فالسفير محمد مرسى، موجود فى القاهرة منذ نهاية يناير الماضى، بناء على طلب من وزارة الخارجية، لكن الخطأ الذى وقعت فيه الحكومة المصرية ووزارة الخارجية أنها لم تعلن ذلك رسميا فى حينه، فتركت الباب مواربا للتكهنات، بأن السفير موجود فى إجازة أو أنه مستدعى، ولم تحسم الأمر فى وقته، وربما تكون الدولة المصرية لديها العذر فى عدم الإعلان عن استدعاء مرسى، خاصة وأن دولا عربية شقيقة مثل الكويت كانت تحاول لم الشمل، والتوصل إلى صيغة توافقية تلتزم بها قطر وترضى بها مصر ودولا عربية أخرى أصابتها التدخلات القطرية فى شئونها الداخلية، لذلك لم تشأ مصر أن تفسد هذه المحاولات للمصالحة، خاصة أنها كانت محاولات أمينة وصادقة من جانب دولة الكويت، لكن الردود القطرية على هذه المحاولات لم تكن أمينة، بل جاءت صادمة للجميع. قبل أسبوعين تقريبا وتحديدا فى الخامس والعشرين من فبراير الماضى كتبت فى "اليوم السابع" قبل أسبوع من إعلان السعودية والإماراتوالبحرين قرارها باستدعاء سفرائها من الدوحة، بأن القاهرة اتخذت قرارا رسميا باستدعاء سفيرها لدى الدوحة، وإن كان القرار غير معلن، وأن السفير موجود بالفعل بالقاهرة، وكتبت ذلك بناءً على معلومات مؤكدة، ثبت صحتها بعد إصدار وزارة الخارجية المصرية بياناً أكدت فيه أن السفير محمد مرسى موجود فى القاهرة بقرار سيادى وسياسى وأنه لن يعود إلى الدوحة. إذن فالواقع يشير إلى أن مصر اتخذت قرار السحب منذ فترة، لكن الإعلان الرسمى عنه تأخر، كما أن الأيام الماضية شهدت تشديدا فى إجراءات التعامل المصرية مع قطر والتى كان منها على سبيل المثال تغيير إجراءات منح تأشيرات الدخول للشخصيات الرسمية القطرية. ووفقا لما علمته من مصادر مطلعة فإن قرار السعودية والإماراتوالبحرين بسحب سفرائها من قطر سبقه اتصالات بين الدول الثلاثة مع القاهرة وتنسيق مسبق، خاصة أن المشكلة واحدة، وهى أن هناك دولة عربية شقيقة لا تتوانى عن التدخل والعبث بالشأن الداخلى لأشقائها العرب، مؤكدا فى الوقت ذاته أن الدول الثلاثة ثبت لديها هذا التورط بعد انتهاء التحقيقات مع الخلية الإخوانية فى الإمارات، فضلا عن حادث استشهاد ضابط إماراتى فى البحرين الذى كشفت التحقيقات عن تورط قطرى فى القضية. وبعيدا عن مسألة سحب واستدعاء السفراء، فإن القضية الآن تتركز فى السؤال التالى: وماذا بعد؟.. مصدر دبلوماسى مصرى حينما سألته عن الخطوة التى يمكن أن تتخذها مصر بعد التصعيد الأخير فى العلاقات، ومصير ما قامت به دولة الكويت على مدار الأيام الماضية لإتمام المصالحة، فرد بقوله "شروطنا معروفة ومعلومة للجميع، وإذا التزمت بها قطر فأهلا وسهلا، وإذا لم تلتزم فالحال سيبقى على ما هو، وتكون اختارت الطريق الخطأ". المصدر نفسه أكد على أن مصر كانت ولا تزال واضحة فى مواقفها، فهى سبق وحذرت من النهج القطرى تجاه مصر وبقية الدول العربية، وكانت مرحبة مع كل محاولات المصالحة، ولم ترفض ايا منها، وأن حذرت من السياسات القطرية الهدامة فى المنطقة العربية، وبعد ذلك ثبت صحة الرأى المصرى، مؤكدا على أن مصر لم تسع إلى الصدام مع دولة عربية شقيقة، لكن الدوحة تريد أن تلعب دورا أكبر منها، فهى مثل الذى يلعب بالنار ليس مع مصر فقط وإنما فى ليبيا وسوريا واليمن ودول الخليج. وكان بيان مجلس الوزراء المصرى قد أكد أن مشكلة قطر ليست مع مصر وإنما مع غالبية الدول العربية، وأن على قطر أن تحدد موقفها بوضوح، فإما أن تقف إلى جانب التضامن العربى ووحدة الصف وحماية الأمن القومى للأمة فى ظل التحديات الجسيمة التى تواجهها، أو أن تقف إلى الجانب الآخر، وعندئذ فعليها أن تتحمل تبعات ومسئولية ذلك. الأمر الآخر، المهم فى هذه الأزمة هو مصير سفير قطر فى القاهرة، سيف بن مقدم البوعينين، وهل سيبقى أم أن القاهرة ستعتبره شخصا غير مرغوب فيه، مثلما فعلت مع سفير تركيا، مع الأخذ فى الاعتبار أن البوعينين مندوبا لبلاده لدى جامعة الدول العربية. الواضح حتى الآن أن فكرة اعتبار السفير القطرى شخصا غير مرغوب فى وجوده على الأراضى المصرية وهو عقاب دبلوماسى متبع، سيدخل ضمن سلسلة الإجراءات المصرية ضد قطر إذا ما استمرت محاولات عبثها بالأمن المصرى، وأنه يدخل الآن ضمن التفكير المصرى.