أكد الدكتور وجيه يوسف، مدير مركز التراث العربى بالشرق الأوسط، أنه لا يمكن أن نفصل الدين عن الدولة، حيث إن الدين يحتوى على قيم إنسانية اجتماعية تخدم الأطر السياسة، كما أن السياسية هى أمر أنانى يمجد البشر، والدين أمر الهى يمجد الخالق، فلابد أن يحدث تلامس ما بين السياسة والدين. وأضاف فى كلمته بمؤتمر "الدين والدولة" الذى ينظمه مجلس الحوارات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية أن أهم ما طرأ على المجتمع المصرى بعد ثورة يناير هو انكسار حاجز الخوف، وخاصة للأقباط الذين أخذتهم الجرأة السياسية للمطالبة بإلغاء المادة الثانية للدستور. واستطرد يوسف، قائلاً: إن الله كلف الإنسان تكليفا حضاريا وهو "أثمروا وأكثروا وإملأوا الأرض" وهو تكليف من الله للإنسان أن يرعى الأرض وأن يعلن الإنسان سيطرته على كل أمور الله ليصبح خليفة الله على الأرض، مشيرا إلى أن التكليف هنا مرتبط بالسياسة وهو "كل ما يمت بصلة لحكم الدولة" كل ما يرتبط بالدولة هو سياسة، فالتكليف الحضارى يشمل تكليفا سياسيا وهو دور شمولى للإنسان فى كل نواحى الحياة، وهناك خطأ شائع بين الأقباط أن "ملكوت الله" هو شأن مسيحى ولكن الله سلطانه يشمل الكل ولا يوجد شىء خارج سلطته وقوته، الاهتمام بالصحة والعلوم ومساعدة الفقراء مسئولية الكنيسة وهو أمر سياسى مرتبط بالدولة. وأضاف يوسف، أن الكنيسة أول من فتح بابا لتعليم الفتيات، ومصحات للمرضى وعملت على محو الأمية، وفى ثورة يناير فتحت أبوابها كمستشفى ميدانى ومصلى للمسيحيين، وكل هذا يعد عملا سياسيا بامتياز، الدولة وحكامها خاضعة لله، وأن مناداة الكثيرين بفصل الدين عن الدولة جاء خوفاً من تشويش السياسة على لاهوت الدين، موضحا أن الدين له أبعاد عملية تشمل عادات وقيم ومبادئ نعيش بها فى المجتمع يومياً، فالدين له مدلول عميق يتعامل مع كل النواحى الإنسانية. وتساءل يوسف، هل إن كان الدين هكذا كيف نفصله عن السياسة، فهناك العديد من دول الغرب بها أحزاب دينية ولكن لم نسمع أنها أعاقت السياسة، مشددا على أنه لا يجب ألا نقلق على الديمقراطية من الدين، "فقيم الدين هى المساواة والعدالة وهى متطلبات الديمقراطية"، مؤكدا أن الدين أساس الديمقراطية، ولابد أن يتلامس الدين بقيمه مع السياسة، كما أن الإسلام والمسيحية هما دينان شموليان يتعاملان مع كل مجالات الإنسان، ونحن جماعة إنسانية واحدة والعودة للحوار العميق، حتى يتمكنا من الخروج بمبادئ سياسية مشتركة تخدم العباد والبلاد.